عائلة الشهداء
فاطمة إبراهيم
قبل 19 عاماً ولد، محمد الفايد في مخيم جنين شمال الضفة الغربية، واختاروا له أن يحمل اسم عمه الشهيد محمد الفايد الذي استشهد قبل ذلك التاريخ بعامين خلال اجتياح المخيم عام 2002.
وقبل عام على ذلك المشهد كان الرضيع أمجد الفايد يأخذ اسم عمه الشهيد أمجد الذي استشهد مع شقيقة في الاجتياح أيضاً.
لم يحمل الشابان أسماء أعمامها الشهداء طويلاً، حيث استشهد كلاهما، في اقتحامات جيش الاحتلال الإسرائيلي لمخيم جنين. ولاقوا نفس نهاية الأعمام.
يقول خالد الفايد عم الشهيدين، "الفلسطينيون يحاولون تخليد ذكرى شهدائهم، بإعطاء أسمائهم للمواليد الجدد في العائلة، هذا ما فكرنا به، بعد أن خسرنا اثنين من أولادنا عام 2002، لكن لم نكن نعلم أننا أعطينا لهم نفس الصفة مع الاسم "شهيد".
وفي شهر أيار من العام الماضي استشهد أمجد الفايد 20 عاماً برصاص قناص إسرائيلي قرب دوار الأحمدين في مدينة جنين، يقول عمه خالد" فقدنا أمجد في البداية، وعادت ذكرى الفقد في العائلة، كان سيصبح خليفة عمه، وحامل اسمه، لكنه رحل أيضاً، وجربنا ألم الفقد مرة أخرى".
ولم يغادر ألم الفقد عائلة الفايد في مخيم جنين أبداً، فقبل حوالي أسبوعين قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي محمد ذو ال 19 عاماً خلال اقتحام للمخيم استمر قرابة 16 ساعة، واستشهد فيه 14 شاباً وجرح 17 كانت إصابات بعضهم خطيرة.
"فجعنا بمحمد أيضأ، الحمد لله هذا قدرنا، لكن الفقد شيء موجع جداً ولا يمكن وصف الحالة التي نعيشها كعائلة". يقول الفايد.
وقبل انتهاء بيت عزاء محمد " قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي عمه عصام 43 عاماً، على مدخل المخيم قرب الدوار المعروف بدوار الحصان، برصاصة اخترقت ظهرة وخرجت من بطنه، ثم منعت سيارات الإسعاف من الوصول إليه ونقله إلى المستشفى الذي لم يبعد عن مكان الاستهداف سوى عدة أمتار.
وعلى الرغم من كون الشهيد عصام من ذوي الاحتياجات الخاصة، ولم يشكل أي خطر لقوات الاحتلال التي كانت تجرف شوارع المخيم وتدمر بنتيه التحتية خلال اقتحامها له، إلا أنهم قرروا قتله.
"عصام معروف في المخيم أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة، وحتى جنود الاحتلال كانوا يعرفونه حين يقتحمون المخيم، كانوا يعرفون أنه لا يفرق بين السيارة العسكرية الإسرائيلية وبين جرافة الاحتلال، لم يكن يدرك أن ذلك قد يشكل خطرا عليه، عقله لا يدرك الخطر وهم يعرفون ذلك، لكنهم قتلوه كما قتلوا أبناء أشقائه وأخويه من قبل"، يقول الفايد.
يتابع، باستشهاد عصام تكون عائلة الفايد قد فقدت 5 من أبنائها شهداء، "رحمة الله عليهم جميعاً، خسارتنا كبيرة جداً، والكلمات لا يمكن لها أن تصف ما نشعر به، خسارة فرد واحد من العائلة أمر موجع جداً فما بالك بخمسة".
ولم تتوقف آلة القتل الإسرائيلية لحظة عن القتل والتدمير، سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة حيث عشرات الأسر محيت بالكامل من السجلات المدنية ولم يتبق منهم أحد خلال العدوان المستمر، في تحد واضح لكل النداءات والمطالبات الدولية لوقف شلال الدم.
لكن إسرائيل تواصل مجازرها على الهواء مباشرة ويتباهى قادتها باستهداف المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم بصورة تؤكد أنه لا حدود للجرائم في ظل الإفلات من العقاب.
ويضيف الفايد، "ليس بيدنا شيء، هذا احتلال، ماذا يمكن لنا أن نفعل، الاحتلال طبيعته القتل وارتكاب المجازر ولا يعرف الرحمة أبدا".
وبحسب وزارة الصحة وصل عدد شهداء محافظة جنين منذ بداية أكتوبر الماضي إلى 50 شهيدا، فيما وصل عدد شهداء الضفة الغربية إلى ما يقارب 225 شهيدا في ذات الفترة .
وفي إحصائية غير نهائية، أعلنت الوزارة ارتفاع عدد الشهداء في قطاع غزة، إلى أكثر من 14,100 شهيد، بينهم أكثر من 5840 طفلا، و3920 امرأة، بالإضافة إلى أكثر من 33 ألف جريح، وأكثر من 6800 مفقود، بينهم أكثر من 4500 طفل وامرأة.