تقدم بطعم النصر وروحه
كتب رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة
الفتوى القانونية التي تريدها فلسطين، من محكمة العدل الدولية، حول ماهية الاحتلال، باتت ملزمة لهذه المحكمة، لإصدار الفتوى المطلوبة، بعد أن صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية سبعة وثمانين صوتا لصالح مشروع القرار الفلسطيني بهذا الشأن.
وإذا كان البعض لا يرى في هذا التصويت إنجازا لدبلوماسية السياسة الفلسطينية فلأنه لا يريد أن يرى ما الذي فعلته إسرائيل و(حلفاؤها) وما مارسته من ضغوط داخل أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة كي لا يتم تمرير مشروع القرار الفلسطيني..!!! وللعلم فإن مشروع القرار الفلسطيني حتى لو تم تمريره بأغلبية صوت واحد، فإن ذلك سيعد إنجازا بحكم حدة الصراع الإسرائيلي ضده.
وعلى أية حال لسنا هنا لنقرر حقيقة هذا الإنجاز من عدمه، فالمهم، هو هذا التقدم المستمر لفلسطين في أروقة الشرعية الدولية، وهو تقدم بطعم النصر وروحه، بدلالة أنه أغاظ رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو، وإلى الحد الذي دفع به لأن يشتم العالم، وهو يصف اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة لمشروع القرار الفلسطيني بالحقير (..!!) وربما الأكثر أهمية، فإن تقدم فلسطين في هذا الإطار، بات يكشف للعالم أجمع، ومن على منصة الأمم المتحدة، إسرائيل وحلفاءها، بوصفهم الطرف الوحيد الذي يقف ضد القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، بل والذي يناهض العدل، والحق، والسلام، وعلى نحو لا يقبل التشكيك ولا التعتيم، ومن أجل يأخذ القانون الدولي مجراه.
نتطلع أن تسرع محكمة العدل الدولية، بإصدار الفتوى المطلوبة، لعل ذلك يدفع بالمجتمع الدولي لأن يبادر لوضع حد للتغول الإسرائيلي العنيف، في سياسات القتل، والهدم، والاعتقال، التي باتت تمارسها قوات الاحتلال ضد شعبنا الفلسطيني، كمثل برنامج عمل لحكومة الخارجين عن القانون، التي شكلها نتنياهو، والتي باتت تهدد اليوم بتغيير الوضع التاريخي القائم في المسجد الأقصى المبارك، وهو ما سيخلف عواقب خطيرة على الجميع في هذه المنطقة.
إن مجابهة الواقفين ضد القانون الدولي (إسرائيل وحلفاؤها) لم تعد مهمة فلسطينية، ولا عربية فحسب، وإنما هي الآن وعلى نحو عاجل، مهمة المجتمع الدولي، وماهية الاحتلال على منصة محكمة العدل الدولية، وما من شك أن فتوى المحكمة لن تغمض عينيها، عن حقيقة الاحتلال، وطبيعته، وواقعه، ومفهومه، كما لن تغض الطرف عن انتهاكاته المستمرة، وبالعنف الدموي، لأبسط حقوق الإنسان، في الأرض الفلسطينية المحتلة.
آن الأوان لعالم جديد تسود فيه المعايير الواحدة، لتنتصر لقضايا الحق، والعدل، والسلام، وأولا من فلسطين بزوال الاحتلال الإسرائيلي، عن أرض دولتها، لتنهض حرة مستقلة بعاصمتها القدس الشرقية.