الهدنة.. حكايات عذاب
تقارير الأخبار الميدانية الواردة من قطاع غزة، التي تتحدث عن أحوال الناس هناك، تقارير كأنها قلوب تكاد تتقطع لشدة أهوالها وعذاباتها، تسيل بكلمات الدمع، والدم معا، وبأسئلة تدور في الشوارع الخربة، عن جدوى الهدنة التي لا تمنع قصفا، ولا تؤمن مأوى، ولا تفتح معابر، ولا توفر غاز الطهي إلا لتجار الحرب، رعاة السوق السوداء، من مسلحي حماس..!!!
تنقل التقارير عن مواطن في دير البلح ما نصه "توجهت إلى إحدى محطات تعبئة الغاز في محاولة للحصول على 2 كيلو من الغاز لأتمكن من طهو السحور لعائلتي، فأخبرني أحد العاملين في المحطة، أن الغاز موجود، ولكنه محجوز بقرار مسؤول من حماس (…!!!) وأن البيع يتم فقط في السوق السوداء"..!!
ما جدوى الهدنة حقا، والحال هي هذه الحال، القطاع بأكمله تحت وطأة الاحتلال، وتحت نيران عملياته الحربية، وانتعاش هائل للسوق السوداء..!!
على أي حال ولأجل أي هدف تفاوض حماس إذا لإطالة أمد هذه الهدنة، التي تتنوع فيها قصص العذابات اليومية لأهل القطاع المكلوم..!! التقارير الموثقة تنقل قصصا لا يمكن تصورها، قصصا تعض القلب، وتجرح الروح، فتسيل بدمع النواح العظيم.
في رفح التي تلوح الكارثة الإنسانية في أفقها،، تنقل التقارير عن مواطن هناك قوله "أي هدنة..؟ لم نر شيئا منها، القصف مستمر، والاحتلال لا يزال يسيطر على كل شيء، لا طعام، لا ماء، ولا حتى مأوى يحمينا"…!!!
وتنقل التقارير عن طبيب في مشفى أبو يوسف النجار "نعمل في ظروف كارثية، لا دواء، ولا معدات، ويوميا يوجد جرحى، وشهداء أصيبوا برصاص قناصة الاحتلال"…!!!
لا شيء في قطاع غزة مع هذه الهدنة غير هذا العذاب المهول، ولا شيء في الهدنة غير الصفقة، التي تريدها حماس لأجل أن تعيد لمسلحيها هراواتهم، لينهالوا بالضرب على طفلين، دون سبب يذكر، أمام مشفى ناصر، في خان يونس، قبل عدة أيام، كما نقل شريط مصور هذا المشهد الموجع..!!
أجل، لا شيء في هذه الهدنة غير الصفقة التي تسعى حماس لجعلها قارب نجاة، لحكمها في القطاع المكلوم..!! بخطل المقامرة وأوهامها، تتعامل حماس مع هذه الصفقة، وقد توهمت رهانا على واشنطن، يمكن أن يحقق لها ذلك، بعد محادثاتها مع "ادم بوهلر" المبعوث الأميركي لشؤون الرهائن ..!!
بخطل المقامرة، لا بالعقلانية، ولا بالواقعية، ولا بالتقوى، ولا بالوطنية في المحصلة، تواصل حماس سيرها في طريق القطيعة مع الواقع، والحقيقة، وهذه طريق مهلكة لا شك، مهلكة ومدمرة بهذه الصورة أو تلك… والأيام بيننا.
رئيس التحرير