برغم الصعب والمعقد
للإعلام الرسمي، الوطني بتوصيف أصوب، حكاية عجيبة في الواقع، ومكمن العجب يتمثل حقا، في ما جعل هذا الإعلام من الصعب والمعقد، بسيطا وممكنا وبأقل الإمكانيات…!!! فالإعلام في هذا العصر إذا ما أريد له أن يكون قادرا على مخاطبة الرأي العام، وعلى نحو مؤثر وأوسع انتشارا، فلا بد أن تكون موازناته فارهة، ومتوفرة على الدوام، لتمويل نفقات عملياته الإنتاجية المنوعة، الإخبارية، والبرامجية، والدرامية، ولتغطية نفقاته الأخرى، سواء ما يتعلق بالأجهزة والتقنيات، أو ما يتعلق برواتب العاملين فيه لتحسين بيئته المهنية والإبداعية.
الإعلام الرسمي ليست لديه هذه الموازنات، محكوم بإجراءات بيروقراطية في شؤون الصرف، وبسلم رواتب لا يعرف خصوصيات المهن الإبداعية. بمثل هذه الحال، وهذا الواقع، حقق الإعلام الرسمي، ما لا يحقق وبموازنات أقل ما يقال عنها بأنها متواضعة تماما.
انتشر الإعلام الرسمي الوطني، على مختلف المنصات الإعلامية التي أقامها، وخاصة المنصات الإلكترونية، وبأعمال لافتة حاز العديد منها على تكريمات وجوائز عربية عديدة، خاصة أعماله التلفزيونية، والإذاعية، وصحيفتنا "الحياة الجديدة" نالها من الطيب نصيب كما يقول المثل، حين حازت على جائزة أفضل مقال عن القدس، من الجامعة العربية، وكذلك وكالة "وفا" عن تقارير مبهرة لصحفييها.
بأقل الإمكانيات حقق إعلامنا كل ذلك، وما زال يتطلع بإصرار وسعي دؤوب، لحضور أكبر وأوسع، بين أوساط الرأي العام الوطني، والإقليمي، والدولي، على قاعدة نذهب بفلسطين إلى العالم، ونأتي بالعالم لفلسطين.
أكثر جهة حاربت هذا الإعلام هي سلطات الاحتلال الإسرائيلي وهو يطارد سياساتها الدموية، وينقل من موقع الحدث ما ترتكب من جرائم ضد الإنسانية، أطلقت الرصاص على مراسليه ومصوريه.. أغلقت مكاتبه في القدس العاصمة، فبات له مراسلون من هناك عبر الجوال، كي تبقى القدس في صدارة الشاشة الفلسطينية، وفي متن الخبر والتقرير الفلسطيني.
كتاب ومحررون، مدققون وإذاعيون، مخرجون وفنيون، مهندسون ومطبعيون، سعاة وخدميون، لو جمعنا رواتبهم جميعا لشهر واحد، فلن تعادل راتب شهر واحد لإعلامي واحد، في فضائيات الإمبراطوريات المالي...!!! لا يتذمر العاملون في الإعلام الرسمي الوطني جراء ذلك، يرون أنفسهم، من المشرف العام، حتى أصغر الدرجات الوظيفية، جنودا في معركة الحرية والاستقلال، ولطالما رأوا في إشادات الرئيس أبو مازن، ورعايته لهم، وتقديره لعملهم، المكافأة التي لا يمكن تثمينها.
لهذا ولأننا ما زلنا ماضين في دروب مرحلة التحرر الوطني، وفي خضم معركة الحرية، والعودة، والاستقلال، سنواصل رفع راية خطاب فلسطين، وروايتها، صوتا، وصورة، وكلمة، ولن نعرف تذمرا، لكنا لن نخطئ خطاب النقد المسؤول، نقد التطوير والتنوير، بفصاحته الأخلاقية، وسلامته الموضوعية، وغايته المهنية، من أجل أن نمضي قدما، ودائما إلى أمام، ونحن أدرى، وأهل مكة أدرى بشعابها، كل شيء دون هذا النقد، لا تقدم ولا تطوير.
رئيس التحرير