مع انقطاع الكهرباء.. لا حياة في غزة ولا حلول في الأفق
خضر الزعنون
"شركة توزيع الكهرباء في قطاع غزة لا تحول لنا ولا أغورة.. وتحَصل تقريباً من 35-40 مليون شيكل شهرياً، يذهب منها 5 مليون شيقل مصاريف تشغيلية، رواتب للموظفين في الشركة والباقي الله يعلم وين يذهب"!. هكذا لخص رئيس سلطة الطاقة المهندس ظافر ملحم المشهد القاتم الذي يعاني منه القطاع بسبب أزمة انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، مع ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة العالية.
مواطنون عبروا عن استيائهم لوصول حال الكهرباء لهذا الحد من الاستهتار باستمرار انقطاع التيار لنحو 16 ساعة يومياً، وتلف المواد الغذائية والتموينية، وجعل حياتهم إلى جحيم، وهروبهم إلى الشوارع بحثاً عن هواء طبيعي في ضوء ارتفاع نسبة الرطوبة في قطاع غزة الساحلي الذي لا تتجاوز مساحته 360 كلم مربع يعيش فيه أكثر من مليونين ومائتين وخمسين ألف نسمة.
"لا كهرباء ولا حاجة يستفيد منها المواطن والشوب قتلنا وغير قادرين نعيش لا صغار ولا كبار في هذا الجو الحار جداً، أنا عندي زوجي ختيار وطوال الوقت ماسكة بيدي صنية (بلاستيك) بأعمل تهوية عليه وعليَّ ويداي يقفن وأنا أهوي" تقول المواطنة مريم (70عاماً) من مدينة غزة.
وتضيف "نقعد على باب الدار ونهرب إلى الشارع وفي الزقاق من الشوب، لا يوجد كهرباء طول النهار والليل، أكثر من 16 ساعة تقطع في اليوم وفعلياً لم نر الكهرباء...هذا الحال ما في بشر بالكون يرضو فيه، الناس عايشة لكن مش عايشة شوفوا انّا حل.. إلى متى؟".
أما الحاج أكرم (76 عاماً) يقول: حتى لو أردنا الحصول على شربة مياه باردة في هذا الجو الحار، الثلاجة على الفاضي مثل الخزانة صارت في الدار، ما تلحق تثلج علاوة على اللحوم والخضار والفواكه ما ندخلها الدار لأنها تخرب فوراً وفي نفس اليوم الذي نأتي فيها على الدار كل شيء خربان غير صالح للشرب ولا للأكل".
المواطن أحمد (40 عاماً) لديه أطفال يقول: "انظر الناس قاعدة في الشارع ليس حباً في القعدة، طبعاً لا لا، بل طفرانين من شدة الحرارة، البيوت تحولت إلى أفران هبو النيران والحرارة يطلع من الجدران، نأخذ أطفالنا والعائلة للشارع، وهذا حال سيئ ومزرٍ علينا، الكهرباء معدومة على طول ولا يوجد حلول في الأفق"، من المسؤول؟ أنت تعرف!
ويضيف أحمد، "الحجج والمبررات التي يسوقها (المسؤولين في غزة) على الناس أصبحت مكشوفة ومعروفة.. مرة عجز في التيار ومرة زيادة أحمال الكهرباء وأعطال في الشبكات والخطوط ومرة توقف خطوط، بينما المولدات الكهربائية التجارية شغالة على طول وتحلب جيوب الناس لتجار معروفين وعصابات تتاجر بحياة الناس في غزة، همها فقط كيف تسرق الأموال من جيوب الناس".
المواطن يسري (36 عاماً) يقول "بعض الفصائل تغطي على جريمة الكهرباء الموجودة في غزة وتوجد مبررات غير واقعية...لأن الجباية من الناس لا تتوقف والدعم الموجود على الكهرباء من جهات مختلفة مستمر ووقود رخيص يأتي لغزة".
ويشير يسري إلى أن "العداد الذكي تجارة رابحة للشركة ويؤذي الناس وتكلفة 2 أمبير منه مكلفة ( 1.5 شيقل) بالنسبة للمواطن وغير واقعية، المفروض الشركة المسؤولة عن توفير الكهرباء للناس بالسعر المعروف0.5 شيقل، والشركة مجبرة توفر بـ0.5 شيكل، وإذا غير قادرة تولي وتذهب بلا رجعة هي والقائمين عليها".
من جهته، قال المهندس ظافر ملحم، رئيس سلطة الطاقة لـ"وفا": "نحن (الحكومة) نقوم بدفع 40 مليون شيقل شهرياً عن كهرباء غزة يتم خصمها من الإيرادات الضريبية الخاصة بالحكومة الفلسطينية (المقاصة)، مقابل ذلك شركة توزيع الكهرباء في قطاع غزة لا تحول لنا ولا أغورة".
وأكد ملحم، أن شركة توزيع كهرباء غزة تحَصل تقريباً من 35-40 مليون شيكل شهرياً، يذهب منها 5 مليون شيقل مصاريف تشغيلية، رواتب للموظفين في الشركة والباقي الله يعلم وين يذهب!.
