المرافعة الفلسطينية البليغة
بالمسؤولية الوطنية، والأخلاقية ذاتها، وبالرؤية، المحمولة على الثوابت الوطنية المبدئية، وضع الرئيس أبو مازن مرة أخرى النقاط على الحروف بكل ما يتعلق بسبل الخلاص من الوضع الراهن، وتعقيداته السياسية، ومعضلاته الميدانية، وبداية كما جاء في مداخلته التاريخية أمام الاجتماع الخاص لمنتدى الاقتصاد العالمي في العاصمة السعودية يوم أمس الأول، وقف العدوان الحربي الاسرائيلي على قطاع غزة وإدخال المساعدات الغذائية، والإنسانية، إلى المواطنين في كافة أنحاء القطاع المكلوم وفورا.
ولم يذهب الرئيس أبو مازن إلى هذه البداية، إلا لأنها الأساس الذي على المجتمع الدولي الاستناد إليه لتفعيل الحل السياسي العادل للقضية الفلسطينية، الذي عليه أن يجمع قطاع غزة، والضفة الغربية، بما فيها القدس في دولة فلسطينية مستقلة من خلال مؤتمر دولي، كما أشار وأوضح الرئيس أبو مازن في مداختله، بل من الموضوعية القول في مرافعته الفلسطينية بالغة المسؤولية الوطنية والأخلاقية، التي شددت على أننا لن نسمح بتكرار مأساتي عام ثمانية وأربعين وسبعة وستين، من القرن الماضي وبمعنى أننا سنظل صامدين فوق تراب بلادنا، لا تهجير ولا ترحيل مهما توغل الاحتلال في سياساته العدوانية الفاحشة، شعبنا باقٍ فوق أرض وطنه وتطلعاته في الحرية والاستقلال تطلعات راسخة لا سبيل للتراجع عنها ولا بأي حال من الأحوال.
وقد نوّه الرّئيس أبو مازن في هذه النقطة بأنّ التهجير مرفوض عربيًّا، مؤكدًا أن الأشقاء في الأردن، ومصر، يرفضون بشكل قاطع ترحيل الفلسطينيين من بلادهم إلى أرضيهما.
الحل السياسي هو الممكن الوحيد، الذي ينهي هذا الصراع، وعلى المجتمع الدولي، الذي بات يتحدث عن هذا الحل أن يسعى إليه بخطوات عملية، والبدء بضغط فعال على دولة الاحتلال لوقف عدوانها على قطاع غزة، وفي اللحظة الراهنة ضرورة تفعيل هذا الضغط الفعال على إسرائيل لمنعها من اجتياح رفح، الذي ينذر بنكبة جديدة للشعب الفلسطيني، الضغط خاصة من قبل الولايات المتحدة الأميركية، التي ناشدها الرئيس أبو مازن أن تفعل ذلك، لأنها الدولة الوحيدة القادرة على منع إسرائيل من ارتكاب هذه الجريمة.
وفي إطار هذه المداخلة المرافعة، جدد الرئيس مطالبة دول العالم الاعتراف بدولة فلسطين أسوة باعترافها بإسرائيل، فلم يعد مقبولا أن تواصل المعايير المزدوجة حضورها في هذا الشأن، ولأن هذا الاعتراف سيجعل من طريق الحل السياسي العادل ممكنا، ولطالما أنه سيكون من خلال مؤتمر دولي وعلى أساس قرارات الشرعية الدولية.
مرة أخرى، لم تكن مداخلة فحسب، بل مرافعة فلسطينية بالغة الحسِّ والمسؤولية الوطنية والاخلاقية بلا شعارات مخادعة، ولا استعراضات استهلاكية، فدماء الضحايا الشهداء والجرحى من أبناء شعبنا، أكثر من أربعة وثلاثين ألف شهيدة وشهيد معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ في قطاع غزة وأكثر من سبعين ألف جريح وقرابة خمسمئة شهيد في الضفة، هذه الدماء الطاهرة الزكية لا تسمح بغير قول الحق والمسؤولية الوطنية والاخلاقية، وهذه هي مرافعة الرئيس أبو مازن.
رئيس التحرير