بري: نريد حقل قانا كاملا "يا كله يا بلاه"
تفاؤل وحذر في لبنان قبيل زيارة هوكشتاين
بيروت- هلا سلامة- في خضم الأزمات التي يعيشها لبنان والاستحقاقات الكبيرة التي تنتظره لا سيما انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة قادرة على إيجاد خطط تحقق تعافيه الاقتصادي والاجتماعي، وليس بعيدا عن الاتفاق النووي وتأثيراته على الساحة الإقليمية ومنها لبنان، يصل مساء اليوم الأحد إلى بيروت المسؤول الأميركي آموس هوكشتاين الذي يتوسط في النزاع القائم بين لبنان ودولة الاحتلال الإسرائيلي على ترسيم الحدود البحرية في المياه الإقليمية اللبنانية الفلسطينية المشتركة، لإجراء محادثات مع المسؤولين اللبنانيين وإبلاغهم بالرد الإسرائيلي على المقترح اللبناني لترسيم الحدود.
أجواء من التفاؤل والحذر في لبنان تستبق زيارة هوكشتاين وسط تصريحات متضاربة للمسؤولين. ونقل الحساب الرسمي لوزارة الخارجية اللبنانية على "تويتر" الجمعة عن وزير الخارجية عبدالله بو حبيب أنه "متفائل بإمكانية الوصول إلى اتفاق بين لبنان وإسرائيل عبر الوساطة الأميركية من أجل ترسيم الحدود البحرية بينهما"، مضيفا أنه "لم يسبق أن كان هناك تفاؤل بالقدر الموجود اليوم".
وفيما اعتبر عضو كتلة "لبنان القوي" إبراهيم كنعان أمس السبت أن ملف ترسيم الحدود البحرية "استوى" ولبنان قام بما هو مطلوب منه واجتمع على فكرة والمفروض أن يحمل هوكشتاين معه الجواب الوافي والكافي في الساعات المقبلة، فقد صرح الرئيس نبيه بري أمس بأن لبنان يريد حقل قانا كاملا "يا كله يا بلاه".
بري وفي دردشة مع الصحفيين عن زيارة هوكشتاين المرتقبة بخصوص ترسيم الحدود قال: "غدا (اليوم الأحد) تأخذون الجواب الشافي، وإن شاء الله يكون بالذهاب للناقورة أحسن ما نروح لمحل تاني، والمتفق عليه بين الرؤساء الثلاثة هو العودة لاتفاق الإطار، لا للتازل أو التطبيع أو المساومة على ثروات لبنان مهما بلغت الضغوطات".
وفي إطار المفاوضات التي تستأنف بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي بوساطة أميركية بعد توقفها لأكثر من عام ، كان الرئيس اللبناني ميشال عون قدم للوسيط الأميركي هوكشتاين في آخر زيارة له إلى لبنان مقترحا شفهيا بشأن ترسيم الحدود مع إسرائيل، يعتمد على استرجاع حقل قانا كاملا مع تعديل الخط 23، إلا أن الجانب الاسرائيلي يحاول الاستحواذ على ثروات الغاز في البحر المتوسط وهو ينقب في حقول مثل "ليفياثان" و"دولفين" و"داليت" و"تمار" و"تانين"، وقد استقدم مؤخرا باخرة للبدء بالتنقيب في حقل جديد أطلق عليه اسم "كاريش" تعتبره بيروت أنه يقع في المنطقة المتنازع عليها وتطالب إسرائيل بالتوقف عن استخراج النفط وإخراج الحفارة منه حتى يتم التوصل إلى اتفاق.
وفي أول تصريح لها قبيل وصول هوكشتاين قالت وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الهرار في تصريح لموقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" : إن إسرائيل قدمت عرضا جادا وهو العرض الأول الذي تطرحه منذ بدء جولة المحادثات المتعلقة بترسيم الحدود.
وعلى خلفية تهديدات الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، الذي أكد خلالها أن حقول الغاز الإسرائيلية في البحر المتوسط في مرمى نيران الحزب، لفتت الهرار في حديث إذاعي إلى "أننا لا ندير مفاوضات مع نصر الله بشأن ترسيم الحدود مع لبنان، ولكن نجري تلك المفاوضات عبر الوسيط الأميركي، آموس هوكشتاين"، متمنية التوصل لاتفاق بين الطرفين، الإسرائيلي واللبناني.
وكانت إسرائيل نقلت الأربعاء الماضي اقتراحا جديدا للإدارة الأميركية بشأن الخلاف مع لبنان حول ترسيم الحدود البحرية. وزعم الموقع الإلكتروني العبري "واللا" أن إيال خولتا مستشار الأمن القومي الإسرائيلي نقل إلى البيت الأبيض موقف بلاده من قدوم المبعوث الأميركي هوكشتاين إلى بيروت، وهو الاقتراح الذي يقضي بتوزيع الأرباح من احتياطيات الغاز المحتملة في المنطقة المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل.
ومع إصرار لبنان على عدم التنازل عن حقه في النفط والغاز وعدم التطبيع مع إسرائيل حتى من خلال تقاسم الحقول النفطية، كشفت مصادر عديدة عن أن اجتماعات السفيرة الأميركية دوروثي شيا مع بعض القيادات اللبنانية في الأيام الماضية اتسمت بطابعها الإيجابي وهناك تسريبات أن إسرائيل ترحب باعتماد لبنان إحداثيات الخط 23 لحدوده البحرية الجنوبية وهو الخط الذي يطالب لبنان به كاملا بعد تراجعه عن الخط 29، لكنها تطرح مقابل القبول بحصوله على حقل "قانا" كاملا اعتماد خط متعرج نزولا باتجاه "خط هوف" وهذا يعني أن الجانب الإسرائيلي يريد مقابل المساحة التي سينالها لبنان من حصوله على حقل "قانا" أن يحصل على المساحة ذاتها شمال الخط 23 من خلال اعتماد الخط المتعرج الذي يتيح لإسرائيل قضم جزء من البلوك رقم 8 بما يمنح إسرائيل المساحة اللازمة لتسهيل مد أنبوب تصدير الغاز إلى أوروبا.
وهذا يعني أنه في حال التوصل إلى اتفاق أولي فان الأمر بحاجة إلى عودة المفاوضات غير المباشرة في منطقة الناقورة الحدودية من أجل التوافق على المسائل التقنية للخط الحدودي مع إسرائيل بموجب اتفاق الإطار الذي سبق أن تم التوصل إليه على أن يصار إلى عقد جولات من المفاوضات وصولا إلى الاتفاق النهائي بين الجانبين برعاية أممية.
يشار إلى أن لبنان يتنازع مع إسرائيل على منطقة في البحر المتوسط غنية بالنفط والغاز تبلغ مساحتها نحو 860 كيلومترا مربعا وتعرف بـ "البلوك 9"، وأن مراكز دراسات الترسيم التي كلفتها الحكومات اللبنانية المتعاقبة بوضع دراساتها واجهت صعوبات بسبب عدم توفر خرائط بحرية دقيقة وواضحة لمنطقة جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة ما أوصل إلى الترسيم غير الدقيق والخلاف بشأنه.