تقرير: مساعٍ إسرائيلية حثيثة لشن حرب مسعورة وغير مسبوقة تمزق الضفة
قال تقرير أعده المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، "إن الانشغال بإدارة الحرب الوحشية التي تشنها حكومة نتنياهو – سموتريتش – بن غفير على قطاع غزة، لم تعطل مخططاتها ومشاريعها الاستعمارية، فهي أبطأتها، ولكنها لم ترفعها عن جدول أعمالها.
وأضاف المكتب، في تقرير الاستيطان الأسبوعي، الصادر اليوم السبت، أنه منذ أكثر من عامين على مصادقة المحكمة العليا الاسرائيلية على مشروع القطار المعلق إلى حائط البراق في البلدة القديمة في القدس، ودولة الاحتلال تواجه صعوبات في العثور على شركة دولية تتبنى المشروع.
ورغم ذلك استثمرت سلطات الاحتلال نحو ثمانية ملايين دولار في المشروع، فيما واصلت في الوقت نفسه اقتلاع أشجار زيتون قديمة، وعملية الاستيلاء على الأراضي من سكان بلدة سلوان.
ووفقا للمشروع، الذي عاد من جديد الى الواجهة، سوف تقام ثلاث محطات لهذا القطار المعلق: الأولى في نهاية شارع "عيمق رفائيم"، والثانية في "جبل صهيون"، والثالثة في ما يسمى بالحديقة الوطنية "مدينة داود" على سطح مبنى جمعية "العاد" الاستيطانية.
أما الهدف فهو، حسب القائمين عليه، خدمة مئات آلاف الأشخاص، وتسهيل وصولهم إلى البلدة القديمة، وحائط البراق كل عام، رغم أنه وفقا لكثير من التقديرات لن يحل مشكلة المواصلات، وسوف يلحق ضررا بالمشهد الطبيعي في الحوض التاريخي للبلدة القديمة، وبحياة السكان الذين يعيشون تحت مسار هذا القطار المعلق. جدير بالذكر ان محكمة الاحتلال العليا هذه كانت قد رفضت في أيار 2022 أربعة التماسات قدمت ضد الخطة، وصادقت عليها.
وتحاول "سلطة تطوير القدس" المضي بخطة القطار المعلق، وقد تم استثمار هذه الملايين من الدولارات حتى بدون التعاقد مع مستشارين في مجال المواصلات والأمن.
فقد تمت معظم التعاقدات، باستثناء واحدة، بدون مناقصات بفعل صعوبة العثور على شركة دولية، لتنفيذ هذا العطاء، خاصة بعد انسحاب أربع شركات أجنبية تحت تهديد وضغط حركة المقاطعة، ثلاث شركات فرنسية وشركة سويسرية، بسبب الحساسية السياسية للمشروع، الذي يلحق أضراراً كبيرة بالتراث القائم في المدينة، خاصة وأن الحديث يدور عن مشروع سياسي يستولي على عقارات، وبيوت، ويلحق أضرارا كبيرة بحياة السكان، ويشوه التاريخ والتراث، والمشهد الطبيعي في البلدة القديمة في القدس، وفي محيطها، وفق تقديرات جمعية "عيمق شفيه"، المعارضة للمشروع، الذي تدفع به هذه الجمعية المعروفة لتعزيز الاستعمار في بلدة سلوان.
وفي القدس كذلك، وفي إطار الحملة، التي تشنها دولة الاحتلال ضد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" أعاد قرار بلدية الإحتلال في القدس باخلاء الأرض، التي يقوم عليها معهد قلنديا التعليمي التابع للوكالة ، والذي تسلمته إدارة المعهد في 26 يناير كانون الثاني الماضي، طرح مشروع استعماري، كان قد أعلن عنه قبل سنوات لفائدة التوسع في البناء الاستعماري، حيث يسعى المشروع الى السيطرة على نحو 110 دونمات، أقيم معهد قلنديا على الجزء الأكبر منها، في مطلع الستينيات من القرن الماضي بموجب عقد ايجار موقع بين الحكومة الأردنية والوكالة. غير ان سلطات الاحتلال عادت تطالب باخلاء الأرض المقام عليها المعهد، بزعم بناء مراكز تعليمية وحدائق عليها.
كما سلمت سلطات الاحتلال اخطارات هدم لعشرات المنازل في محيط المعهد.
جدير بالذكر هنا أن مساعي الاحتلال السيطرة على الأرض تعود الى عام 2008، بعد أن أعلن تنظيم يهودي يميني متطرف بقيادة نائب رئيس بلدية الاحتلال آرييه كينغ حينها انه بحوزة تنظيمه تفويضا من مالكي الأرض وورثتهم للاستيلاء على 300 دونم من اصل 1150 دونما "بملكية يهودية".
