لكل حادث حديث ...
المحتجزون الإسرائيليون لدى حماس والجهاد الإسلاموي، باتوا عند التسليم وهم في حلة بالغة الترتيب، باتوا مع الاستعراضات الشعبوية، عبارة عن رسائل حمساوية لإسرائيل، مفادها أنهم قد بلغوا أمر التعقل، والطاعة، وحسن الخلق والسيرة، إذ هم يسلمون المحتجزين مصحوبين بالهدايا والصحة الجيدة ..!!!!
فضائية "الجزيرة" بمراسليها هناك، ومعهم تعليمات المركز في هذه الفضائية، ألا ينطقوا بغير كلمات الأحابيل اللغوية، كلمات الخديعة، التي تتحدث عن براعة، وصلابة المفاوض الحمساوي حتى أنجز اتفاق الهدنة، وبوصف هذا الاتفاق، الذي لم ينه الحرب (...!!) نصرا لا سبيل للتشكيك به...!!!! يكررون على نحو محموم، يبعث في الحقيقة على الشفقة، كلمات الخديعة ذاتها، بل ما من كلمات عندهم سواها..!!
أكثر من خمسين ألف شهيدة وشهيد، وأكثر من مئة ألف جريح، والنتيجة اتفاق مسرحيات استهلاكية، ورسائل تؤكد لإسرائيل، ملتزمون بالاتفاق على أكمل وجه، مع اطلاق سراح محتجزين لا غبار على ملابسهم، وكأنهم كانوا في منتجعات ترويحية ...!!
حافظوا لا على أرواحهم فحسب، بل وعلى راحتهم أيضا، ونسوا وتناسوا أن يحافظوا على أرواح أبناء القطاع، الذين ظلت طائرات إسرائيل الحربية تدك حياتهم وبيوتهم طوال خمسة عشر شهرا ...!! مع العلم وهم المتمسحون بالدين، نسوا وتناسوا أن من مقاصد الشريعة الإسلامية، ضرورة حفظ النفس وحفظ العقل، وحفظ المال.
ألم يكن بالإمكان تسليم هؤلاء المحتجزين في الأسبوع الأول من حرب إسرائيل على القطاع، وقد اتضح أنها بالغة العدوانية والتوحش ..؟؟ كنا سنودع بضعة آلاف من الشهداء بعد ذلك الأسبوع، وبضع مئات من البيوت والبنايات ...!!
لماذا ظلت المكابرة والنكران طوال خمسة عشر شهرا ملازمة لحركة حماس حتى تفجرت الآلاف من قلوب أهل القطاع مع حناجرها، وبلغت الجائحة أقسى حالاتها، لنصل بعدها إلى لحظة الاستعراض فقط، وبحسن الخلق والسيرة، فيما "الجزيرة" تسحج لنصر لا حرر فلسطين، ولا الأقصى، ولا حتى القطاع الذبيح من دلالات هذا النصر، أو من صوره، وسيظل هذا أغرب نصر في التاريخ، إذ ينص اتفاق الهدنة على أن تغادر دفعات من المنتصرين(....!!!) القطاع، ودون عودة إليه ...!!
أي إثم يرتكبه خطاب الخديعة، هذا الذي تواصله فضائية "الجزيرة" بلا تردد ولا خجل ..؟؟ سيقرر التاريخ طبيعة هذا الإثم وحقيقته، ولن يكون ذلك بعيدا بعد اليوم، وحينها لكل حادث حديث.
رئيس التحرير