النقل مجاني وبأسلوب جديد في معبر الكرامة لذوي الإعاقة ...
بهذه العبارة بدأ أحد المسافرين الحديث والهمس مع صديقه، وهم جلوس على المقاعد الفاخرة في صالة الانتظار الخاصة بالمغادرين في استراحة أريحا، وقبل أن يأتي دورهم للصعود إلى الحافلة المتوجهة إلى معبر الكرامة على الحدود مع المملكة الأردنية الهاشمية.
ولم يتردد صديقه في تأكيد ذلك أيضا، وربما شاركتهم أعين المسافرين الآخرين نفس الرأي والفكرة، وربما نفس العبارة، وهم يراقبون اثنين من ذوي الإعاقة الحركية، وكل منهما يدفع بيديه عجلات الكرسي المتحرك الذي يلازمه في كل تحركاته، ويتجهان نحو ضباط الشرطة الفلسطينية الواقفين بانتظارهما في نهاية الصالة، بعد أن حصلا على الإيصال الخاص بضريبة المغادرة والتي يجب أن يدفعها كل من يريد السفر عبر المعبر.
استلم أحد الضباط جوازات سفرهما، ومررها لزميله الجالس خلف جهاز الحاسوب، وفي أقل من دقيقة سجلا في كشف المغادرين، وتأكد الضابط من أن أوراقهما الثبوتية مكتملة، وأصبحا جاهزين للانتقال إلى الحافلة التي تنتظرهما في الخارج. وفي ثوان معدودة، وإذا بحافلة حديثة متوسطة خمرية اللون، تتسع في الحالات العادية لعشرين راكبا، تابعة لشركة "باصات شاهين "، وهي الشركة الناقلة للمسافرين في كلا الاتجاهين من الاستراحة وحتى المعبر، تفتح أبوابها الخلفية والسائق يحمل بيديه جهاز تحكم موصول بسلك كهربائي ومرتبط بخلف الحافلة، وانزل رافعة هيدروليكية مسطحة، رفعت الكرسيين المتحركين ومن عليهما في لحظات، فإذا بهما داخل الحافلة، والابتسامة لم تفارق محياهما رغم صعوبة وضعهما الصحي.
"نتبع نفس الطريقة مع القادمين من الأردن"
ثم صعد سائق الحافلة وثبت الكرسيين بأجهزة تثبيت خاصة محكمة بأرضية الحافلة، وانزل كرسيا من الجلد كان مطويا على جانب الحافلة الداخلي كي يناسب التصميم المطلوب، وجلس عليه مرافقا وربما كان ممرضا مع احد المسافريْن.
وقال جمال عوضات سائق الحافلة: "نحن ننطلق يوميا وعلى مدار الأسبوع إلى الاستراحة باتجاه المعبر، ننقل ذوي الإعاقة الذين يحضرون معهم الكرسي الخاص بهم، وحتى نصل إلى الجسر، وعندها تحضر حافلة أخرى تابعة لشركة (باصات عبده) وهي الشركة الضامنة لنقل الركاب ما بين جانبي نهر الأردن، وتتابع نقل ذوي الإعاقة وصولا حتى قاعة المسافرين في الجانب الأردني من المعبر".
وأضاف عوضات "اننا نتبع نفس الطريقة مع القادمين من الأردن، ونشعر بمدى الارتياح الذي نراه ونلمسه في وجوه الركاب، فهم يشعرون بأنهم مميزون بهذه الخدمة الفريدة عن غيرهم، فهي خدمة مريحة وسريعة ومجانية".
نعم، إنها إحدى الخطوات الكبيرة التي أنجزتها الإدارة العامة للمعابر والحدود والمدير العام نظمي مهنا، والجهات الأخرى التي تابعت وضع المعابر، وهي تضاف إلى الرصيد الكبير من الإنجازات، خاصة في الفترة الأخيرة، والتي شملت إتمام صالات المغادرين والقادمين والمرافق الهامة والحيوية الأخرى التي تزخر بها الاستراحة، وأنت تنظر إليها اليوم تقف بشموخ، والهدف منها تقديم الخدمة الأمثل للمواطن الفلسطيني وتقديم كافة التسهيلات الممكنة.
عاصي: " ذوو الإعاقة لهم الكثير من الحقوق"
واعتبر مدير شرطة معبر الكرامة الرائد مصطفى دوابشة "أن هذا التميز في الخدمة، والتي تقدم لكافة المسافرين من قبل الشرطة والأجهزة والإدارات الأخرى التي تتشكل منها إدارة المعابر والحدود أو الشركات الناقلة، إنما تأتي للتسهيل عليهم، وذلك إلى جانب التحسينات الأخرى التي طرأت على المنشآت، والتي تشكل أهم عناصر الراحة والرفاهية للمسافرين، وخاصة في الفترات التي تشهد حركة نشطة للمسافرين بشكل عام، وفي فصل الصيف على وجه التحديد".
وثمن رئيس الإتحاد العام للأشخاص ذوي الإعاقة عبد الحميد عاصي هذه الخدمة التي تقدم للمعاقين حركيا في المعابر، والذين يجدون صعوبة بالغة في التنقل بالطريقة الاعتيادية، ومؤكدا في الوقت نفسه "أن ذوي الإعاقة لهم الكثير من الحقوق، وعليهم واجبات حسب ظروف إعاقتهم، وهم ليسوا قضايا اجتماعية، ولا يجب أن ينظر إليهم بعين الشفقة".
وقال عاصي: "بدأنا نلمس أن هناك العديد من المؤسسات في محافظة أريح على وجه الخصوص بدأت بالتفاعل إيجابا مع قضايا وحقوق ذوي الإعاقة، وقد كان آخرها المبادرة التي أطلقتها شرطة أريحا بافتتاح المكتب الموحد لخدمة ذوي الإعاقة، والذي لاقى ارتياحا في صفوف المتلقين للخدمة سواء أولئك المتواجدين في محافظة أريحا أو القادمين من مختلف المحافظات للتنزه أو السفر إلى خارج فلسطين".