الثلوج ترسم البسمة على شفاه الصغار والكبار في الخليل
جويد التميمي
استيقظ سكان الخليل، صباح اليوم، على مشهد جميل غطى جبالها ووديانها وأزقتها وشوارعها باللون الأبيض الناصع، ثلوج تساقطت منذ ساعات الفجر الأولى، باعثة البهجة والسرور في نفوس أهالي المحافظة وخاصتة الأطفال منهم.
وفي مشهد جميل، غطّت الثلوج الخليل بهذه الكثافة التي لم تعهدها منذ سنوات، ووقف العديد من أهالي المدينة على شرفات منازلهم ونوافذها، لمشاهدة تساقطه المتواصل بكثافة، وهم يهمّون الخروج إلى العراء للهو مع أطفالهم، وسط سعادة غامرة بهطوله، حيث قاموا بشراء المستلزمات الخاصة، كالقبعات والأحذية الجلدية الطويلة وكفوف الأيدي ...، ويتشوّقون ليصنعوا رجل الثلج.
الحاج محمد النتشة (53عاما) قال لـمراسل "وفا": إن تساقط الثلوج الكثيف أصبح نادر الحدوث على الخليل، وأذكر وأنا في ريعان شبابي، كيف كانت الثلوج تغطي الشوارع والجبال، ليزيد ارتفاع الثلوج في كثير من الأحيان عن المتر، وكانت لدينا مدفأة تعمل بالحطب تساعدنا على تحمل برودة الثلج القاسية.
ويضيف النتشة: "كنا نلزم بيوتنا فرحين سعداء، غير منتظمين في أشغالنا، وأطفالنا غير منتظمين في مدارسهم، يلهون على حول المنازل، وكان ذلك يستمر في بعض الأحيان، مدة تتراوح ما بين 10 إلى 15 يوماً، فالحياة كانت أحلى وأجمل وذات طعم آخر".
الطفلة ميساء أبو عيشة (11 عاما) قالت وهي تلعب في "الثلج" على عتبات منزلها: "أتمنى أن يستمر تساقط الثلج كي أبقى في المنزل برفقة جدي وجدتي وأمي وأبي وكافة أفراد عائلتي، الذين يلزمون البيت، ولا يخروجون إلا لعمل رجل الثلج الأبيض".
"أنا مسرور وألعب، لشوق الشديد بالثلوج، هذا ما قاله الطفل محمود الخطيب (13عاماً) لمراسل "وفا" وهو يلهو مع إخوانه وأصدقائه ويتقاذفون كرات الثلج، مضيفا "يا إلهي ما أجمل الثلج.. إنه لونه لون الصفاء والنقاء، إنني سعيد حقاً، فغداً بالتأكيد لن أذهب إلى المدرسة بسبب تراكم الثلوج".
وقال الخطيب، إنه قام بشراء بعض الأدوات الخاصة بالثلج، ليصنع رجل الثلج برفقة أصدقائه أمام حديقة منزلهم، وقد خرج من منزله منذ ساعات الصباح الأولى ليلهوا بالثلج قبل أن يمنعه والداه من ذلك".
من جانبه، أعرب الشاب جمال الطويل (18 عاما) عن سعادته بتساقط الثلوج، مؤكدا أنه عندما استيقظ ورأى الثلج يتساقط غمرته السعادة، وحمل "كاميرته" دون وعي من شدة الفرحة، وخرج بها إلى باحة منزله لتوثيق تساقط الثلوج قائلاً "إنها لحظات جميلة حقاً".
وأسهب الطويل قائلا: "إن جده وجدته يرويان له ولإخوانه، كيف كانوا يخزنون مؤونة الشتاء "أطعمة ومسليات"، منها "الزبيب ودبس العنب والكستناء والملبن والعين طبيخ..." ويتمتعون بتناولها خاصة عندما يتساقط الثلج.
وأضاف، "رغم فرحتنا الغامرة إلا أن الفرحة الأكبر هي للمزارع والفلاح الفلسطيني، لأن هذه الثلوج هي بشرى خير لعام زراعي جيد".
وتعطلت حركة السير في بعض شوارع الخليل وأزقتها، وأغلقت معظم المحالها التجارية والمؤسسات العامة والخاصة أبوابها.
واستدعى تساقط الثلوج، أن افتتحت بلدية الخليل غرفة عمليات وطوارئ لمواجهة المنخفض الجوي الذي دخل البلاد، وأعلنت البلدية حالة الطوارئ في جميع أقسامها العاملة على مدار الساعة.
وأكد رئيس بلدية الخليل خالد العسيلي لـ"وفا"، أن جميع مهندسي البلدية والعاملين في أقسام الكهرباء والمياه والإطفائية، والصيانة والصرف الصحي جاهزون، وتم ربطهم بغرفة عمليات تابعة للبلدية، بشكل يضمن التواصل والمتابعة للعمل بشكل علمي ومهني سليم.
وأضاف العسيلي، أن الآليات الخاصة بفتح الشوارع وإزالة الثلوج ونقل المواطنين في الحالات الحرجة، مارست عملها بشكل جيد، ولم تسجل لدينا أي حوادث تذكر حتى الآن.