وبخصوص خط الغاز لمحطة توليد الكهرباء الذي تعهدت قطر بتمويله في غزة، أوضح ملحم، أنه إذا سارت الأمور والمفاوضات وتم الانتهاء من اتفاقية شراء وتوريد الغاز الطبيعي لقطاع غزة، يتبقى المؤسسة التي ستدير خط الغاز داخل قطاع غزة.
ونوه إلى أنه في حالة اتفقنا على هذا الموضوع نحن نحتاج ضمانات من شركة التوزيع في قطاع غزة أن تدفع ثمن الغاز للمصدر، حتى نوصل الغاز لمحطة التوليد، مبيناً أن هذا كله يعتمد على شركة توزيع كهرباء غزة.
وشدد ملحم، على أن شركة الكهرباء من التحصيلات التي تجبيها بإمكانها أن توفر الوقود لمحطة التوليد وأن تشغل المولد الرابع، وبإمكانها أن تبني محطات طاقة شمسية ولا أحد يمنعها، إضافةً إلى تخزين يعطي طاقة كهربائية 24 ساعة، وبإمكانهم عمل طاقة رياح ويوجد أمور كثيرة، والمجتمع الدولي ممكن يساعد على ادخال هذه المواد إلى قطاع غزة وتركيبها، يوجد مناطق فيها سرعة الرياح عالية، وممكن أيضا أن يجلبوا توربينات هواء وعمل توليد كهرباء بواسطة مياه البحر.
وحول المولدات الكهربائية التجارية، لفت ملحم، إلى الفوضى الموجودة في قطاع غزة والقيام بجملة إجراءات تضمن عدالة التوزيع في قطاع غزة، مؤكداً أن هذه حلول لا تحتاج إلى مجتمع دولي ولا مشاريع خارجية، بل بتمويل ذاتي من شركة توزيع كهرباء غزة.
وقال ملحم: رسالتي للشركة أن تتعامل مع الكهرباء بطريقة أفضل وأن يلبوا احتياجات المواطنين وأي كيلو وات يتم انتاجه سواء من طاقة متجددة أو زيادة الطاقة والقدرة الإنتاجية في محطة التوليد سيساهم في تخفيف أزمة الكهرباء في قطاع غزة.
وأضاف، يجب على المسؤولين الذين يديرون شركة الكهرباء في غزة أن ينظروا للموضوع من خلال توفير مصادر طاقة عبر محطة التوليد او تسهيل إجراءات الموافقات اللازمة لبناء خط الغاز الجديد الواصل للمحطة مع الجانب القطري.
وأوضح، أن موضوع المولدات في الشوارع، يجب أن ينظم من قبل شركة التوزيع لأنها كلها مربوطة على شبكة الكهرباء الخاصة بشركة التوزيع فلا يوجد ربط لهذه المولدات على الشبكة إلا بشروط معينة، من هذه الشروط أسعار بيع وحدة الطاقة الكهربائية إلى المشترك، ولا يعقل أن تصل إلى 3 شواقل.
بدوره، أوضح رئيس هيئة العمل الوطني محمود الزق، أن موضوع الجباية هو جوهر الأمر في أزمة الكهرباء الحاصلة في قطاع غزة، قائلاً: للأسف الشديد السلطة الوطنية هي من تدفع فاتورة الكهرباء عن غزة، وهناك من يجبي من المواطنين سعر الكهرباء ولا تستفيد منه كهرباء غزة مطلقاً.
وأضاف الزق، المطلوب باختصار أن يكون هناك جباية أولاً من الجميع من كافة المؤسسات الموجودة، ويتم استثمار هذا المبلغ في تحسين الكهرباء بتشغيل المولدات الموجودة التي تحتاج إلى وقود، وهذا الوقود يتم شراؤه من الطرف الإسرائيلي، والمطلوب تشغيل كافة المولدات الموجودة وهذا يتطلب توفير الأموال، والأموال موجودة بفعل الجباية، ناهيك عن أن السلطة الوطنية هي من تدفع الكهرباء التي تأتي من إسرائيل وهذا هو جوهر الموضوع.
وطالب الزق، الجميع أن يلتزم وتحديداً المؤسسات الرسمية في قطاع غز بدفع ما تستهلكه من كهرباء، وفي نفس الوقت تشغيل المولدين الموجودين، بحيث يتم تقليص عدد ساعات انقطاع الكهرباء.
وفيما يتعلق بعمل المولدات التجارية في غزة، قال الزق: "هذا استثمار خطير جداً في موضوع الكهرباء، استثمار من طرف أناس محتكرين وأناس ليس عندهم ضمير، فالكهرباء لها سعر معروف، لكن أن تستغل الأزمة وترفع سعر الكهرباء المقدمة للمواطنين هذا أمر خطير جداً، يفترض التوقف عنده بجدية، لهذا يجب فضح هذا الموضوع والتأكيد على أن هناك شركة كهرباء هي من يجب أن تقدم خدمة الكهرباء فقط للمواطنين وبالسعر المناسب مع تردي أوضاع المواطنين في قطاع غزة.