اللوحات الإعلانية... فوضى الانتشار وتناسي الأخطار
بسام أبو الرب
يهدد سقوط بعض اللوحات الإعلانية أو "اليافطات" المنتشرة على جنبات الطرق ومداخل المدن الرئيسة، والتي لا تلتزم بالمواصفات والمقاييس في المواد المستخدمة لتصنيعها، إضافة إلى موقعها وحجمها، حركة وحياة المواطنين، خاصة في ظل شدة حركة الرياح أثناء المنخفضات الجوية التي تضرب المنطقة.
الكثير من هذه اللوحات المتناثرة شكلت عائقا أمام حركة المرور والمواطنين، وبعضها حال دون وضوح الرؤية سواء للسائقين أو المواطنين خاصة عند عبور الشوارع العامة أو على المفترقات والمنعطفات.
طواقم جهاز "الدفاع المدني" في بعض المحافظات تعاملت مع حوادث سقوط بعضها، وطالبت أكثر من مرة عبر وسائل الإعلام، إدارة السلامة والوقاية في الشركات المالكة للوحات الإعلانية باتخاذ إجراءات أكثر أمنا في تحصين وضع هذه "البوردات" لما تشكله من خطر وخصوصا في ظل الأحوال الجوية العاصفة، وذلك على ضوء الشكاوى التي وصلت إليها.
مدير عام حكم محلي رام الله والبيرة صفوان الحلبي، يؤكد أن الوزارة منذ وجودها وهي تعمل "جاهدة لإيجاد أنظمة وقوانين لخدمة المواطنين والحفاظ على حياتهم وممتلكاتهم في كافة محافظات الوطن"، مشيرا إلى أن الكثير من المتابعات ما بين الوزارة والهيئات المحلية هي علاقة قانونية يحكمها رقم 1 لعام 1997 وهناك تعديلات لهذا القانون عام 2008.
وقال الحلبي إن الوزارة تعمل من خلال نظام اللافتات والإعلانات في منطقة الهيئة المحلية الصادر بمقتضى المادة (2) والمادة 15/أ من قانون الهيئات المحلية رقم 1 لسنة 1997، مؤكدا أن هناك تعديلات حصلت عليه بما يتلاءم مع الوضع الحالي في النظام.
وأضاف أن بعض الهيئات المحلية مثل بلديات رام الله والبيرة وبيتونيا، عمدت إلى وضع نظام "اللافتات والإعلانات" الموحد، والذي يضع شروطا عامة ومواصفات إنشائية حسب الملحق رقم (3)، ويستوجب الحصول على رخصة من الهيئة المحلية للوحات الإعلانية بأنواعها المختلفة، والموافقة على تصاميم اللوحات المبدئية والألوان والمواد المستخدمة.
وأوضح أن الوزارة لديها أنظمة وقوانين تسمح للهيئات المحلية كما في الهيئات الثلاث السابقة، بعمل نظام موحد يكون مصادقا عليه من الوزارة، حيث إنه من خلال ما ورد في القانون يحق للهيئة المحلية أن تقوم بعمل نظام ما يتعلق بعملها ومصادقة وزير الحكم المحلي عليه، وثم تنسيبه إلى مجلس الوزراء للمصادقة عليه.
وأشار إلى أنه حسب النظام الموحد للبلديات الثلاث يلتزم صاحب الإعلان أو الشركة المنفذة بالصيانة الدورية وإصلاح الأعطال والتلف الناتج من الحوادث المرورية والعوامل الطبيعية، ورفع المخلفات الناتجة عن ذلك والتأكد من سلامة التركيبات الكهربائية.
وبين الحلبي أنه حسب المادة التاسعة في النظام الموحد لا يجوز وضع أو تركيب أية "يافطة" في أي موقع كان، سواء في الأملاك العامة أو الخاصة إذا كانت تشكل حسب رأي جهة الاختصاص في البلدية عائقا أمام حركة المرور وسير المشاة أو أنها تحجب الرؤية عن أي من الشواخص التحذيرية والإرشادية.
وأوضح أنه حسب النظام يجب اختيار الموقع المناسب للوحات الإعلانات؛ بحيث تكون بعيدة عن أماكن الخطر كقربها من المواد القابلة للاشتعال أو مناطق التخزين، وألا تشكل نقاط جذب للأطفال، ولا تؤثر على درجة انتباه السائقين، إضافة إلى الالتزام بالتعليمات الصادرة من الهيئة المحلية والمتعلقة بمراقبة اللوحات الإعلانية فيما يتعلق بالصيانة والنظافة والسلامة العامة.
