حتى لا يذهب دمنا هباءً
شبح النكبة يخيم على نازحي أهل القطاع من شماله، إلى جنوبه، ثمة خيام تتوالى، وبحث مضنٍ عن لقمة عيش ممكنة، وأغطية تقي البرد، وساعة نوم واحدة بلا ترقب، ولا قلق ...!! ثمة أطفال يرتجفون لا من شدة البرد، بل من شدة الخوف الذي يخلفه صوت الطائرات الحربية، وانفجارات صواريخها المدمرة، وثمة أطفال لا يريدون الخروج من تحت الركام، قبل إخراج أمهاتهم وآبائهم وإخوتهم، لعلهم ما زالوا على قيد الحياة، تشبثا بالأمل وتحديا لليأس.
الحرب ما زالت متواصلة بمجازرها المهولة، ساعية وراء ذبح قطاع غزة من الوريد إلى الوريد، وإحالته إلى مجرد ركام، لا يصلح حتى أن يكون شواهد لأضرحة الشهداء الذين باتوا بعشرات الآلاف، وذبح القطاع المكلوم تريده إسرائيل الحرب والعدوان، ذبحا للقضية الفلسطينية، وأيضا من الوريد إلى الوريد، ولهذا ومع هذه الحقيقة، لم يعد بالإمكان تجاوز الضرورة لهزيمة هذه الحرب، وقبرها قبل أن تقبرنا روحا وأحلاما وتطلعات عادلة ومشروعة ..!! الضرورة هي الوحدة الوطنية، والخطاب الوطني الواحد الموحد، تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية، وراية القرار الوطني المستقل، لا تحت رايات المصالح الحزبية، وتلك الإقليمية التي لا ترى فلسطين حرة مستقلة، غاية من غاياتها، ومصلحة من مصالحها...!!
لا نريد، ولن تكون لنا راية بيضاء، لا في غزة، ولا في الضفة، ولا بأي حال من الأحوال، ولكنا نبحث عن تعقل وطني موحد، يوقف هذه الحرب، ويقتلع تلك الخيام النكبوية من أساسها، هذه التي نصبت في جنوب القطاع المكلوم، تعقل هو اليوم له هذه القاعدة الصلبة، في خطاب الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، منظمة التحرير الفلسطينية، تعقل لطالما كان بليغا، وقويا، وصريحا في خطاب الرئيس أبو مازن، وقد آن الأوان أن يكون هذه التعقل، أساس التعقل الوطني الموحد.
منظمة التحرير الفلسطينية وحدها اليوم سفينة الإنقاذ، ولطالما كانت، وستبقى كذلك، وستبقى تتسع للكل الوطني في إطارها الشرعي وبصفتها التي لا مساومة عليها، ومثلما أكد الرئيس أبو مازن، في اجتماع القيادة الفلسطينية السبت الماضي "ليس مهما من يكون في منظمة التحرير، المهم أن تبقى المنظمة هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني"، وهذا يعني دعوة للكل الوطني أن يكون تحت راية المنظمة وبلا أية ملابسات، ولا أية مخاتلات في شروطها الحزبية، والنخبوية.
كخطوة أولى اليوم، دعونا نحقق إجماعا في الخطاب الإعلامي، تجاه هذه الحرب العدوانية، لا نحو فضح مجازرها فقط، بل والتركيز على الكارثة، وما تحقق من فاجعة على الصعيد الإنساني، حتى يرى العالم بأم عينيه، ويسمع بملء أذنيه، ما الذي يتعرض له شعبنا، على يد إسرائيل الحرب والعدوان، من محاولة إبادة شاملة، تريد لنا الذبح والتدمير المطلق، خطابنا ينبغي أن يتولى هذه المهمة، ونعني طبعا خطاب الكل الوطني الفلسطيني، فلا يغرد كل على هواه ..!! نريد إجماعا في هذا الخطاب، كي يحمينا من الصور الاستعراضية، وبلاغة البيانات المتعالية على الواقع.. كلمة الحق يجب أن تقال، وحتى لا يذهب كل هذا الدم العزيز هباء..!!
رئيس التحرير