الرعب الطويل في وادي الفاو ويرزا
إسراء غوراني
لم يعرف أهالي وادي الفاو بالأغوار طيلة أمس طعم الراحة، ولم يستطيعوا المبيت ليلتهم بشكل اعتيادي، فجميعهم ظلوا مستيقظين تحسبا لتهديدات المستوطنين الذين هاجموا خيامهم نهارا وهددوا بالعودة ليلا وتنفيذ اعتداءات أكبر.
ما زالت كلمات أحد المستوطنين تتردد في أذنيّ المواطن محمد عليان، والذي تعرض للضرب المبرح ما أدى لإصابته برضوض.
يقول محمد في حديثه لـ"وفا": خلال اعتداء المستوطنين عليّ بالضرب قال لي أحدهم "سنعود ونحرق المنطقة، سنفعل هنا كما فعلنا في حوارة".
وبالعودة إلى تفاصيل ما جرى من البداية يروي: "كنا نمارس حياتنا اليومية كالمعتاد، خرجت إلى المراعي لرعي المواشي، وجميع الرجال كانوا أيضا في المراعي وخارج خيامهم، عندها تلقيت مكالمة من عائلتي تبلغني بهجوم مستوطنين على خيامنا".
ويضيف: "عندما تلقيت الاتصال أسرعت بالعودة، لا أعلم كيف قطعت مسافة كيلومترين في وقت قياسي، خفت من مكروه قد يصيب عائلتي وأطفالي".
عند وصوله، كان حوالي 60 مستوطنا قادمين من "مسكيوت" القريبة ينتشرون بين خيام المواطنين ويعتدون بالضرب على الأطفال والنساء، بالإضافة لقيامهم بإتلاف الخيام وتمزيقها وإتلاف محتوياتها، وتكسير مركبات المواطنين.
في ذلك الوقت، هاجمه مستوطن وشرع بضربه بالعصا، ومنع شقيقه من الاقتراب لنجدته تحت التهديد بقتله.
يؤكد محمد: "قبل مغادرة المستوطنين هددونا بالقتل وبالعودة مجددا، أحدهم قال لي: "سنفعل هنا كما فعلنا في حوارة".
خمس عائلات تسكن المنطقة وهي عائلة محمد وعائلات أشقائه وأقاربه، جميعهم تعرضوا لاعتداءات وخسائر، هذا اليوم بدأ السكان بإحصاء خسائرهم، فبالإضافة لتضرر خيام العائلات الخمس وتعرضها للتمزيق وتدمير محتوياتها، قتل المستوطنون أربعة خراف حديثة الولادة، بالإضافة إلى تكسير وإعطاب أربع مركبات، وجرار زراعي، وثلاثة صهاريج لنقل للمياه، وثلاث خلايا طاقة شمسية.
ورغم أن أهالي هذه المنطقة كغيرهم من سكان الأغوار الشمالية يتعرضون لاعتداءات استيطانية كثيرة، إلا أنهم يصفون هذا الاعتداء بأنه الأصعب والأشرس، ويتخوفون من تكراره أو ارتكاب ما هو أفظع منه، فالمستوطنون هددوا الأهالي بشكل صريح بالقتل.
بعد تنفيذ هذا الاعتداء، وضع مستوطنون في ساعات المساء لافتة عند مفترق عين الحلوة، والذي يبعد حوالي كيلو متر عن المنطقة التي تعرضت لاعتداء، ويؤدي إلى باقي تجمعات الأغوار الشمالية، وكتبوا على اللافتة بالعربية "انتقام" في تهديد واضح لأهالي تجمعات الأغوار بمزيد من الاعتداءات.
في مكان آخر إلى الشرق من طوباس، كان أهالي خربة يرزا المطلة على الأغوار الشمالية يعايشون تفاصيل رعب مشابهة، حيث هاجم مستوطنون منازل المواطنين في الخربة.
الخربة ذات الطابع الهاديء والتي تمتاز ببيوتها الصغيرة المبنية منذ عقود طويلة من الحجارة الطبيعية والطين عايشت أمس يوما مريرا كاد ينتهي بما هو أسوأ، لكن لطف الله حال دون ذلك، كما يقول السكان.
مع وصولنا إلى الخربة، صباح اليوم، التقينا رئيس مجلس قروي يرزا مخلص مساعيد والذي تعرض لاعتداء المستوطنين والتهديد مع غيره من السكان.
يؤكد مساعيد أن المستوطنين قبل تنفيذ هذا الاعتداء ظهر أمس قدموا إلى الخربة مرتين في ساعات الصباح، ويرجح أنهم كانوا يستطلعون المنطقة قبل تنفيذ اعتدائهم، لاحقا هاجم حوالي 20 مستوطنا الخربة، نصفهم كانوا يمتطون الخيول، والنصف الآخر قدموا بمركبات.
ويوضح: تعرضت ست عائلات في الخربة لاعتداءات المستوطنين، شملت هذه الاعتداءات الضرب والتنكيل والتهديد، بالإضافة لإتلاف محتويات منازل العائلات الست.
ولم تقتصر اعتداءات المستوطنين عند هذا الحد، كما يقول مساعيد، حيث شملت المتنزهين على أطراف الخربة، حيث "اعتدى المستوطنون على أحد المتنزهين بالضرب المبرح واحتجزوه لأكثر من ساعة ومنعونا من الاقتراب منه أو مساعدته تحت تهديد السلاح، بعد ذلك حضرت قوات الاحتلال إلى المنطقة واعتقلته".
يؤكد مساعيد: "ما عايشه أطفالنا من تفاصيل الرعب والخوف أمس يفوق بشاعة كل ما جرى من انتهاكات سابقة، ونحن الآن نتخوف من تكرار هذه الاعتداءات أو تفاقمها ما يعني خطرا حقيقيا على حياة السكان".
يذكر أن الاعتداء على منطقتي وادي الفاو ويرزا جاء بعد ليلة طويلة من الاعتداءات والانتهاكات التي شهدتها مناطق عديدة في الضفة الغربية أول أمس، وتركزت في مناطق جنوب نابلس، حيث تشير تقديرات رسمية إلى أن المستوطنين نفذوا 300 اعتداء في بلدات حوارة وبورين وعصيرة القبلية، وهذه الاعتداءات أدت الى استشهاد مواطن وإصابة 392، بالإضافة إلى حرق وتكسير عشرات المنازل.