عندما لا يتبقى من بيت الأحلام الا الصور
عُلا موقدي
في العاشر من كانون ثاني/ يناير الحالي، استفاقت عائلة ناجي من بلدة كفر الديك غرب سلفيت، على صوت جنود الاحتلال وهم يخلعون أبواب المنزل وينذرون العائلة بإخلائه تمهيداً لهدمه.
على جانب المنزل كانت تقف جرافتان عسكريتان تتأهبان للهدم، بينما الأطفال لا زالوا نائمين يتلحفون أغطيتهم من البرد القارس.
صاحب المنزل، الشاب إبراهيم ناجي، أبرق من مكان عمله لشقيقته طالباً إياها التقاط صورة للمنزل المكون من طبقتين قبل أن تبدأ جرافات الاحتلال بهدمه.
كان ذلك اليوم هو الحد الفاصل بين الحاضر والمستقبل، لذاكرة شاب يبلغ من العمر (27 عاماً) عمل جاهداً طوال حياته من أجل بناء منزل أحلامه.
"هذا المنزل هو خلاصة تعبي ومشقتي طوال حياتي، أذهب إلى عملي منذ الساعة الرابعة صباحاً، كنت أجمع القرش تلو الآخر، لتحقيق أبسط حقوقي في هذه الحياة وهو بناء منزل مستقل، وهذه واحدة من أهم وأكبر أحلام الشاب"، قال ناجي، وأضاف: "يحاول الاحتلال دائماً أن يكسر عزيمتنا بأن نرى أحلامنا تتحول إلى ركام، وأن يطفئ شغفنا في الحياة، لكن إصرارنا وعزيمتنا كشعب فلسطيني لم تتوقف يوماً".
أسوأ ما أوجع ابراهيم ناجي، شعوره بأنه أصبح بلا منزل، وتحطم حلمه بالزواج وتأسيس عائلة.
رئيس بلدية كفر الديك محمد ناجي أوضح لـ"وفا" أن الاحتلال يحاول قتل أحلام الشباب والمواطنين الفلسطينيين بهدم منازلهم وتهجيرهم والاعتداءات المتكررة عليهم وعلى ممتلكاتهم، فخلال الأشهر القليلة الماضية هدمت قوات الاحتلال ثلاثة منازل في بلدة كفر الديك، وذلك بحجة البناء دون ترخيص.
وأضاف: تتعرض كفر الديك الى سياسة العقاب الجماعي، وهو ما ينذر بكارثة حقيقية. وخلال العام 2022 هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 10 غرف زراعية، وأخطرت بوقف العمل والبناء لـ 60 منشأة ومنزل تعددت ما بين منازل قيد الإنشاء ومنازل مأهولة بالسكان، كما سلمت المواطنين قرارات بمصادرة ما يقارب 300 دونم، ناهيك عن الاعتداءات المتكررة من قبل المستوطنين بقطع وتكسير الآلاف من أشجار الزيتون المعمرة.
المشهد يتشابه في كافة قرى وبلدات محافظة سلفيت، حيث رصدت محافظة سلفيت 1371 انتهاكاً اسرائيلياً في المحافظة، وكان أبرزها: 135 إخطارا بهدم وإخلاء ومصادرة أراضي، وتجريف لما يقارب 962 دونما، والاستيلاء على 34 مركبة و"بركسات" ومواشي.
كما تم توثيق 191 اعتداء للمستوطنين ضد الأهالي وممتلكاتهم، واقتلاع وتكسير ما يقارب 3779 شجرة زيتون على 43 موقعا مختلفا بالمحافظة، وهدم 42 منزلا ومنشأة صناعية.
وقال محافظ سلفيت عبد الله كميل، إن ما يحدث في الأراضي الفلسطينية عامة وفي محافظة سلفيت خاصة، هو ترجمة حقيقية لكل القرارات الاسرائيلية، وحكومة التطرف الاستيطانية، وما يجري في كفر الديك هو مجزرة حقيقية، وجرائم واضحة ضد حقوق الانسان وضد القانون الدولي الانساني.
وتابع: نحن بحاجة إلى وقفة دولية حقيقية وجادة، لأن هناك عشرات العائلات قد تتشرد إذا ما استمرت سلطات الاحتلال بسياساتها العنجهية.
وأشار كميل إلى أن إسرائيل الدولة القائمة بالاحتلال تثبت في كل يوم عنصريتها وعداءها لكافة المواثيق والأعراف الدولية المتعلقة بحقوق الانسان؛ داعياً المواطنين إلى الثبات على أراضيهم وعدم الرضوخ لممارسات الاحتلال العدوانية.