مخيم الفارعة....هل استفاق الناس من الصدمة
الحارث الحصني
جنوب طوباس، على بعد لا يتعدى أربعة كيلومترات على أكثر تقدير، يقع مخيم الفارعة للاجئين الفلسطينيين.
ومنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تعرض المخيم الصغير لأربع عمليات عسكرية نفذها الاحتلال بشكل متباعد زمانيا خلف بعضها دمارا كبيرا في البنية التحتية وممتلكات المواطنين.
لكن، يبقى الاقتحام الأخير، العاشر من الشهر الجاري، هو الأكثر تدميرا وتخريبا، وإن كان أقل دموية من تلك التي كانت خلال الأشهر التسعة الماضية.
وقد وصف الاقتحام على ألسنة المواطنين في المخيم، بأنه الأكبر، بعد أن استمر أكثر من 15 ساعة متواصلة وما رافقه من قتل وتدمير.
وتظهر على وجوه المواطنين في المخيم علامات الذهول، وإن بدأت بالتلاشي شيئا فشيء بعد أربعة أيام من اقتحام الاحتلال للمخيم.
لكن هل استفاق الناس من صدمتهم لما جرى في المخيم.
يشعر الناس أن الاحتلال يتوغل في عمق المخيم كل مرة بشكل مضاعف، ولا يعني هذا للسكان هناك إلا مزيدا من الدمار.
حتى اليوم، لا تزال علامات الذهول واضحة على وجوه المواطنين، وما زال بعضهم يزيل الركام الذي أحدثته جرافات الاحتلال.
يقول رئيس اللجنة الشعبية لخدمات مخيم الفارعة عاصم منصور: "ننتظر التقرير النهائي لحجم الخسائر في المخيم بفعل الاقتحام الأخير".
وإن كانت الصورة النمطية عند اقتحام المخيم متشابهة، لكن يظل حجم الدمار متفاوت في كل مرة.
قال أحد المواطنين وقد اعتذر عن التعريف بنفسه: "دمروا كل المخيم(..)، ماذا يعني اقتحام استمر أكثر من 15 ساعة متواصلة".
ولا يهم في المخيم تعريف المتحدث بنفسه، فقصص المخيم متشابهة.
يقول أحمد حبيب العايدي، "أحرقوا لي بيتا مساحته 100 متر مربع، ودمروا آخر بشكل جزئي مساحته 150 مترا مربعا من ثلاثة طوابق".
والصور التي التقطها المصورون والصحفيون ستظل الشواهد على واحدة من أكبر العمليات العسكرية للاحتلال ضد المخيم حتى منتصف عام 2024.
أحدث الاحتلال في اقتحامه الأخير دمارا كبيرا في البنية التحتية، وممتلكات المواطنين في المخيم. ويأتي تصور لدى المواطنين أن الاحتلال ينتقم من المخيم بالتدمير .
قال رئيس اللجنة الشعبية لخدمات مخيم الفارعة لــمراسل "وفا"، إن الاحتلال أحرق في الاقتحام الأخير ثلاثة منازل بشكل كامل، ودمر بيتين بشكل جزء، كما أحرق أربع مركبات، ودمر مركبة.
"دمروا أعمدة كهرباء، واتصالات، وشبكات مياه (..)، دمروا خطوط المياه في 8 مقاطع، وهدموا أسوار المدارس".
أصبحت الطريق الرابطة بين النادي والسوق، لا تصلح لسير المركبات فيه.
ومخيم الفارعة مليء بالحكايات الحزينة، آخرها الطفل النبريصي، فعلى عكس ما كان يحدث في كل اقتحام، ارتقى في هذا الاقتحام شهيد واحد وهو الطفل محمود إبراهيم النبريصي (15 عاما)، وعدد من الإصابات.
يعني الاقتراب من عمق المخيم، أن تقف على حجم الدمار عن قرب، خلال الاقتحام الأخير أحرق الاحتلال عددا من المركبات الخاصة للمواطنين، طالت النيران وقتها بيتا لأحد المواطنين.
قال العايدي، وهو والد أحد الشهداء الذين ارتقوا نهاية العام الماضي: "احتل الجنود الطابق الثاني عندي وحولوا ساحة البيت مقرا لهم".
ثم أكمل وبدأت سيل من الدموع تنهمر على نجله الشهيد: "هذه فاتورة الوطن(..)، هذا الوطن غال علينا".
مواطنون من المخيم يحملون الشعور ذاته.
أسس مخيم الفارعة عام 1949 فوق مساحة من الأرض تبلغ 0.26 كيلومتر مربع في التلال السفحية لوادي الأردن بالقرب من عين الفارعة.
ويبعد عن طوباس عدة كيلو مترات إلى الجنوب، وينحدر أصل سكان المخيم من 30 قرية تابعة للمناطق الشمالية الشرقية من يافا.
يذكر أن قوات الاحتلال، نفذت أربعة اقتحامات واسعة لمخيم الفارعة، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أسفرت عن استشهاد 17 مواطنا.