إنها الطنطنة..!!
تزعم الرواية الصهيونية الإسرائيلية أن حائط البراق جزء من "الهيكل اليهودي" الذي لا وجود له في الحفريات الأركيولوجية (علم الآثار). عالم الآثار الإسرائيلي "فينكشتاين" رئيس قسم الآثار في جامعة تل أبيب أشار إلى ذلك مشككا بمنتهى الوضوح بوجود هذا الهيكل، وهو يتحدث عن "عدم وجود أي سند علمي لما ورد في العهد القديم بشأن ما سماه حائط المبكى". الموسوعة اليهودية ذاتها قالت إن اليهود لم يصلّوا أمام الحائط إلا في العهد العثماني، بريطانيا بوصفها الدولة المنتدبة على فلسطين أقرت في العام 1928 من القرن الماضي في الكتاب الأبيض الذي أصدرته "بأن حائط البراق، والمنطقة المجاورة له ملك للمسلمين فقط"، وبعد ثورة البراق عام 1929 أقر اليهود أمام اللجنة الدولية لمنظمة عصبة الأمم بأنهم لا يدعون حق ملكية حائط البراق.
وفي بحوث علمية رصينة، ثبت أن البكاء اليهودي عند حائط البراق، إنما هو اختراع استشراقي متأخر، وحسب الباحث العراقي فاضل الربيعي، أن شعيرة البكاء هذه عند الحائط المقدس، ظهرت في أوساط اليهود من أصول أوروبية غربية، منذ نحو 150عاما فقط.
لا شك أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يعرف كل هذه الحقائق لكنها عنصرية التفكير والسياسة والتبجح، التي تدفع به نحو الطنطنة بالرواية الصهيونية المزورة، ليعقد اجتماعا لحكومته تحت أنفاق حائط البراق، متوهما أن هذه الطنطنة قد تملكه حجرا في هذه الأنفاق، وتجعل من القدس عاصمة لدولته التي ما زالت بلا أية شرعية دولية حقيقية.
وبمثل هذه الطنطنة أراد نتنياهو أن يرد على الرئيس أبومازن الذي على ما يبدو أنه قد أوجعه تماما بعد أن جعل من الرواية الصهيونية الإسرائيلية، خالية من كل حقيقة، كاشفا زيفها الأصيل، وممزقا ثيمتها الأساسية، المبنية على الكذب والادعاء، من على منبر الأمم المتحدة، وهي تحيي ذكرى النكبة في عامها الخامس والسبعين.
نتنياهو أعلن أن اجتماع حكومته تحت أنفاق حائط البراق رسالة للرئيس أبو مازن، حسنا بمثل هذا الإعلان يتبين بمنتهى الوضوح مدى وجع وقلق نتنياهو من فصاحة وحقيقة الرواية الفلسطينية خاصة بعد أن كرست النكبة في لغة المجتمع الدولي السياسية كمصطلح له دلالاته القانونية والسياسية والإنسانية.
إنها الطنطنة التي لا يمكن لها أن تؤلف حقا لرواية مزورة، والطنطنة من الطنين والطنين عادة شغب صوت الذباب حين لا يعرف له مكانا ليحط عليه، أو حين يتوهم نقطة عسل لا وجود لها إلا في رأسه، فيظل يدور من حولها بلا أي جدوى ولا أية نتيجة.
رئيس التحرير