وأكد وصول العديد من الشكاوى من المواطنين بخصوص بعض اللوحات الإعلانية، مضيفا أنه تم العمل على إزالتها، كونها مخالفة للقانون في التعدي على الطريق أو حجب الرؤية.
من جانبه، أكد القائم بأعمال رئيس قسم الهندسة في بلدية البيرة يوسف البابا، أنه لا يوجد قانون موحد وعام ينظم آلية التعامل مع اللوحات الإعلانية أو اليافطات على مستوى الهيئات المحلية في الضفة، بل يتم التعامل معها حسب نظام موحد تعمل به بلديات رام الله والبيرة وبيتونيا، مؤكدا أنه تم طرح وضع قانون موحد يحكم عمل البلديات في هذا الإطار، إلا أن بعض البلديات أبدت اعتراضها على بعض النقاط، كون كل منها لها خصوصية باختلاف المواقع والمراكز التجارية فيها، إضافة إلى المردود المالي العائد عليها من شركات الدعاية والإعلان والتي تدفع حوالي 30 دينارا لكل متر مربع.
وبين البابا أنه حسب النظام الموحد "لا يجوز لأي شخص أو مؤسسة عامة كانت أو خاصة أن تقوم بتركيب أية لافتات أو إعلانات في مواقع تملكها البلديات، كالشوارع والأرصفة والجزر أو في الأراضي الخاصة أو الأبنية المحاذية لجانبي الطريق، إلا بعد حصوله على الترخيص اللازم من الهيئة المحلية صاحبة الصلاحية".
وأوضح أنه حسب المادة السابعة من النظام الموحد، فإن البلديات تلتزم بتحديد الترخيص للوحات الإعلانات بصورة تلقائية خلال السنوات الثلاث الأولى إلا إذا استجدت ظروف تستدعي إزالة اللوحات مثل: توسعة شارع، تغيير طريقة استعمال الأرض المجاورة، تشكيل إعاقة التوسع العمراني، الإخلال بمتطلبات السلامة العامة... الخ".
وقال القائم بأعمال مدير دائرة الهندسة في بلدية رام الله عدي الهندي، إنه في إطار التعامل مع جانب "اليافطات" الإعلانية، هناك مواصفات ومقاييس تتعاطى البلدية معها؛ من حيث الأبعاد والمواقع والترخيص.
وأشار إلى أن البلدية تتعامل مع هذه "اليافطات" ضمن مواصفات واستشارات من المكاتب الهندسية التي هي بدورها تتحمل المسؤولية عن مواصفاتها ومدى متانتها والمقاييس المحددة، إضافة إلى التزام صاحب الإعلان أو الشركة المنفذة بتقديم "بوليصات" تـأمين لتغطية أية أضرار تنتج من هذه اللوحات لأي فريق ثالث، مع الأخذ بعين الاعتبار الالتزام بتركيب اللوحات و"اليافطات" بكافة أنواعها بحيث لا تعيق حركة المرور أو حجب الرؤية في الطرق العامة وأرصفة المشاة. وألا تكون المواد التي تدخل في صناعة جسم اللوحات الإعلانية من مواد قابلة للاشتعال.
وأوضح الهندي أنه بالنسبة للمواصفات الإنشائية وحسب النظام الموحد للبلديات الثلاث، يجب أن تكون السطوح أو الجدران لأي منشأة يراد تعليق أو تحميل لوحات الإعلانات عليها قادرة على تحمل وزن اللوحة أو توزيع أوزان الرياح إلى القواعد، أو مقاومة القوى الجانبية التي قد تنشأ من الزلازل الأرضية وتتحمل الشركة المسؤولية الكاملة عن ذلك.
