في ذكراه لنا أمل ورواية وحياة
كتب رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة
كلما تمر ذكرى رحيله المر، ونحن هناصامدون، حيث صمد، نرى، وبعين بصيرته التي باتت لنا،نرى النور الذي بشر به في نهاية النفق المظلم، نراه بحكم الاشتباك المحتدم مع دولة الاحتلال ومستوطنيها،بمنتهى اليقين، إنه ياسر عرفات، العصي على الغياب، حتى الجسد ما زلنا نراه شامخا على متون المخيلة، وحتى الصوت الذي ما زال يبلغ ذات الرسالة، رسالة الثورة، وغصن الزيتون معا، ولهذا ندرك أنه ما من زمن يسجل له غيابا، وهو في حضوره الطاغي، اللحظة، والحال، متدفقا كنبع في أرض الحقيقة.
ولا نحيي ذكرى رحيله، في تجمع أهله وأحبته، لأجل خطاب، وشعار، وإنما لنجدد العهد، والوعد، والقسم، وهو الذي صاغ العبارة بفعل القرار، وصلابة الارادة الوطنية الحرة، عهد الحرية، ووعدها، والقسم أن نزرع وردتها في بساتين الدولة السيدة، بعاصمتها القدس، بروحها ومكانتها الشرقية، لا كجهة، وهي مالكة الجهات كلها بأبوابها السبعة، وبدروبها الصاعدة الى السماوات العلى، وإنما كدلالة على حقيقة معناها، شمس تشرق على العالم أجمع، حين هي حاضرة السلام، بلا جنود محتلين، لا يفقهون لغتها، ولا يحسنون غير الحديث بلكنات العنصرية القبيحة...!!
ونحيي ذكراه، لأن لنا في ذلك أملا، ورواية، وحياة، نحيي ذكراه لأجلنا كي نرانا على الطريق ذاتها، طريقه التي شق واخوته في الخلية الأولى، كتيبة التأسيس التي أضاءت شعلة الثورة. ونحيي ذكراه كي نتجمع من حوله، كي نتوحد مثلما يريد، ونحيي ذكراه لا جلاسا في باحة سيرته العطرة، وإنما مريدون يرجون سلوك الامثولة.
ما زالت اللغة تسعى لفتوحات جديدة كي تصف الايقونة التي بات عليها ياسر عرفات، وصفا يحدث العقل والقلب معا، كي يعرفا معنى الايقونة، وضرورتها، من اجل اكتمال المسيرة،وللأيقونة مقامها الذي ترسخ بقانون المحبة، وعطرها الذي يدل على بيئة السلامة الاخلاقية وسموها، اذ هو عطر الحب الذي يجمع ولا يفرق.
واذا كنا اليوم نتجمع من حول الضريح فلأننا نرى الضريح قبة للصلاة، والصلاة هنا لا شك بدمعها تتشردق... سلاما أبا عمار.