أعيت من يداويها
كتب رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة
هي الحماقة طبعا، هذه التي لها أخبار وحكايات، أشهرها الذي جاء في كتاب من عصر الخلافة العباسية الرابع، لابن الجوزي، الذي حمل عنوان "أخبار الحمقى والمغفلين"، والواقع أن الحمقى في الحياة العامة، وبين الناس، وهم قلة، ولا شك، فإن أخبارهم، وحكاياتهم، تظل موضع تندر، وتفكه، لكن حمقى السياسة، والأحزاب أخبارهم، وتصريحاتهم، تظل موضع سخرية، وشفقة أيضا..!!
حمقى السياسة، والأحزاب، هم الواهمون، والعنصريون، والعدوانيون، والذيول، والأتباع كذلك، وهؤلاء دائما ما يحاولون تغطية شمس الحقيقة، والواقع، بغربال متهالك، وهذا ما حاوله الواهم المتوهم، التابع لا المتبوع، الناطق باسم حركة حماس، الذي أراد بغرباله تغطية شمس الخطاب التاريخي للرئيس أبو مازن في الأمم المتحدة، وبتعليق لا يبعث على غير السخرية، والشفقة كذلك..!!
تعجل الناطق الحمساوي بتصريحاته، فلو تمهل قليلا ليقرأ سيل الردود الفلسطينية والعربية، التي حيت، وأشادت، وصفقت بحرارة نضالية لافتة، لخطاب الرئيس أبو مازن، لما ذهب لسقط الكلام الشعبوي، الذي لا يغني، ولا يسمن من جوع..!!
ما وضعه الرئيس أبو مازن أمام العالم بأسره، في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السابعة والسبعين، لم يكن في الواقع السياسي والأخلاقي، وعلى نحو عميق، غير استراتيجية مقاومة، لأجل تحرر العالم أجمع من ربقة الانحياز العنصري المعيب، وقيود المعايير المزدوجة، ولأجل أن يضع إسرائيل في المحصلة، دولة تحت القانون، لا فوقه، لردعها، وكافة سياساتها العدوانية العنيفة، ولكي يصبح بالإمكان فيما بعد، تحقيق الأمن، والاستقرار، والسلام.
لن ترى حماس ذلك، لا لغياب بصيرتها الوطنية فقط، وإنما لأن قرار العواصم التي تديرها، تريد منها هذا الغياب للبصيرة الوطنية دائما، وحتى لا ترى غير ما تريد هذه العواصم، مع ملاحظة أن ذهب التمويل الحرام يظل شديد اللمعان، وقد يذهب حتى بالبصر، لا بالبصيرة وحدها..!!
ولن ترى حماس كذلك، أن استراتيجية المقاومة، هي من شأن الشرعية الوطنية بحكم قرارها الوطني المستقل، ولطالما أوضحت الشرعية وما زالت توضح وتؤكد أن قوام هذه الاستراتيجية، هو الوحدة الوطنية، ولهذا ذهبت، وما زالت تذهب، للحوار الوطني، من أجل تحقيق هذا القوام، وتعزيزه، وأولا بقبر الانقسام البغيض، وتحقيق واقع السلطة الواحدة، والقانون الواحد، وقرار السلم والحرب الواحد، وتاليًا على حماس إذا ما أرادت المقاومة حقا، وقد وضع الرئيس أبومازن برنامجها الواقعي الصحيح، عليها أن تنهي الانقسام أولا، والمشروع الوطني التحرري، كفيل بتسوية كل خلاف حال التفاف الكل الوطني حوله، وتحمل مسؤولياته، والتصدي لمهماته. لكن يظل السؤال الوطني شاخصا، لماذا تصطف حماس الى جانب اسرائيل، في الهجوم على الرئيس أبو مازن، وخطابه التاريخي ..؟؟؟