فتح… حتى النصر
ستون عاما، وما ثمة أحد، وما ثمة شيء استطاع أن يثبط عزيمة " فتح " وهمتها، أو أن يكسر إرادتها، أو أن يستولي على قرارها، ما ثمة شيء استطاع ولن يستطيع أن يوقف مسيرتها الحرة، لتواصلها نحو تحقيق كامل أهداف مهمتها التاريخية: دحر الاحتلال، وإقامة دولة الحرية والاستقلال.
ستون عاما و"فتح" تقتحم أصعب ساحات الصراع، وتخوض أصعب المعارك، وتجابه أعقد التحديات وأخطرها، وما ثمة غبش ولا ضبابية في الرؤية، ولا خطل، ولا خطيئة في الموقف الوطني، ولا مغامرات، ولا مقامرات في برامجها النضالية، ولا في حساباتها السياسية، على أن "فتح" بواقعيتها البشرية، وتواضعها المناهض للتعالي، والمكابرة، والنكران، تعرف أنها ليست من صنف الملائكة الذين لا يخطئون، لكنها دائما ما تلاحق الخطأ بالنقد والمساءلة، حتى خارج أطرها التنظيمية، وبديمقراطية غالبا ما تكون بلا أي مركزية، ما جعلها كتابا مفتوحا لكل الناس.
وستون عاما، وما ثمة تآمر، وقد تعدد، وتنوع، وتلون، من خصوم، وأعداء، إلا وتعرضت له "فتح" لكنه ما استطاع أن يوقف مسيرتها، ومنذ أن قدحت فكرتها الثورية الخلاقة، في أذهان خليتها الأولى، وحتى قبل أن تطلق رصاصتها الأولى، وقبل أن تزرع عبوة نفق عيلبون، كانت "فتح" تتعرض لشتى أنواع التهم، والتشكيك بوطنيتها، ونهجها الثوري، وبرنامجها التحرري، وليس كل ذلك إلا لسبب واحد وحيد، أنها رفضت، وترفض أن تكون في خندق غير خندق فلسطين، ولأنها وقفت، وستظل واقفة، ضد ارتهان القرار الوطني، وتبعيته تحت أي شعار كان، وهذا ما جعلها لا تشبه أحدا غير شعبها، وما جعل لسانها من لسانه، وعزمها من عزمه، وصلابتها من صلابته.
بلا عقائدية مغلقة، ولا تحزب ضيق، ولا عصبوية شعبوية، وبنهج وحدوي أصيل، كرست "فتح" الديمقراطية حتى في غابة البنادق، فيما كرست منظمة التحرير الفلسطينية، الإطار الجامع للكل الوطني، حتى انتزعت اعتراف النظام العربي، والإقليمي، والدولي، بالمنظمة ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني، فاعتلى أبو عمار، منصة الأمم المتحدة، بغصن الزيتون بيد، والبندقية بيد، واعتلاها الرئيس أبو مازن بعد أن جعل من غصن الزيتون مشروع سلام ممكنا، ليأتي بذلك لفلسطين بمقعد المراقب، في هذه المنظمة الأممية، بعد أن جعلها عضوا كدولة في العديد من المؤسسات، والمنظمات والهيئات الدولية.
لا حصر للإنجازات التي حققتها "فتح" مع الكل الوطني في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، اعترافات دولية بالغة الأهمية، بدولة فلسطين، سلطة وطنية فاعلة على طريق البناء والتكوين للدولة السيدة، تنمية في دروب الاستدامة، وعقد اجتماعي، لتكريس سيادة القانون، وتأمين أجدى منظومات الأمن والأمان، التصدي للفوضى والفلتان الأمني، لتحقيق أقوى وأفضل سبل الصمود، والمقاومة الشعبية، ضد الاحتلال، وسياساته الدموية وإجراءاته التعسفية.
"فتح".. ستون عاما من المواجهة، والنضال، والصمود، والبناء، والتنمية، سيرة حافلة، ومسيرة لا تعرف التراجع ولا التردد، ولا المهادنة حتى النصر.. حتى النصر.. حتى النصر.
رئيس التحرير