زينة خوري..رائدة اوركسترا فلسطين
وفا- فاطمة إبراهيم
عم الهدوء قاعة الكنسية اللوثرية في رام الله، وخفتت الأنوار البرتقالية، وأخذ كل واحد من الجمهور موقعه على المقاعد، بينما اعتلت زينة خوري المنصة، أمام أكثر من 60 عازفا وعازفة من فرقة الاوركسترا التابعة لمعهد إدوارد سعيد للموسيقى.
زينه (19عاما) واحدة من خريجات المعهد، انتقلت إلى فرنسا قبل سنتين لتكمل مشوارها الموسيقي، حيث تعلمت أساليب قيادة الاوركسترا، قبل أن تعود إلى رام الله لتطبق ما تعلمته في عروض فرقة اوركسترا معهد إدوارد سعيد في عدد من محافظات الضفة.
تقول لـ"وفا": "بدأت تعلم قيادة الاوركسترا، قبل 3 سنوات من خلال وجودي مع فرقة اوركسترا فلسطين للشباب، كنت أرى قائد الاوركسترا وأحببت الفكرة، ثم بدأت بأخذ الدروس في المعهد بمدينة القدس، بعد ذلك انتقلت إلى فرنسا لدراستها فعليا هناك، وبصراحة أرغب بإكمال مشواري في قيادة الاوركسترا، لكني أيضا لن أترك العزف على الكمنجة، آلتي الخاصة".
وتضيف: "دخلت المعهد حين كنت في السادسة من العمر، ومنذ ذلك الحين وأنا أتعلم الموسيقى، وقبل حوالي سنتين انتقلت إلى فرنسا لتعلم قيادة الاوركسترا (Conducting)".
كان اعتلاء زينة لمسرح قاعة الكنيسة اللوثرية لأول مرة في حياتها كقائدة اوركسترا، لتكون رائدة في هذا المضمار، إذ لم تسبقها إليه أي من نساء فلسطين.
تقول عن هذه التجربة: "العرض كان رائعا جدا، والجمهور أيضا، لم أتوقع أن أرى هذا العدد من الحضور.وساعد أيضا وجودنا في قاعة الكنسية حيث تفاعلت الأنغام الموسيقية مع الصدى في القاعة، كنت سعيدة جدا بما قدمته وكنت خائفة قليلا كوني أخوض تجربة قيادة الاوركسترا لأول مرة".
عروض فرقة اوركسترا المعهد انطلقت في شهر نيسان الماضي، وجابت محافظات القدس ورام الله والخليل، تمهيدا لمشاركات أوسع في عدد من الدول العربية والأوروبية، بالتعاون مع فرقة الاوركسترا الوطنية، الفرع الثالث لعائلات اوركسترا معهد ادوارد سعيد للموسيقى الذي تأسس عام 1993 ليكون الحاضنة الأولى لتعليم الموسيقى للهواة والمهتمين الفلسطينيين.
تقول نائلة ميخائيل عبوشي، المعلمة في المعهد وإحدى مؤسساته: "هؤلاء هم خيرة طلاب معهد ادوارد سعيد من محافظات رام الله وبيت لحم والقدس، لدينا اوركسترا أخرى مؤلفة من الطلاب المبتدئين للوترين وعازفي آلات النفخ، لكن هذه الاوركسترا كاملة وتضم كل طلاب المعهد المحترفين. وبالنسبة للمدرسين، فإنهم يتغيرون تقريبا كل سنتين، خصوصا المدرسين الأجانب، بعضهم جاء من بلجيكا، وفرنسا، وأميركا، ودول مختلفة من أوروبا، إضافة إلى بعض الطلاب الذين تخرجوا من المعهد وأكملوا دراستهم في الدول الأوروبية وعادوا ليكونوا مدرسين هنا في المعهد".
وتضيف: "هذه الاوركسترا، التي قدمت عرض الليلة مؤلفة من الطلاب والمدرسين أيضا. لذلك كان بإمكاننا أن نستمع إلى هذا الزخم الموسيقي إضافة إلى عرض البيانو الذي قدمته ساشا خوري ابنه الـ 15 عاما والتي درست في المعهد، واليوم أصبحت قادرة على العزف بمفردها. وأيضا زينة خوري التي درست في المعهد مدة 8 سنوات ثم انتقلت إلى فرنسا لدراسة أساليب قيادة الاوركسترا واليوم هي من قاد الاوركسترا في هذه العرض".
وتعزف فرقة الاوركسترا على مجموعة من الآلات، والتي يطلق عليها في المفاهيم الموسيقية (العائلات)، فتجد عائلة الوتريات، والنحاسيات، والإيقاع، إضافة إلى عائلة العزف مثل البيانو والكمنجة، لتشكل مجتمعه مزيجا من الألحان التي تأسر مشاعر الحضور وتسترعي انتباهه، بينما يعزفها موسيقيون في الخامسة عشرة، وصلوا إلى مراحل متقدمة ومهارات عالية، فأصبحوا يصنفون ضمن المستوى الرابع من مستويات معهد ادوارد سعيد للعزف.
وعن نشاطات المعهد تقول عبوشي إنها متعددة، من ضمنها المسابقة الوطنية للموسيقى التي تقام كل عام وتحمل اسم (مارسيل خليفة)، وهي لكل الآلات المختلفة، وتشمل أهلنا في غزة وداخل الخط الأخضر وأيضا طلاب الموسيقى في الضفة، هذه المسابقة توحد الشعب وأيضا تعطي المتسابقين دافع للتميز والإبداع في العزف، والتخصص في دراسة الموسيقى بشكل أكبر.
ويتم في المعهد أيضا تبادل الخبرات وإرسال بعثات الى تونس وسوريا ومصر وأميركا وأوروبا لدراسة كل من الموسيقى العربية والكلاسيكية.
وعن التمويل والدعم تقول: "يجب أن يكون لدينا ميزانية خاصة لدعم الطلاب في المخيمات والمحافظات المختلفة، لاستقطاب المواهب والاهتمام فيها حتى تظهر وتخرج للجمهور. وبدون الدعم لا يمكن لنا أن نقوم بذلك. كما أن مدرسي المعهد يتقاضون رواتب شهرية. والمساعدات تأتينا من السويد، وسويسرا وبلجيكا وأيضا من الولايات المتحدة، ونحن فخورون بالنتيجة التي وصلنا لها وكل من يأتي إلينا من الخارج يفاجأ بهذا المجهود، ويقدم الدعم كل حسب قدرته ورؤيته".
مهارات الطلاب والمعلمين في معهد ادوارد سعيد، وتألقهم في تأدية عروض فرق الاوركسترا، استقطبت الجمهور المتذوق للموسيقى الشرقية و الداعم لها.
يقول أحد حضور حفل الكنيسة اللوثرية "تقبّل الناس للعروض الموسيقية والفن بشكل عام في رام الله واضح جدا، وأتمنى أن يتطور أكثر، وأن يمتد هذا التقبل لباقي محافظات ومناطق الوطن.عرض الفرقة كان رائعاً جدا وقد أبدعوا أيضا في العزف. أتمنى أن يحافظوا على هذا المستوى ويتقدموا أكثر".