وفي حال تنفيذ هذا المشروع الاستعماري، فإنه سيهدد مستقبل مئات الطلبة الفلسطينيين من أبناء مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، والذين يدرسون في المعهد في مئات التخصصات المهنية، اضافة الى هدم عشرات المنازل في محيط المعهد الذي تحيط به عشرات البنايات السكنية التي تؤوي مئات الأشخاص.
ومن المتوقع أن يعيق هذا المخطط الاستعماري التواصل الحضري الفلسطيني القائم بين رام الله والقدس الشرقية. وكانت لجنة التخطيط والبناء التابعة لبلدية الاحتلال في القدس قد صادقت عام 2021 على مخطط استعماري كبير على أراضي مطار القدس الدولي (قلنديا) المهجور، والمتاخم لمعهد التدريب المهني، ويشمل المخطط بناء نحو 11 الف وحدة استعمارية، وفنادق وحدائق عامة، ومناطق صناعية على 1243 دونما شمالي مدينة القدس المحتلة.
كما يشمل اقامة مجمعات تجارية بمحاذاة الشارع رقم 45، وتحويل الصالة الرئيسية في المطار الى "مرفق سياحي"، وتشمل المرحلة الأولى المصادقة على بناء 3800 وحدة استعمارية، على ان يتم لاحقا توسيعها الى نحو 10 آلاف وحدة، تضاف اليها المرافق العامة، والمناطق التجارية، والصناعية.
أما جديد مخططات الاستعمار، فهو دفع الحكومة الإسرائيلية بمخطط لبناء 3,344 وحدة استعمارية جديدة في الضفة الغربية، بما فيها القدس، ردا على عملية أمس الأول الخميس، التي استهدفت جنودا ومستعمرين قرب "حاجز الزعيم" العسكري شرق القدس المحتلة، وتحديدا في "معالي أدوميم" (2,350 وحدة)، و" كيدار " (300 وحدة)، و"إفرات" (694 وحدة)، وذلك استجابة لوزير الاستيطان في وزارة الجيش بتسلئيل سموتريتش، وقادة مجالس المستوطنات، الذين واصلوا الضغط على امتداد الفترة الماضية لدفع الحكومة إلى المصادقة على بناء آلاف الوحدات الاستعمارية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وكان بنيامين نتنياهو، قد عقد الخميس الماضي، جلسة لمجلسه الوزاري المصغر، شارك فيه كل من وزير الجيش يوآف غالنت، ووزير الاستيطان في وزارة الجيش بتسلئيل سموتريتش، ورون ديرمر وزير الشؤون الاستراتيجية، تقرر فيه الاستجابة لطلب قادة هذه المجالس عقد جلسة للمجلس الأعلى للتخطيط، للمصادقة على بناء هذه الوحدات الاستعمارية.
ويعيد ذلك الى الأذهان مسرحية الموافقة على بناء 5700 وحدة استعمارية بعد العملية، التي استهدفت مستعمرين في مفترق مستعمرة " عيلي " في تموز من العام الماضي، واتخذتها حكومة الاحتلال ذريعة لذلك .
ويستغل الثنائي سموتريتش وبن غفير ومعهم قيادات يمينية متطرفة من الليكود، ومن خلفهم قادة "يشع" الحرب على قطاع غزة لشن حرب مسعورة وغير مسبوقة، تمزق الضفة الغربية، حيث يسرعون في استكمال بناء ثمانية شوارع التفافية لتسهيل وتأمين حركة المستعمرين، كالتفافي حوارة، والعروب، وغيرهما، ويحولون حياة وحركة المواطنين الى معاناة يومية قاسية.
ظاهرة قديمة – جديدة تعيشها البلدات والقرى الفلسطينية في الضفة الغربية، وهي التوسع في إقامة الحواجز العسكرية، والبوابات على مداخلها، ومخارجها، وتغيير خطوط المواصلات بين المحافظات، لتتلاءم مع هذه الظاهرة.
هي ليست بالظاهرة الجديدة، فقد عاشتها الضفة الغربية في سنوات الانتفاضة الثانية، غير أنها هذه المرة أكثر قسوة، والأخطر أنها ترتبط ببنية نظام الفصل العنصري، الذي تقيمه دولة الاحتلال في الضفة المحتلة.
على أبواب مدينة نابلس أقامت سلطات الاحتلال ثماني بوابات جديدة، تصاف الى عشرة بوابات سابقة باتت تهدد حياة، ومصالح المواطنين، وحركتهم من والى المدن الأخرى في الضفة.
حتى الحركة في إطار المحافظة ذاتها أصبحت ثقيلة الظل على المواطن، ومحفوفة بالمخاطر، فضلا عن الوقت الضائع من يومه، عاملا كان، ام مزارعا، أم تاجرا، ام موظفا، أو حتى مريضا، بحاجة الى الرعاية في أحد مستشفيات المدينة.