هناء الشلبي: كف ناعم يواجه "مخرز" السجان!
عبد الباسط خلف: تشتعل النار في موقد داخل خيمة التضامن مع الأسيرة هناء الشلبي، ويتحلق حولها الرجال، فيما يشتعل قلب الأم بديعة الشلبي( 67 عاماً) قهراً وألماً، وهي تحصي الأيام التي تمضيها ابنتها هناء في سجن الشارون. وتردد العبارة الأخيرة التي قالتها لها أثناء اعتقالها، أنها ستبدأ منذ هذه اللحظة الإضراب عن الطعام.
تقول وهي تحتضن صورًا لابنتها، وتبتلع ريقها الجاف، بفعل الإضراب الذي أعلنته لنصرة هناء " اقتحم الجيش حارتنا، وطوقوا الدار، وحطيت ايدي على قلبي، ودخلت على غرفة هناء، وحضنتها، وقالت لي: احميني يمّا. وبعدها دخلوا علينا، وسألوني عن ابنتي، وقال لي الضابط الساعة وحدة ونصف: صباح الخير، بدنا نشرب عندكم قهوة! وما بدنا نوخذ هناء، وسألني هل تزوجت ابنتكم، وكيف كانت حفلة تحررها في صفقة التبادل!"
يُكمل شقيقها عمر: أخرجوا هناء، وحاول جنود الاحتلال الاعتداء عليها، فصرخت عليهم ودافعت عنها، وقلت لضابطهم أن ترافقها المجندة، وأن لا يقتربوا منها.
فيما لم تنس الأم، اللحظات الأخيرة التي سبقت اعتقال ابنتها، فقد طلبت أن ترافقها أمها في سهرة إلى بيت شقيقتها هدى، وطالت الزيارة، وأمضين ساعات متواصلة من المزاح والضحك، وتناولت معظم المُسليات التي تحبها، وارتشفت قهوتها، ثم عادت إلى بيت أسرتها.
ترسم الأم صورة لابنتها، التي جاءت إلى الدنيا في 7 شباط 1982، وتتوسط عائلتها، فيما تكبر شقيقها الأصغر سامر، الذي اختطفه رصاص الاحتلال على بعد مسافة قريبة من منزل العائلة، في خريف عام 2005. فتقول: كانت تحب المزح مثيراً، وتحب أخوتها، وتساعدني في المنزل، وتطلب مني أن أكثر من طبخ المخشي والأوزي والمقلوبة. ولم تكن تزعل من أحد، وأحبت الذهاب إلى الحج في سن مبكرة، ولم نتمكن من ذلك، فأدت العمرة، وأعادها الاحتلال بعد الإفراج عنها عن الجسر( معبر الكرامة).
صارت أم عمر متخصصة في سجن"الشارون"، فقد أمضت هناء 25 شهراً فيه، وحظيت بلقب" عميدة الأسرى الإداريين". وزارت ابنتها أكثر من 40 مرة، وذاقت الكثير من المعاناة، والتفتيش، وتحملت عناء الانتظار والقهر، إلى أن تمكنت من احتضانها بعد إطلاق سراحها، وإطلاق زغرودة فرحة لم تستمر طويلاً.
يلاحق والدها يحيى الذي ينحدر من قرية صغيرة قرب حيفا قبل النكبة، كل شؤون ابنته، ويلاحق أخبارها من المحامين، وينتظر على أحر من الجمر نتائج قرار محكمة الاحتلال اليوم الاثنين بتثبيتها إدارياً، فيما يواصل إضرابه عن الطعام، لنصرة ابنته.
داخل الخيمة، تلتصق شعارات وطنية، وصور هناء، وتتحد مع رسم شقيقها الشهيد سامر، ورفيق دربه الذي تقاسم معه لقب الشهادة نضال خلف، وتعلو المتضامنين عبارات الصمود والتحية لأسرى الحرية، فيما يتغير الرقم الذي يشير إلى إضراب هناء إلى الرقم(11).
يقول مدير نادي الأسير راغب أبو دياك لـ(ألف) إن محامي النادي فواز سلودي زار هناء أمس، وأفاد بتعرضها للضرب، والإهانة والتفتيش، والتهديد بنقلها إلى قسم السجينات الجنائيات، حال اصرارها على الإضراب.
ويؤكد أن التضامن مع هناء بدأ منذ اليوم السابع لدخولها معركة الأمعاء الخاوية، بينما حدث ذلك مع خضر عدنان بعد 35 يوماً، وهذا تطور يبشر بمدى تفاعل الشارع مع أسرى الحرية، الذي يحتاج إلى المزيد من الالتفاف.