النكبة .. المصطلح والرواية
من الأمم المتحدة وإلى القمة العربية الثانية والثلاثين تربعت ذكرى النكبة الخامسة والسبعين هذا العام، على منبر الحقيقة راوية بلسان النزاهة والحق روايتها التي تدحض رواية المحتل الإسرائيلي بكل أحابيلها ومزاعمها الخرافية .
في إحياء الأمم المتحدة، لذكرى النكبة، سجل المجتمع الدولي اعترافه الصريح ولأول مرة، بحقيقة الرواية الفلسطينية، وواقعيتها البليغة، ما يعني بداية السقوط للرواية الصهيونية الإسرائيلية، ما يستوجب تاليا على الأمم المتحدة، مثلما أشار الرئيس أبو مازن في خطابه، ضرورة التعامل مع قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، بشكل واضح وحاسم، ومنها على نحو خاص، قرار التقسيم الذي قضى بإنشاء دولتين واحدة عربية فلسطينية، والثانية إسرائيلية، وكذلك القرار 194 الخاص بعودة اللاجئين، وكان إلزام إسرائيل بتنفيذ هذين القرارين، شرطا لقبول عضويتها في الأمم المتحدة، وهو الشرط الذي لم تنفذه إسرائيل حتى اليوم، برغم أن وزير خارجيتها في ذلك الحين "موشيه شاريت" كان قد تعهد برسالة مكتوبة للأمم المتحدة باحترام القرارين وتنفيذهما، وما زال هذا الاحترام، وهذا التعهد، وهذا التنفيذ غائبا، وما ثمة مساءلة دولية لهذا الغياب ..!!
إحياء ذكرى النكبة في الأمم المتحدة ولأول مرة هو بداية تحريك عجلة هذه المساءلة، في طريق تحقيق العدل والنزاهة، وأولا من خلال تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة بحكم عدم التزامها بشرط قبولها عضوا في المنظمة الدولية، وحتى تعود لرسالة وزير خارجيتها "شاريت" وتنفذ ما جاء فيها من تعهد له صيغة الإلزام بمنتهى الوضوح .
ومن الأمم المتحدة، إلى القمة العربية التي اعتمدت ولأول مرة، تعريفا قانونيا للنكبة، واعتبار الخامس عشر من أيار من كل عام، يوما عربيا ودوليا لاستذكارها، في إطار تعرية المزيد من مزاعم وفبركات الرواية الصهيونية الإسرائيلية لدحرها حتى تسوية القضية الفلسطينية تسوية عادلة، تضمن حقوق شعبها المشروعة، وتحقق أهدافه العادلة، في الحرية والعودة والاستقلال.
وفي تشكيل بالغ الأهمية اعتمدت القمة العربية لجنة قانونية لدعم فلسطين في مساءلة الاحتلال الإسرائيلي، تنويعا على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 247/77 القاضي بطلب استشاري من محكمة العدل الدولية حول ماهية وجود الاحتلال الإسرائيلي على أرض دولة فلسطين، وهذا إلى جانب تشكيل لجنة وزارية عربية مفتوحة العضوية، بهدف التحرك على المستوى الدولي لمساندة الحراك السياسي لدولة فلسطين، نحو نيل المزيد من الاعترافات، والحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وعقد مؤتمر دولي للسلام، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني .
بوسعنا اليوم وبعد خمسة وسبعين عاما من النكبة، وقد بات الاسم مصطلحا معترفا به دوليا أن نقول إن عجلة التاريخ بقوة النضال الوطني الفلسطيني وتضحياته الجسيمة باتت الآن أكثر وضوحا في تحركها وقد كرس هذا النضال روايته التاريخية وستمضي هذه العجلة بسرعة أكبر حين وحدة الخطاب والموقف والحال الوطنية .
رئيس التحرير