إنّها الحزبيّةُ الضّيّقةُ
ما يغيظ حقًّا هو هذه النظرة الحمساوية، لضحايا العدوان الحربي الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة المكلوم، فهؤلاء الضحايا، من أهل القطاع، الذين فاق عددهم حتى اللحظة، مئات الآلاف، شهداء، وجرحى، ونازحين، ليسوا أهدافا حمساوية، وتاليًّا فإنَّ هذا العدوان الحربي الإسرائيلي لم يحقّق أيًّا من أهدافه ...!!
المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحماس، طاهر النونو، يقول بذلك وبكلمات لا تقبل أيَّ تشكيك أو تأويل مخادع، وبتصريح صحفي يقول إن الإنجاز الوحيد لإسرائيل هو هذا الإنجاز، استهداف المدنيين، وتدمير البنى التّحتية، وتاليًا فإنها لم تحقق أيًّا من أهدافها ...! الضحايا إذًا، والبنى التحتية، التي لم يعد لها أي وجود فعلي، والبيوت والبنايات التي دمرت، والحارات والشوارع التي جرفت، ليس كل ذلك ذا أهمية، طالما أن قيادات حماس في أنفاقهم لا يزالون بخير...!
يغيب عن هذه النظرة الحمساوية عديمة التّبصّر النضالي الوطني، أن إسرائيل لا ترى فروقًا بين مدنيين وعسكريين في حربها هذه التي ما زالت تترجمها كحرب إبادة للقطاع وأهله، وبكل مكوناته، وبنياته التحتية، وغير التحتية، وغير ذلك يغيب عن نظرة حماس، وتقديراتها المعرفية واللوجستية، أنه ما من حسابات أخلاقية في الحرب العدوانية الظالمة، وأنّ المدنيين والحالة هذه، يظلّون أهدافًا تطاردها طائرات الحرب وصواريخها، وهي الأهداف التي على المقاومة أولا توفير الحماية لها كي لا تفقد في المحصلة حاضنتها الشعبية التي يشكلها المدنيون.
لا نستطيع أن نستوعب، على الصعيد الأخلاقي تحديدًا، كيف أن 34151 ألف شهيدة وشهيدًا و77084 ألف جريحة وجريحًا لا تراهم حماس خسارة فادحة للمقاومة، وتاليًا ليسوا أهدافا ذات أهمية حققتها إسرائيل، بل إن التصريحات الحمساوية تسمي ذلك مجرد إنجاز(...!!) لإسرائيل، وأن هذا الإنجاز لا قيمة له بالنسبة لها ...! أليس هذا ما قاله النونو، وقبله أسامة حمدان، وموسى أبو مرزوق، ومعهم كذلك رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية!
إنها النظرة الحزبية الاستعلائية، التي لا ترى أنها جزء من العامة ولا شكّ أنها ليست نظرة المؤمن الصالح، فالحديث الشريف يؤكد ويوضح "مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، فأين حماس من هذا الحديث الشريف؟!
رئيس التحرير