الحور العين تختطف سالم من خطيبته
خالد كريزم
لا تكاد تُصدّق عائلة الشهيد أحمد نافذ سالم (24 عامًا) أنّ شهيدها المُقرّر أن يُصبح عريس الغد بعد قرابة الـ 3 أسابيع، أصبح اليوم في عداد شهداء التصعيد الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.
وكان سالم الذي استشهد في غارة على حي الزيتون شرق مدينة غزة الأحد ضمن الـ500 عريس الذين احتفلوا الخميس الماضي في "عرس الشباب الفلسطيني" بملعب فلسطين وسط المدينة.
وشاءت الأقدار للشهيد أحمد أن يتقدم موعد زفافه بشهر إلى الحور العين على إثر قصف مزق جسده إلى أشلاء، ما دفع العائلة للف جسده بعلم فلسطين في وداعه إلى المقبرة بدلا من بدلة الفرح التي كانت ستدخله عش الزوجية.
لقاء الأحبة الأخير
اللقاء الأخير الذي جمع الشهيد سالم بخطيبته كان ليلة الخميس، بعد الانتهاء من "عرس الشباب الفلسطيني" الذي جمع العرسان والعرائس كُلٌ على منصته.
ودار الحديث بين الشهيد وخطيبته في آخر لقاء لهما حسب نافذ سالم -والد الشهيد- حول الاستعدادات الخاصة بالفرح والتجهيزات لقُرب موعد الزفاف.
ويقول والد الشهيد الذي أنهكه الحزن والتعب لـ"صفا" إنّ ابنه كبقية شباب الشعب الفلسطيني المرابطين المُحبين لبلادهم، والذين يغارون على المقدسات من الانتهاكات، كان دومًا يتمنى لقاء ربه جل وعلا فتحققت أمنيته".
ويُشير إلى أنّ وصية الشهيد أحمد كانت أن يُستقبل خبر استشهاده بالزغاريد، "وهو ما كان فعلا، فوالدته والنسوة في البيت استقبلن الخبر بالزغاريد، وكان لسان والدته لا يردد غير "الحمد لله رب العالمين".
ويُخاطب والد الشهيد ابنه متمتمًا: "يا ولدي كنت أتمنى أن أحضر عرسك وأعملك زفة وحنة، لكن عزائي أنّك عريس الحور العين في الجنة".
"ما هذا بشرا"!
وحينما أدخلوا الشهيد لتودعه العائلة، يروي والده "أحمد زي العريس.. لم نشاهده من قبل بهذا الجمال، لا تزال صورته عالقة في ذهني، كان وجهه يشع نورًا، لم أره في حياتي بهذا الجمال".
وعن تلك اللحظة، أشار إلى أنّ بعض النسوة أخذن يبكين، مستدركًا "لكن صوت الزغاريد تعالت على النواح والبكاء، لتحقيق أمنية الشهيد أحمد".
ويتابع "من يريد التضحية يضحي ولا ينتظر أيّ ثمن، فولدي كالعديد من أبناء المقاومة الذين حملوا أرواحهم على أكفهم من أجل دينهم ووطنهم وشعبهم".
ويقول مختار العائلة محمد سالم (38 عامًا) لـ"صفا" إنّ الشهيد دّك في الليلة التي استشهد فيها المستوطنات الإسرائيلية، "ولكن باغتته الطائرات الجبانة وحوّلته لأشلاء".
وحسب سالم، فإنّ الشهيد يُشارك منذ نعومة أظفاره في الفعاليات الشعبية المُقاومة، "وفي عام 2010 كان هو وابن عمه الشهيد أحمد سليمان سالم يؤمون مسيرة ضد الجدار الذي كان الاحتلال ينوي إقامته شرق القطاع، فاستُشهد ابن عمه وحمله على أكتافه، ومن يومها وهو يرنو للقاء الله شهيدًا ليلتقي بابن عمه".
حمامة المقاومة
ويصف مختار العائلة الشهيد بـ"حمامة المقاومة" الذي ما سمع عن مكان يتواجد فيه جنود إسرائيليون إلا وباغتهم بالرصاص والصواريخ.
ويلفت إلى أنّ العائلة لم تستطع أن تحضر حفل زفافه مع عروسه، "لذلك أقمنا له عرسًا وطنيا تخللته الزغاريد، والهتافات أثناء تشييع جنازته".
العائلة التي تقطن حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، طبعت على جبين الشهيد قبـلة الوادع بعد حمله على الأكتاف في تشييع أمَّه آلاف المواطنين ليُدفن الأحد في مقبرة بيت لاهيا شمال القطاع.
وامتلأ بيت عزاء الشهيد بأصدقائه وجميـع أقـاربه الذين كانوا يتوقعون وصول دعوات زفافه بعد أيام.
وارتفع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي الغاشم تجاه قطاع غزة منذ مساء الجمعة الماضية إلى 25 شهيدا ونحو 82 إصابة بينهم أطفال ونساء.
صفا