ونوّه، إلى أنه تم الاتفاق مع شركات المقاولات والمتعهدين العاملين لدى البلدية بوضع آلياتهم تحت تصرف القسم الهندسي وغرفة الطوارئ التابعة للبلدية، ليكونوا على أهبة الاستعداد في حال حصول أي حادث عرضي لا سمح الله.
وأضاف، أنه تم توزيع نشرات توعية للمواطنين حول كيفية التصرف مع هذه الظرف الطارئة، التي تتراكم فيها الثلوج، حفاظا على سلامتهم وممتلكاتهم والممتلكات العامة.
ونوّه، إلى أنه تم نشر أرقام الطوارئ وأرقام هواتف مجانية، تسهل على المواطن توجيه النداء بأسهل كيفية وأسرع وقت.
وطمأن العسيلي المواطنين، بجاهزية البلدية التامة، مستشهدا بالأعوام الماضية، والتجربة في مواجهة المنخفضات الجوية السابقة، ونجاح طريقة التعامل في الظروف الطارئة، وانقطاع التيار الكهربائي.
وأوضح، أن تنسيقا كاملا يجري مع كافة الجهات والمؤسسات المعنية في المحافظة، من أجل مواجهة المنخفض الذي تتأثر به الخليل في هذه الأيام.
وكانت غرفة طوارئ البلدية أعلنت للمواطنين في حالة أي طارئ الاتصال على أرقامها التالية: الاطفائيه : 102 - 2228844 – 2292777، البلديــــــــة: 2228121 - 2228122 – 2228123، الكهرباء: 2233705 - 2233706.
من جهته، قال مدير شرطة محافظة الخليل العقيد رمضان عوض لـ "وفا": "على الإخوة المواطنين أخذ الحيطة والحذر الشديدين في التعامل مع الشموع، إذا انقطع التيار الكهربائي، والحرص عند استخدام وسائل التدفئة التي تستنفذ كمية الأكسجين في المكان الموجودة فيه".
وأشار عوض، إلى أهمية عدم وضع أي من وسائل التدفئة داخل الحمامات، مشددا على أهمية التأكد من إطفاء الشموع والمدافئ عند النوم.
مدير عام الأرصاد الجوية الفلسطينية يوسف أبو أسعد، قال لـ"وفا": "عمّت أمطار الخير كافة أرجاء الوطن، وتساقطت الثلوج بكثافه لم تشهدها محافظة الخليل منذ عدة سنوات، ويبقى الجو اليوم وغدا غائما وباردا وماطرا وعاصفا، وتتساقط الثلوج فوق المرتفعات الجبلية التي يزيد ارتفاعها عن 900 متر فوق سطح البحر، خاصة في محافظتي الخليل وبيت لحم.
وأضاف، "تبقى درجات الحرارة أدنى من معدلها السنوي بـ(10 درجات) مئوية، وتبقى الفرصة مهيأة لسقوط زخات متفرقة من الثلوج حتى صباح غد، موضحا أن نسبة تساقط الأمطار في الخليل وصلت حتى صباح اليوم إلى (362) ملم، في حين وصلت النسبة بمحافظة رام الله إلى (538) ملم، ويعني ذلك، حسب قوله، أن نسبة هطول الأمطار في الخليل لازالت حتى اليوم أقل من معدلها السنوي".
وحذر أبو أسعد، من شدة سرعة الرياح ومن تدني مدى الرؤية الأفقية، ومن خطر تشكل السيول في المناطق المنخفضة، ومن خطر التزحلق على الطرقات.
بدوره، قام الدفاع المدني في الخليل بفتح عدد من شوارع الخليل وحلحول، بعد أن غطتها الثلوج، وعملت طواقم وحدة الدعم والإسناد وفرق الإنقاذ في مديرية الدفاع المدني على إزالة العوائق من الشوارع، جراء سقوط بعض الأشجار وتساقط الثلوج في الخليل وشمالها.
وأفاد مدير الدفاع المدني في المحافظة الرائد أنور المحاريق لـ"وفا"، بأن طواقم وحدة الدعم والإسناد ووحدة الإنقاذ في مديرية الدفاع المدني عملت طوال الليلة الماضية، على فتح الشوارع الرئيسية والفرعية في حلحول شمال الخليل، والشارع المؤدي إلى المقاطعة، بسبب تساقط الثلوج وتراكمها وإغلاقها الشوارع، حيث استخدمت الفرق الجرافات والآليات الثقيلة، لإزالة الثلوج عن الشوارع وفتحها أمام حركة السير، كما عملت طواقم الإنقاذ على إزالة الأشجار التي سقطت بالقرب من دوار الصحة.
وأضاف المحاريق، "إن الطواقم عملت على فتح الطريق بين بيت أمر وحلحول على خط 60، وكذلك طريق المستشفى الأهلي، منوّها إلى أن طواقم الدفاع المدني وفرق المتطوعين في المحافظة، هم في أتم الجاهزية والاستعداد لتقديم الخدمات للمواطنين في كافة أنحاء المحافظة"، مشيدا بسرعة الاستجابة لدى الطواقم في التعامل مع الأحداث، وأنه لم تسجل أية إصابات حتى اللحظة.