قوات الاحتلال تقتحم مدينة بيت لحم    "الخارجية" تطالب بتدخل فوري لوقف جرائم الاحتلال بتجويع شعبنا وترهيبه في غزة وجنين وطولكرم    استشهاد مواطنة برصاص الاحتلال في مدينة رفح    المجلس الوطني يدين اعتداءات المستعمرين وجيش الاحتلال بحق أبناء شعبنا    وزير الأوقاف: نرفض سقف صحن الإبراهيمي لإضراره بمكانته التراثية والتاريخية    الصحة: استشهاد شابين برصاص الاحتلال فجر اليوم في مدينة جنين    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة طولكرم ومخيميها لليوم الـ44 على التوالي    إصابتان في اعتداءات مستعمرين على رعاة الأغنام في الأغوار الشمالية    مستعمرون يهاجمون المواطنين وممتلكاتهم في مسافر يطا جنوب الخليل    الاحتلال يهدم معرضي مركبات قرب سردا شمال رام الله    السعودية تطالب بضغط دولي على إسرائيل لإعادة الكهرباء إلى غزة دون شروط    اليونيسف: 90% من سكان غزة غير قادرين على الحصول على المياه    إصابة ثلاثة شبان برصاص الاحتلال في بيت فجار    اصابات واعتقالات ومداهمات خلال اقتحام الاحتلال بلدة عزون شرق قلقيلية    استشهاد مسنة برصاص الاحتلال في جنين  

استشهاد مسنة برصاص الاحتلال في جنين

الآن

هل تمحو إسرائيل النكبة بنكبة؟

مواطنون من مخيم نور شمس ينزحون قسرا بعد قرار الاحتلال هدم عشرات المنازل في المخيم

 رامي سمارة

أجبر الاحتلال الإسرائيلي ما يزيد على 40 ألف مواطن، من أصل 76 ألفاً، على مغادرة منازلهم في 4 مخيمات في محافظات جنين وطولكرم وطوباس، في أكبر عملية تهجير للفلسطينيين تشهدها الضفة الغربية منذ 1967.

خرج الناس عقب اقتحام جنود الاحتلال مساكنهم وطردهم بالقوة، أو على وقع تهديداتهم بهدم المنازل فوق رؤوسهم وإحراقها على من فيها، أو تلافياً لتبعات تدمير الآليات الإسرائيلية للبنى التحتية وقطع الخدمات الحيوية من ماء وكهرباء ومنع وصول الإمدادات الأساسية ومنها الصحية.

منذ أن شرعت إسرائيل بعدوانها المسمى "السور الحديدي" في 21 كانون الثاني/ يناير 2025، والذي مثل العدوان الأوسع والأطول منذ عام 2002، تعرض زهاء 1130 منزلا ومنشأة للهدم إما بشكل كلي أو جزئي، في مخيمات: جنين، وطولكرم، ونور شمس، والفارعة.

واعتبرت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" أن عمليات الهدم واسعة النطاق تمثل نمطا جديدا يثير القلق، وتُخلّف أثرا غير مسبوق في اللاجئين الفلسطينيين.

وذكرت الأونروا أن تدمير البنى التحتية المدنية، بما فيها المنازل، الذي حول بعض المخيمات المستهدفة إلى أماكن غير صالحة للسكن، يفاقم احتمال عدم وجود ما يعود إليه سكان المخيمات، خاصة جنين وطولكرم ونور شمس، التي أُخليت تقريبا من اللاجئين.

ورأت الوكالة أن تغيير خصائص المخيمات في شمال الضفة الغربية بشكل دائم، هو أحد أهداف العدوان الإسرائيلي القائم، وليس بمعزل عن "قانوني" وقف عمله الأونروا في الأراضي الفلسطينية، اللذين أقرتهما "الكنيست" ودخلا حيز التنفيذ في الثلاثين من كانون الثاني / يناير الفائت.

وزير جيش الاحتلال يسرائيل كاتس، أكد ذلك بقوله: إن عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين تعطل داخل المخيمات المستهدفة بفعل "العملية العسكرية"، التي تنخرط في تنفيذها ألوية وكتائب وفرق خاصة، ووحدة مدرعة تضم دبابات وسلاح الجو.

وغير مرة، أوعز كاتس إلى جيشه بمواصلة احتلال المخيمات الثلاثة جنين وطولكرم ونور شمس حتى نهاية العام الجاري على أقل تقدير، والاستعداد لتوسيع نطاق العدوان ليمتد إلى وسط الضفة الغربية وجنوبها، التي غيرت إسرائيل تصنيفها من "ساحة تهديد" إلى "هدف للحرب".

المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار"، رصد تصريحات وتحليلات لشخصيات إسرائيلية، مفادها أن جيش الاحتلال لا ينفذ عمليات محدودة بأهداف محددة في شمال الضفة.

وبحسب ما رصده "مدار"، فإن ما يجري هو تنفيذ خطة لليمين الإسرائيلي المتطرف، تقوم على تهجير سكان المخيمات لفترة طويلة من الوقت، باستغلال ضعف منظومة القانون والنظام الدوليين.

