لم يكن سواه
كتب رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة
لم يكن الرئيس أبو مازن خلال المؤتمر الصحفي مع نظيره الرئيس الأميركي "جو بايدن" يوم الجمعة الماضية، في بيت لحم، لم يكن سواه الذي تعرفه فلسطين، رأس الشرعية، الوطنية والنضالية، والدستورية، والزعيم الذي لا يجامل أحدا على حساب الثوابت المبدئية، وبمواقفه التي لا تعرف تسويفا، ولا تهليلا، ولا مساومة، ولا تبديلا، أيا كان المنبر الذي يقف أمامه، ودائما بتشديد لافت وحاسم: "السلام يبدأ من فلسطين والقدس، وعلى إسرائيل أن تنهي احتلالها لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967 وللشهيدة شيرين أبو عاقلة حضورها في كلمة الرئيس أبو مازن ليعلن كمثل ولي للدم "لا بد من محاسبة قتلتها".
وفي التفاصيل أفاض الرئيس أبو مازن بكلمته في هذا المؤتمر الصحفي، في الحديث عن معاناة شعبنا جراء سياسات العنف والعسف والأبارتهايد الإسرائيلية، التي تتوغل في القتل والاعتقالات اليومية، والاستيطان، وهدم المنازل والاقتحامات العنيفة للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، وضرورة وضع حد لهذه السياسات، وللخطوات أحادية الجانب، التي تنتهك القانون الدولي، وتقوض حل الدولتين، لتمكين شعبنا من نيل حقوقه المشروعة، وفق قرارات الشرعية الدولية، وإنهاء جميع قضايا الوضع الدائم، بما فيها قضية اللاجئين الفلسطينيين، ولتعزيز العلاقات الثنائية الأميركية الفلسطينية، أكد الرئيس أبو مازن أننا نتطلع لخطوات من جانب الإدارة الأميركية، تعيد فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، ورفع منظمة التحرير الفلسطينية عن قائمة الإرهاب – نحن لسنا إرهابيين – وإعادة فتح مكتبها في واشنطن.
وباختصار شديد لم يبق الرئيس أبو مازن أمرا من أمور القضية الفلسطينية إلا وطرحه بمنتهى الوضوح والقوة والتطلع لأن يفضي ذلك إلى خلق أفق سياسي يقود إلى عودة مفاوضات السلام، ومشروع هذا السلام حاضر بما طرح الرئيس أبو مازن، التزاما بحل الدولتين، الذي أكد الرئيس الضيف "جو بايدن" بأنه الحل الأمثل للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، بما يضمن قيام دولة فلسطينية متصلة جغرافيا وقابلة للحياة، وعلى هذا ولإعلانات أميركية أخرى، أعلنها الرئيس "بايدن" ندرك أهمية زيارته لفلسطين، ولقائه مع الرئيس أبو مازن، وبكونها ستسهم في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين والشعبين الفلسطيني والأميركي كما أكد ذلك بيان الرئاسة الفلسطينية، الذي قابله بيان أميركي كمثل تحية للبيان الفلسطيني وتأكيد على ثبات موقف الإدارة الأميركية تجاه حل الدولتين.
وعلى كل هذا ايضا تتجلى مرة اخرى، واخرى، وبمنتهى الوضوح أن الرقم الفلسطيني في معادلة الصراع الممتد منذ اربعة وسبعين عاما مع اسرائيل الاحتلال، هو الرقم الصعب الذي يستحيل شطبه او تجاوزه اوالقفزعنه، وذلك لأن القرار الوطني الفلسطيني المستقل في حصونه الشرعية، وقلمه مازال وسيبقى بيد بناة هذه الحصون والحامين لها، ولا شك أن فمة جدة يوم أمس قد صادقت على حقيقة الرقم الفلسطيني الصعب. وشددت عليها دونما أي لبس أو أي تأويل أو أية مخاتلة، وهذه هي فلسطين .