للتاريخ شهاداته
لا نظن أن الشيء الوحيد، الذي يجمع إيران وإسرائيل، هو أنهما لا يؤمنان بحل الدولتين (...!!) مثلما أعلن ذلك، وعلى رؤوس الأشهاد، وزير الخارجية الإيراني حسين عبد اللهيان، يوم أمس الأول، خلال منتدى دولي، عقد في العاصمة القطرية الدوحة .
أن تكشف طهران أنها ضد هذا الحل، على هذا النحو، وبمثل هذه الكلمات العقائدية، فهذا يعني أن هناك أشياء أخرى تجمعها مع تل أبيب، ومنذ سنوات عديدة. وفي التاريخ لا يمكن لأحد تجاوز حقيقة علاقات التعاون العسكري، بين إيران وإسرائيل، في ثمانينيات القرن الماضي، خلال حرب الخليج الأولى، وقد كشف عن هذا التعاون، وبالتفصيل السياسي والإخباري، خبير العلاقات الدولية والأسلحة النووية، وتاريخ صراعات الشرق الأوسط، المحاضر في جامعة حيفا "يعقوب هيخت" وذلك في مقال له، نشرته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" قبل سنة من اليوم.
علاقات تعاون عسكري من هذا النوع، التي جرت بلورتها في اجتماعات بين مسؤولين إيرانيين، وإسرائيليين، في باريس وجنيف، في ذلك الوقت، طبقا للخبير "هيخت" لا يمكن إلا أن تؤلف مصالح مشتركة، وأشياء أخرى عديدة تجمع الطرفين، لا عدم إيمانهما بحل الدولتين فقط ...!!
وإذا افترضنا أن ما قاله عبد اللهيان صحيح، وصادق بالمعنى الحرفي للكلمة، من أنه لا شيء يجمع بين إيران وإسرائيل الآن، سوى هذا الموقف من حل الدولتين، فإن هذا لا يلغي احتمال التعاون المشترك بينهما في العمل ضد هذا الحل ...!! وألا تؤمن طهران بحل الدولتين، فهذا يعني أنها بالضد من سياسة منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وبما يعني تحديدا وتماما، تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية الفلسطينية ...!!
الأخطر في هذا التدخل في اللحظة الراهنة، ما أعلنه عبد اللهيان أيضا أن حركة حماس، أكدت جاهزيتها لمواصلة القتال لعدة سنوات..!! وبما يشي تحريضه على مواصلة القتال، أو كأنها تعليماته في هذا الاتجاه (...!!) متجاهلا تماما، أن ثمانية وستين يوما من الحرب الإسرائيلية الظالمة، على قطاع غزة، خلفت حتى الآن، 18412 شهيدا، وعدد النازحين فاق المليون نازح، وبلغ عدد الجرحى ما يقارب الخمسين ألفا، وعدا عشرات الآلاف من البيوت والمساكن والبنايات التي أحالتها طائرات الاحتلال الحربية إلى ركام..!!
لا نظن أن أحدا لا يرى أن شهورا أخرى من هذه الحرب، لا سنوات، قد لا تبقي أي ملمح من ملامح الحياة في القطاع الذبيح، فقد أشهرت إسرائيل فاشيتها المطلقة، وتجاوزت كل اعتبار أخلاقي، وداست على كل دساتير الأرض وقوانينها، وهي تواصل هذه الحرب بلا هوادة، ولا جدال في ذلك الآن، بدلالة أن هناك أكثر من سبعة آلاف طفل، قصفت طائرات الحرب أعمارهم الطرية .
ليس هناك ما يجعل عبد اللهيان مهموما، في كل هذا الإطار، إذا ما كان الدم فلسطينيا ...!! فليسفح كيفما كان، فلعله يعزز علاقات العمل الإيراني إلاسرائيلي ضد حل الدولتين، ومن ذلك ما أعلن رئيسه قبل هذا اليوم، أن إيران لن تحارب نيابة عن "حماس" لكنها وطبقا للهيان ستحارب مع إسرائيل حل الدولتين ...!!
رئيس التحرير