قبل فوات الآوان ..
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
تشعل الحرب كعادتها، هذه هي إسرائيل، تشعلها عادة لأسباب انتخابية، وفبركات دعائية، والجسد الفلسطيني دائما في هذا الإطار، تراه كمثل مجال حيوي بالنسبة لها لتوسيع مساحة ذرائعها الأمنية، ليبقى هذا الجسد على رأس جدول أعمال جيشها العدواني، برصاصه الذي لا يفرق بين رجل، وامرأة، وبين طفل، وفتى، وشيخ، وبقذائفه التي لا تفرق بين بيت عامر بأهله، ومعسكر دون اسمه في الواقع، كما في حروبها على قطاع غزة المكلوم..!!
من غزة، إلى القدس، إلى جنين، حرب إسرائيل على القضية الفلسطينة، تاريخا ورواية، وحقوقا مشروعة وأهدافًا عادلة، هذه الحرب تتجاوز اليوم الخطوط الحمراء والعالم كما كتب شاعرنا الشعبي أبو محمد الحيفاوي في "حكاية وجع" "لما قلنا فلسطين سكتوا وتناسوا القضية"، والواقع لم يعد العالم صامتا فحسب، وإنما بعد الأمثولة الأوكرانية إن صح التعبير، بات ضليعًا في معاييره المزدوجة، وعلى نحو ما يشي بتواطئه العنصري المعيب..!
ما من جرح مثل جرحنا، نازف على مدار الساعة، منذ أن ابتلينا بالاحتلال، أربعة وسبعون عاما، والمجتمع الدولي عمليا يربت على أكتاف إسرائيل ولا يقدم للفلسطينيين غير خيام وأكياس طحين..!! غير أننا ينبغي أن نعترف بشجاعة أن ما يجعل إسرائيل الاحتلال والعدوان تستقوي علينا إلى هذا الحد، هو أننا لم نعد موحدين كما كنا قبل هذا اليوم، والانقسام البغيض، وحيث سلطته التي تتحكم بالشأن الأمني، والسياسي، في القطاع المكلوم، وبخطابها الاستعراضي المتخم بالعنتريات السنوارية، قد جعل من غزة حقل رماية لقذائف الاحتلال وصواريخه..!
حتى ليل أمس ثلاثة واربعون شهيدا، بينهم خمسة عشر طفلا، وأربع سيدات، جراء الحرب العدوانية الجديدة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة المكلوم، ولأن قرار الحرب والسلم في غزة ما زال رهن الحسابات الإقليمية ومصالحها، برعاية حماس وسيطرتها، سيظل القطاع المكلوم في مرمى نيران الاحتلال، ولن يكون بوسع أي حال من أحوالنا أن يردع إسرائيل الاحتلال والعدوان، ويتصدى لهذه النيران غير حال الوحدة الوطنية، وحدة الشعب، والفصائل، والقوى الحزبية، والسياسية، والاجتماعية، وحدة السلطة الواحدة، والقانون الواحد، وقرار السلم والحرب الواحد. دون ذلك، دون قبر الانقسام، ووأد الانقلاب، واستعادة الوحدة الشاملة، فأن اسرائيل ستواصل حربها على القضية الفلسطينية، وبأعنف واشرس ما يكون، وعلى المقاومة إن هي حقا مقاومة برنامج الحركة الوطنية الواحدة الموحدة، ان تعي ذلك قبل فوات الآوان ..!!