الحياء نقطة
على ما يبدو هذا عصر سقطت فيه نقطة الحياء، من وجوه الكثيرين، دولا، وقوى، واحزابا، وجماعات، فما عاد كل هؤلاء يستحون من أي شيء في الموقف، والقول، والفعل...!! ونعرف طبقا للحديث الشريف "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت" وهاهم عديمو الحياء، يصنعون ما يشاءون في الموقف والقول والفعل..!! ومن هؤلاء في هذه اللحظة الذين ما زالوا يرددون تلك الاسطوانة الممجوجة عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وأمنها...!! إسرائيل الجيش المسلح، بأعتى الاسلحة واحدثها، إسرائيل العنصرية، حليفة الغرب الاستعماري، الذي يمدها بكل مقومات القوة والغطرسة، إسرائيل هذه الحاضرة دوما كحرب بين الحروب، من حقها الدفاع عن نفسها(...!!) وفي مواجهة من..؟ في مواجهة شعب أعزل، لا يمتلك شيئا مما تمتلك إسرائيل من عناصر القوة المجحفلة التي تحتل أرضه، وتنتهك كل يوم، أبسط حقوقه المشروعة، وأكثر تطلعاته الانسانية عدالة ونزاهة وشفافية.
من يهدد أمن من في هذه المعادلة..؟؟؟ ومن له حق الدفاع عن نفسه في هذا الاطار، إن لم يكن هو شعبنا الفلسطيني الاعزل، لكن انعدام الحياء ما زال يسمح بترديد تلك الاسطوانة وحقا إذا لم تستح فاصنع وقل ما شئت...!!
ومن عديمي الحياء أيضا في هذا العصر، الشعاراتيون، والمتسلقون على اكتاف الشهداء، لأجل صور استعراضية، ومزاعم إنشائية، الساعون لسرقة مشهد الصمود والبطولة في جنين المدينة والمخيم، ثلاثة أيام من العدوان الاسرائيلي الشرس على هذه المدينة، ومخيمها، قضتها حماس بصراخ الشعارات، والتحريض على السلطة الوطنية، واجهزتها الامنية، ثلاثة أيام أخرجت فيها غزة من معادلة وحدة الميادين، ووحدة النضال الوطني، وغرفة عملياتها المشتركة تمخضت عن دعوة لوقفة إسناد إعلامية فحسب، مثلها مثل وقفات متضامنين أجانب...!!
ثلاثة أيام من التصريحات من العواصم البعيدة عن ساحة الحرب الاسرائيلية العدوانية، على شاشات الخديعة التي عملت على استثمار دم الشهداء لصالح المتاجرين به...!!
انسحب جيش الحرب الاسرائيلي من المدينة والمخيم مخلفا وراءه اثني عشر شهيدا ودمارا شاملا في جنين، خاصة في مخيمها، فذهب عديمو الحياء الى تصدر تلك الشاشات ليعلنوا الانتصار، والاستعداد للاحتفال به...!!! تماما كما فعلوا مع معركة القدس عام 2021 حين لم يفعلوا شيئا في هذه المعركة، سوى أن جعلوا لها اسما فحسب..!! وثمة حبكة دعائية لا بد من الاشارة إليها للضرورة المعرفية، وهي ما نشره موقع اسرائيلي ليلة امس الاول من خبر يقول "إن حماس تهدد اسرائيل إذا لم تخرج من جنين الليلة (ليلة الثلاثاء) فان غزة ستتدخل"..!! واضح تماما هذا التعاون الاعلامي الحمساوي الاسرائيلي في هذا الاطار، فحين بات واضحا الانسحاب الاسرائيلي، مرر ذلك الموقع لحماس هذا الخبر، حتى يبدو الانسحاب امتثالا لهذا التهديد...!! يا لها من حبكة مفضوحة، إنها نقطة الحياء التي سقطت فباتت كل كذبة وكل خديعة ممكنة، ولا ندري إن كان هؤلاء يعرفون أن الحياء شعبة من الايمان، وها قد أسقطوها، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
رئيس التحرير