وقد يكون أبلغ دلالة على ذلك، اقتحام رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مخيم طولكرم والتقاطه صوراً داخل منزل عائلة فلسطينية لاجئة بعد طردها منه، محاطاً بعشرات الضباط وفي الخلفية علم دولة الاحتلال وقد ثُبت على أحد الجدران، وخروجه لاحقاً بفيديو متباهياً بعمليات التدمير التي أتت على البنى التحتية.

ويرى الخبير في شؤون المؤسسات الأممية و"الأونروا" سامي مشعشع، أن دولة الاحتلال تسير بخطة متدحرجة تجاه هدف نهش حق العودة، إن تعذر حاليا القضاء التام عليه، ومفتاح ذلك هو إقصاء وكالة الغوث بعد العمل على شيطنتها وربطها بـ"الإرهاب".

وأكد أن التهجير القسري للفلسطينيين هو هوس إسرائيلي، والتوطين الإجباري للاجئي فلسطين، هو هدف إستراتيجي منشود، لأن مشروع ضم الضفة الغربية يتطلب تقليل أعداد الفلسطينيين إن تعذر الخلاص منهم بشكل كامل.

وذكر مشعشع أن قادة الاحتلال استفادوا من فشل مخطط التهجير الإجباري الجماعي في قطاع غزة، وراحوا يطبقون الترحيل بشكل جزئي انطلاقا من مخيم جنين. ونجاح ذلك يعني أن التجربة ستنسحب على المخيمات الأخرى خاصة تلك الواقعة في مناطق "ج" و"ب".

وبحسب الخبير في شؤون اللاجئين والمخيمات ياسر أبو كشك، فإن العدوان يُشن سعياً إلى تحقيق مآرب سياسية لا عسكرية كما تدعي إسرائيل، ويراد بها إنهاء دور وكالة "الأونروا"، وطي ملف اللاجئين، وإسقاط حق العودة، والقضاء على جزء من شرعية الوجود الفلسطيني.

وقال أبو كشك، إن عمل الاحتلال يتركز على طرد السكان من المخيمات وتحويلها إلى أحياء تتبع المدن، بإعادة تغيير معالمها وجغرافيتها عبر عمليات الهدم وتوسيع الأزقة.

ويقول الكاتب والباحث السياسي راسم عبيدات، إن شق الشوارع الواسعة، وهدم المنازل، والتهجير القسري، ومنع السكان من العودة إلى مخيماتهم، لفترة طويلة، تؤكد أن هذه العملية لها أهداف تتعلق بشطب حق العودة بعد أن جرى منع عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين بتشريعات إسرائيلية.

وأضاف: هناك مسعى للضغط اقتصادياً واجتماعياً على اللاجئين الفلسطينيين، بِنِيّة تفكيك النسيج الاجتماعي لسكان تلك المخيمات، ودفعهم إلى الاستقرار في القرى والمدن المحيطة المجاورة.

وفي تقرير لها، ذكرت وكالة "الأونروا" أنها تواصل تقديم المساعدات الطارئة للأسر المهجرة خارج المخيمات المستهدفة، لكنها اضطرت إلى تعليق كامل لعملياتها داخل تلك المخيمات، مع الاستمرار في إغلاق 13 مدرسة تابعة لها تخدم أكثر من 5 آلاف طفل شمال الضفة، فضلا عن المراكز الصحية والعيادات.

وأوضحت أن معظم الأسر المهجرة من المخيمات في شمال الضفة عاجزة، بدرجة متزايدة، عن تحمُّل تكلفة أسعار الإيجار الباهظة للغاية.

المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني، قال في تصريحات صحفية من جنيف، إن السماح بانهيار "الأونروا" بسبب حملة التضليل الشرسة، وتشريعات "الكنيست" الإسرائيلية، وتعليق تمويل المانحين الرئيسيين، سيكون له عواقب وخيمة، وسيخلق فراغًا خطيرًا في الأرض الفلسطينية المحتلة، كما سيؤدي إلى تداعيات خطيرة في الأردن ولبنان وسوريا.

وشدد على أن تفكيك "الأونروا" لن يؤدي إلا إلى تعميق معاناة لاجئي فلسطين، وبدلاً من ذلك، يمكن دعم المنظمة الأممية لإنهاء ولايتها تدريجيًا في إطار عملية سياسية تؤدي إلى تمكين المؤسسات الفلسطينية وإعدادها ضمن "حل الدولتين".

وأكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، رئيس دائرة شؤون اللاجئين أحمد أبو هولي، أن حجم الدمار في مخيمات الضفة الغربية بلغ مستويات غير مسبوقة، نتيجة 935 اجتياحا منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 400 مواطن، أغلبيتهم من الأطفال، وإصابة أكثر من 1250 آخرين، إضافة إلى اعتقال 2,368 مواطنا، وتدمير أكثر من 800 وحدة سكنية.

وحذر أبو هولي، من خطورة الأوضاع المعيشية والاجتماعية والصحية في مخيمات شمال الضفة الغربية، وتحديدا طولكرم، ونور شمس، وجنين، والفارعة، التي تتعرض لحملات تهجير قسري ممنهجة.

