الطفلة أثير.. رصاصة في الرأس
بدوية السامري
بدلا من أن تكون على مقاعد الدراسة بين زميلاتها، في مدرستها في قرية قصرة جنوب نابلس، أو في منزلها بين أحضان عائلتها، ترقد الطفلة أثير حسن التي لم تتجاوز العاشرة بعد، على سرير الشفاء في قسم العظام داخل مستشفى رفيديا في نابلس، بعد إصابتها برصاص الاحتلال في الرأس وهي داخل مركبة والدها وسط قريتها قصرة في الخامس من الشهر الجاري.
فبعد أيام من العناية الطبية المكثفة، استقرت حالة أثير بشكل نسبي، بعد وقف نزيف الدماغ، لكن رصاصة الاحتلال ما زالت في رأسها.
تمكن الأطباء من إخراجها من وحدة العناية المركزة بعد تحسن طفيف، لكنها لا تزال تخضع للعلاج اللازم لإتمام شفائها داخل مستشفى رفيديا.
وعند سؤالنا عن حالها أجابت: "الحمد لله" وأدارت رأسها جانبا.
يجلس الأب كفاح حسن على طرف سرير أثير، يراقب كل تحرك لابنته، بينما يلوح أمل في عيني الأم أن تصبح في حالة جيدة قريبا.
ويقول حسن: كنت من أقود المركبة، وكنا ستة أشخاص داخلها، متوجهين إلى المركز الصحي داخل القرية لعلاج حفيدتي التي تبلغ 4 أشهر.
وأضاف: أوقفنا جنود في طريقنا، وتفحصوا من في المركبة، وسمحوا لنا بالمرور، وعند وصولنا إلى وسط القرية أطلق جنود آخرون باتجاهنا 7 رصاصات إلى 8، سمعت على إثرها صوت انفجار زجاج المركبة الخلفي وصراخ زوجة ابني من الخلف.
وتابع حسن: واحدة من الرصاصات تلك هي من أصابت رأس أثير، فأُغمي عليها فورا، ورصاصة أخرى مرت من رأس زوجة نجلي، فأصابتها بجروح.
ويكمل: "لم أستطع النظر إلى الوراء حيث كان يجلس ابني (12 عاما)، وابنتي أثير، وزوجة ابني، كان هدفي الابتعاد عن الجنود".
ويضيف: بدأ الجنود بالركض باتجاهنا، وهم يطلقون وابلا من الرصاص على المركبة، حتى أني بت أرى الرصاصات بعيني تتوجه من الخلف إلى الأمام، حتى وصلت إلى المركز الصحي، ولحسن الحظ كانت مركبة الإسعاف هناك، وتم نقل أثير بسرعة إلى المستشفى حيث تم إدخالها إلى غرفة العمليات فورا.
ويقول حسن: "نجونا بفضل الله، خصوصا بعد كمية الرصاص التي أُطلقت علينا، والعشرات منها واضحة آثارها على المركبة".
اللحظات الأولى التي عاشتها العائلة في غرفة الانتظار كانت صعبة جدا، بعد وصف حالة أثير بالخطيرة، تناوبت فيها مشاعر الخوف والأمل، حتى خرج الأطباء من غرفة العمليات يقولون إنه تم وقف النزيف داخل الدماغ، والحالة مستقرة، لكن الرصاصة بقيت داخل الرأس.
ويقول الوالد: رحلة العلاج ما زالت طويلة، وربما تحتاج أثير إلى أكثر من عملية إضافية.
وتناشد العائلة المؤسسات الحقوقية والطبية متابعة حالتها الصحية وضمان تلقيها العلاج المناسب، خاصة في ظل الوضع الصحي الصعب في الضفة الغربية نتيجة الاعتداءات المتكررة والحصار المفروض على العديد من المناطق.
بينما شهدت مواقع التواصل الاجتماعي نشرا لقصة أثير على نطاق أوسع، لتسليط الضوء على معاناة الأطفال الفلسطينيين الذين يواجهون الموت والإصابة بشكل شبه يومي، بسبب ممارسات الاحتلال الإسرائيلي.
ووفقًا للقوانين الدولية واتفاقيات حقوق الطفل، فإن استهداف الأطفال والمدنيين يُعد جريمة حرب وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني. ومع ذلك، يستمر الاحتلال في سياساته القمعية دون أي محاسبة فعلية من المجتمع الدولي، ما يشجعه على الاستمرار في هذه الانتهاكات.
وأشار رئيس المجلس القروي في قصرة هاني عودة لـ"وفــا"، إلى أن ما تعرضت له الطفلة أثير ليس حادثًا فرديًا، بل هو جزء من واقع مرير يعيشه الأطفال والمدنيون الفلسطينيون في ظل الاحتلال، إذ يُحرمون من حقهم الأساسي في العيش بأمان وحرية، إذ كان قد استُشهد عم الطفلة أثير صبحي حسن، برصاص الاحتلال خلال اقتحامه للقرية، وهو على سطح منزله وأعزل، ولا حول له ولا قوة، في الثامن عشر من شهر كانون الأول من العام الماضي.
وقال، إن القرية تعاني يوميا اقتحامات متتالية لجيش الاحتلال، إضافة إلى الاعتداءات التي يقوم بها المستعمرون، حتى أن هناك بعض الأراضي أصحابها من أهالي القرية لا يستطيعون الوصول إليها، وذلك نظرا لموقعها جنوب شرق نابلس.
ــ