الذباب الإلكتروني الحمساوي ونقطة العسل الوهمية
كتب رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة
لا تضع الأحزاب الإسلاموية الشباب المسلم، في أي من دروب الخيارات الحرة، إنها تغلق عليه باب خطابها العقائدي المحرّف، والسلفي المتحجر لتضعه وعلى نحو تعسفي، بين خيارين، إما أن يكون ملحدًا، والعياذ بالله، وإما أن يكون دمويًّا ليثبت حسن إسلامه..!!! ومن هنا نفهم لماذا رمى الحمساويون زملاءهم الطلبة من الطوابق العليا لجامعة النجاح الوطنية في نابلس عام 1983 وكانوا قد تسلحوا بالسلاسل الحديدية والسكاكين...!! كما سنفهم دون أن نتفهم -بطبيعة الحال- كيف ولماذا رقص الحمساويون على جثث الضحايا من إخوتهم في غزة، وهم يصيحون الله أكبر، إبان انقلابهم العنيف على الشرعية الوطنية والدستورية هناك، قبل خمسة عشر عامًا مضت...!!
ولكم أن تشاهدوا ما يفعل الذباب الإلكتروني الحمساوي في صفحاته الإلكترونية التي باتت تتزايد هذه الأيام على نحو ملحوظ، للتحريض على المؤسسات الوطنية، الأمنية، والاجتماعية، والاقتصادية، والأكاديمية، وبدعوات صريحة للذبح والتنكيل وبخطاب لا يعرف غير لغة الكراهية لإشعال نار الفتنة والفرقة، بين أبناء الشعب الواحد، هنا في الضفة الفلسطينية، لإشاعة الفوضى، والفلتان الأمني، والدفع باتجاه الاقتتال الداخلي فيها، وإلى الحد الذي بات يهدد السلم الأهلي، وهذا أمر برسم النائب العام في هذه اللحظة، لأنه ووفق القانون الأساسي فإنّ صيانة السلم الأهلي من أولى مهمات القانون، وأهدافه المشروعة، الذي يرى أن أيّ تهديد لهذا السلم، قد يقود إلى الحرب الأهلية، التي هي الشرّ المطلق، بحكم أنها ستتحول حتما في المحصلة إلى حرب من أجل الآخرين، لا من أجل الوطن، وقضاياه الأساسية، عدا عن أنّها ستطيح بمختلف منظومات الأمن التي تجعل الحياة ممكنة، ومنتجة للناس أجمعين على اختلاف مشاربهم وضروبهم.
لكنّها نقطة عسل وهمية، هذه التي يدور من حولها الذّباب الإلكتروني الحمساوي، فلغة الكراهية لن يكون بوسعها أن تكون هي لغة الناس مهما اختلفوا والناس بصورة عامة، وفي كل مكان، حلفاء الأيام الواضحة، لا الغامضة بالفوضى والفلتان الأمني، أمّا بالنسبة لنا، فناسنا مشغولون بمقاومة الاحتلال كل على طريقته، ويرون في هذه المقاومة وضوحا لآيامهم، واستقرارا لعقيدتهم، وثوابتهم الوطنية، ناسنا لا يعرفون عدوًّا سوى الاحتلال الإسرائيلي، ونقول ناسنا، ونعني شعبنا بكل تأكيد على امتداد الوطن وأينما كانوا.
بلى إنّها نقطة عسل وهمية هذه التي يدور من حولها الذباب الإلكتروني الحمساوي، والشرعية هنا بكامل حضورها الوطني والدستوري، لن تسمح لجائحة الانقلاب الحمساوي أن تتفشى هنا في الضفة الفلسطينية المشغولة بالمقاومة، وبشجاعة لافتة، وفي كل يوم لها شهداء وجرحى. وهنا وكما يقول شاعرنا، هنا سيزرع زيتونه دمنا شجرا سيظلل أرضنا بظلال الحرية والاستقلال.