وأشار إلى أن تدمير البنى التحتية للمخيمات، بما يشمل شبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء والاتصالات، فضلاً عن تخريب المؤسسات العامة، وخاصة مقرات اللجان الشعبية داخل المخيمات، يأتيان في سياق محاولة الاحتلال طمس الشواهد التاريخية على نكبة 1948.

ولا يشكل العدوان الإسرائيلي على مخيمات في شمال الضفة الغربية الشاهد الوحيد على مخطط الاحتلال ومراميه المتعلقة باللاجئين ووكالة الأونروا، إذ برز مؤشر آخر تمثل في اقتحام فرق من بلدية الاحتلال في القدس برفقة الشرطة بشكل متزامن ثلاث مدارس ومعهدا تدريبيا في القدس المحتلة تديرها الوكالة يوم 18 شباط/ فبراير 2025.

ذلك تطور غير مسبوق، كما وصفه مدير شؤون الأونروا في الضفة الغربية رولاند فريدريك، لا سيما أنه شكل "انتهاكا خطيرا لامتيازات الأمم المتحدة وحصاناتها"، كما تخلله طلب فوري بإخلاء المؤسسات التعليمية الأربع، 3 مدارس في صور باهر وسلوان ووادي الجوز داخل القدس المحتلة، وكلية التدريب المهني في مخيم قلنديا شمال المدينة.

ونُفذت هذه الاقتحامات، بعد ساعات من إصدار رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، أمراً بالتطبيق الفوري للقانونين المتعلقين بحظر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين وتقييد عملياتها، في الأراضي الفلسطينية المحتلة، اللذين أقرتهما "الكنيست" الإسرائيلية في تشرين الأول/ أكتوبر 2024.

وتؤكد الأونروا أن القانون الأول يحظر عملياتها في القدس الشرقية بشكل مباشر، حيث يقع المقر الرئيسي في حي الشيخ جراح، و6 مدارس تضم 850 طفلا تديرها الوكالة، ثلاث منها داخل المدينة وثلاث أُخر في مخيم شعفاط شمالاً، إضافة إلى الكلية المهنية في مخيم قلنديا التي تخدم 350 متدربا، ومركزين صحيين: أحدهما في البلدة القديمة في القدس والآخر في مخيم شعفاط للاجئين.

ومن خلال مركزين صحيين في البلدة القديمة بالقدس وفي مخيم شعفاط، تقدم الوكالة خدمات لنحو 70 ألف مريض.

أما قانون "الكنيست" الثاني، الذي يخص قطع التواصل بين المسؤولين الإسرائيليين ووكالة الأونروا، فيجعل من الصعب للغاية على الوكالة الاستمرار في تقديم سائر خدماتها في الضفة الغربية وقطاع غزة، كما يقول رولاند فريدريك.

وأضاف أن هذين القانونين يتعارضان مع الالتزامات الدولية لإسرائيل، ويعيقان قدرة "الأونروا" على التنسيق مع السلطات الإسرائيلية، وخاصة فيما يتعلق بقضايا الوصول والحماية في الضفة الغربية، وأكد أن العجز عن التنسيق برزت تبعاته مع نزوح 40 ألف فلسطيني في شمال الضفة الغربية.

وأكد عدم وجود بدائل لمرافق وكالة الغوث، ما يحتم عليها الالتزام بمواصلة خدماتها، بما فيها التعليم لخمسين ألف طفل، والرعاية الصحية لنصف مليون مريض في الضفة الغربية، فضلاً عن برامج التعليم الطارئة لنحو مئتي ألف طفل في غزة، والتدخلات الإنسانية الممكنة هناك.

لمخيمات اللاجئين رمزية سياسية وتاريخية ونضالية، كونها الشاهد على نكبة الشعب الفلسطيني، وتضم الضفة 19 مخيما، وغزة 8 مخيمات.

وتشير سجلات "الأونروا" إلى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لديها وذلك في كانون الثاني 2022، حوالي 5.9 ملايين لاجئ منهم مليونان ونصف مليون في الضفة الغربية وقطاع غزة، ويشكلون نحو 42% من اللاجئين الفلسطينيين (15% في الضفة و27% في غزة).

وعلى مستوى الدول العربية، فقد بلغت نسبة اللاجئين المسجلين لدى وكالة الغوث في الأردن حوالي 40% من إجمالي اللاجئين الفلسطينيين، في حين بلغت هذه النسبة في لبنان وسوريا حوالي 8% و10% على التوالي.

وتمثل هذه التقديرات الحد الأدنى لعدد اللاجئين الفلسطينيين، باعتبار وجود لاجئين غير مسجلين، إذ لا يشمل هذا العدد من تم تشريدهم من الفلسطينيين بعد عام 1949 حتى عشية حرب حزيران 1967 "حسب تعريف الأونروا"، ولا يشمل أيضا الفلسطينيين الذين رحلوا أو تم ترحيلهم عام 1967 على خلفية الحرب، والذين لم يكونوا لاجئين أصلا. 

 

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025