وأضاف: يجب أن يتم تثبيت اللوحات على الجدران أو العناصر الإنشائية الكاملة بنظام ربط مناسب يسمح بحمل وزنها وتصريف قوى الرياح إلى الحائط أو العنصر الإنشائي الحامل، مع مراعاة أن تكون القطع والأدوات التي تستخدم لتثبيت اللوحات وربطها بالمنشأة من الحديد المجلفن، وتكون جميع أعمال الجلفنة طبقا للمواصفات القياسية، إضافة إلى تثبيتها وفق مخططات هندسية موقعة من مهندس إنشائي معتمد على أن يراعى في ذلك كافة الأصول الفنية، والقواعد الهندسية المتعلقة بإمكانية تحمل المنشأة لهذه اللوحة وكذلك أمان وسلامة التركيب، ويشترط ألا تتعارض مع فتحات الأبواب والنوافذ ووسائل الإنقاذ وأعمدة الصرف ومواسير المياه وأجهزة التكييف.
وشدد الهندي على أن يتم ردم قواعد أعمدة اللوحات على طبقات على أن يتم "دمك" كل طبقة حسب الأصول الفنية، ويمكن استخدام مواد الحفر في إعادة الردم في حالة كون هذه المواد نظيفة وخالية من الشوائب.
من جانبه، أكد مدير عام شركة "زووم" للدعاية والإعلان فراس عوض، أن المشكلة في مجال اللوحات الإعلانية تكمن في إطار تصنيف من يحق له أن يقوم ببناء هذه اللوحات الإعلانية، حيث الكثير من الأفراد وليس الشركات يضعون هذه اللوحات بعد الحصول على التراخيص من الهيئات المحلية، دون قيود أو شروط، الأمر الذي يشكل انتشارا واسعا لهذه اللوحات.
وقال إن القانون الذي سن عام 1997 بخصوص نظام اللافتات والإعلانات، هو عام وغير محدد ودون تفاصيل، ويحتاج إلى تعديلات في ظل الثورة في عالم الدعاية والإعلان، مؤكدا أن الهيئات المحلية أصبحت أكثر صرامة من ذي قبل في هذا الإطار ومراقبة اللوحات الإعلانية ضمن حدودها، وذلك عقب سقوط بعضها جراء موجات الرياح الشديدة التي صاحبت المنخفضات الجوية خلال موسم الشتاء الحالي، الأمر الذي شكل ناقوسا لتشديد الرقابة عليها.
وأضاف أن الشركة تبني هذه اللوحات ضمن مواصفات ومقاييس هندسية، وتصمم بناء على شروط الهيئة المحلية من أجل الحصول على التراخيص اللازمة، مؤكدا أن الالتزام بهذه المواصفات هو ضمان للشركة وسمعتها قبل أن يكون ضمانا لأي طرف كان.
وأوضح عوض أن شركات التأمين كان عندها معضلة في عملية حصر حجم الأضرار أو الأخطار في التعامل مع هذه اللوحات، لكن مؤخرا أصبحت تتقبل جانب التأمين على هذه اللوحات في إطار التأمين ضد الغير والحوادث، مع الأخذ بعين الاعتبار مراعاة شروط السلامة العامة في التعامل مع هذه اللوحات من حيث الموقع ومتانتها.
وأكد طارق العاروري المدير التنفيذي لشركة "V&V" للتسويق، أن البلديات في السابق لم يكن لها تدخل قوي في هذا الإطار لكن مؤخرا أصبحت تتابع عن كثب آلية تركيب وموقع اللوحات الإعلانية خاصة ذات المساحة الكبيرة، ورجع عملية سقوط بعض هذه اللوحات خاصة في ظل تزايد سرعة الرياح والتغيرات الجوية لعدم التزام هذه اللوحات في الموصفات والمقاييس وعدم عمل صيانة دورية لها.
وقال العاروري إن الشركات الإعلانية أصبحت مؤخرا تتعامل في التأمين على هذه اللوحات، في إطار التأمين ضد الغير والتعويض باعتبار ذلك حماية للشركة والمواطن، مشيرا إلى أن إقرار قانون خاص حول آلية عمل اللوحات الإعلانية جيد؛ كون ذلك يعتبر حماية للشركة والمواطن، ويوحد السعر بين الشركات الإعلانية.
يذكر أن قانون رقم (9) لسنة 1995 بشأن المطبوعات والنشر، لم يتعرض لأي من الأمور التي تنظم عمل لوحات الإعلانات، بل ركز على فحوى المواد المعلنة، حيث ورد النص في المادة 37 أنه يحظر على المطبوعة أن تنشر "الإعلانات التي تروج الأدوية والمستحضرات الطبية والسجائر وما في حكمها إلا إذا أجيز نشرها مسبقا من قبل وزارة الصحة".