هذه هي إسرائيل..!!
كتب رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة
إلى العالم أجمع، هذه هي إسرائيل اليمين العنصري المتطرف، تطارد حتى النعوش وقد اغتالت من فيها، هذه هي إسرائيل الاحتلال، إسرائيل الجيش والشرطة والمستوطنين، التي تتكالب حتى على الأموات ...!! بات هذا الأمر واضحا وضوح الشمس، فهي وبعد أن اغتالت شيرين أبو عاقلة في جنين،راحت تطارد نعشها في القدس، وتعتدي عليه، وعلى أهله الذين حملوه على أكتافهم، بهتافات التمجيد للشهيدة وبعلم فلسطين يرفرف فوق النعش، راية للتحدي .
لم يعد كافيا التصريح الصحفي والإعلامي المندد ببشاعة ما فعلت إسرائيل الاحتلال ضد نعش الشهيدة شيرين، وعلى الذين صدمواجراء هذا المشهد، ولكي تتوحد المعايير الأخلاقية،ونصدق تلك المقولات الإنسانية التي يرددون، أن يترجموا الصدمة إلى موقف يحاكم، ويعاقب، ويضع حدا لهذه الأفعال الإجرامية .
طفح الكيل، ولم تعد ثمة إمكانية لأية مقولات سياسية، ولا أية ادعاءات لغوية، أن تبرر لتمرر ما جرى، ويجري ضد فلسطين وشعبها الذي تحاصر إسرائيل حياته بحواجز المنع والقمع والعسف، وبالرصاص القاتل تستهدف صدور أبنائه، وتخطف جثامين بعضهم لتحيلهم إلى أرقام في مقبرة مسيجة بالعنصرية، ولا يضيرها أن تعتدي على نعوش شهدائهم، وتعتقل حتى جرحاهم، وجرافاتها تلاحق منازلهم لتحيلها إلى ركام، ومنزل الفلسطيني كولده يبكيه وهو ينظر إلى أشلائه الممزقة .
هذه هي إسرائيل، بانت على حقيقتها تماما مصدرا للعنف الدموي العنيف وهي تدفع باستمرار هذا المنطقة إلى التفجير الشامل، والسؤال الآن ليس للمجتمع الدولي أولا، وإنما للمجتمع الإسرائيلي، ليسأل حكومته، ومؤسسات دولته، إلى أين تريد به هذه السياسات العنصرية العنيفة، وهي لا تنتج له سوى المزيد من القلق، وعدم الاستقرار، السياسات التي تأكدت على الدوام أنها لاتجدي نفعا مع الفلسطينيين فهي من عجز إلى فشل في قدرتها على كسر إرادتهم، والنيل من صمودهم، وتحدياتهم وقرارهم بالمضي في طريق الحرية والتحرر .
في القدس شاهدوا كيف توحد الفلسطينيون من حول نعش الشهيدة، وفي القدس تلمسوا الوطنية الفلسطينية التي ترحمت وصلت على الشهيدة، في المسجد، والكنيسة.
شعب فلسطين هو شعب التسامح، والتعايش، والتكامل الوطني والاجتماعي، والأمثولة الحضارية، والمسيرة النضالية التي تأسطرت ولا تزال .
على هذه الأرض وبملحها، وحقيقتها الفلسطينية، صامدون، وباقون فيها حتى الأبد مثلما كنا منذ الأزل، فهل ثم عقلاء في إسرائيل يدركون هذه الحقيقة، ويعترفون بها ليدفعوا حكامهم ونخبهم نحو سياسات الفهم، والتفهم، وسياسات الضرورة الموضوعية، والتعقل الإنسانية، التي تقود إلى السلم والاستقرار، ولأجل مستقبلهم قبل كل شيء..؟
ستظل شيرين أبو عاقلة تبث المزيد من رسائل الحقيقة، وجنازتها أعلنت ذلك، وهل ثمة أبلغ من هذه الحقيقة التي أكدتها، وهي محمولة على أكتاف أهلها والهتاف الوطني يعلو من حولها، فيما رسالة الشهيدة هي ذاتها : من القدس كانت معكم شيرين أبوعاقلة.