الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس    لازاريني: الأونروا هي الوصي الأمين على هوية لاجئي فلسطين وتاريخهم    شهداء في قصف الاحتلال منازل مواطنين في مدينة غزة    3 شهداء و10 مصابين في قصف الاحتلال شقة غرب غزة    الاحتلال يأخذ قياسات 3 منازل في قباطية جنوب جنين    فتح منطقة الشهيد عز الدين القسام الأولى والثانية إقليم جنين تستنكر قتل خارجين على القانون مواطنة داخل المدينة    استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله  

نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله

الآن

الـ"DNA" دليل أول في المحاكم..والتكلفة العالية عائق أمام وجوده

رشا حرزالله
 بحث جنوني، وتفقد لجميع غرف وأسِّرة مشفى رام الله الحكومي التي نقل إليه معظم أطفال حادث السير الذي وقع في السادس عشر من شباط الماضي، والذي راح ضحيته خمسة أطفال ومعلمة.
ساعات طوال قضاها المواطن عبد السلام سلامة، من قرية عناتا شمال شرق مدينة القدس، يبحث عن طفله ميلاد(5 سنوات)، دون جدوى.
ظل سلامة متعلقا ببريق أمل، يتولد لديه شعورا ما يطمئنه أن طفلة ربما يكون من بين الناجين من تلك الفاجعة، إلا أنه سرعان ما يتبدد ذلك الأمل كلما دار الحديث عن وجود جثث متفحمة في المشافي الأخرى.
دون كلل أو ملل ظل البحث مستمرا، ومرت ساعات طوال دون نتيجة، أقارب المواطن سلامة انتشروا في المشافي الأخرى التي استقبلت جثث الأطفال، والنتيجة واحدة، لم يتم التعرف على مصير ميلاد، لصعوبة التعرف على هويات الجثث المتفحمة، حل الظلام، والعائلة تنتظر، إلى أن أمر الأطباء بضرورة أخذ عينة لعمل فحص الصفة الوراثية "DNA".
يقول سلامة:" حضر الأطباء الساعة السابعة من مساء اليوم الذي وقع فيه الحادث، وتم أخذ عينة من دمي، ومن والدته وشقيقه، وعدنا إلى المنزل، إلا أن الأمل بقي موجود، طوال الليل نتضرع إلى الله بالدعاء، مررنا بأصعب لحظات حياتنا ونحن نفكر بنتيجة هذا الفحص، لم يغمض لنا جفن".
سلامة رفض استقبال المعزيين في ذلك اليوم، فنتيجة الفحص لم تظهر بعد، وهي بحاجة لوقت يزيد 24 ساعة، جسدي طوال الليل يرتعش، بقيت طوال الليل أترقب الساعة، فربما غد سيحمل له البشرى بأن ميلاد لازال على قيد الحياة.
 
حان الوقت، تدق الساعة الثانية ظهرا، رنين الهاتف بدا مرعباً، لكنها المكالمة التي ستقطع الشك باليقين، النائب العام يتكلم: "ألو..لقد تطابقت عينات فحص الـ"DNA"، عظم الله أجركم".
حادث جبع المأساوي، فتح أسئلة كثيرة حول جاهزية الوزارات المعنية والمؤسسات المختلفة، واستعداداتها لاستقبال الحالات الطارئة؟ ولماذا نفتقر لوجود فحص "DNA" في الأرض الفلسطينية، لتلافي تكرار ما حدث في جبع، وتجنيب المواطنين عناء الإنتظار القاتل؟
رئيس الإدارة العامة للطب العدلي في وزارة العدل زياد الأشهب قال، "البصمة الوراثية "DNA"، إحدى الأدلة الرئيسية في علم الطب البشري، الذي يعتمد حالياً على لغة الجينات، ويعطينا المعلومات كمعطيات سهلة وميسرة، ونتعرف من خلاله على هوية الأشخاص والمجرمين، والمشتبه بهم، ونستطيع معرفة ذلك من خلال أخذ عينات من جسم الإنسان، مثل اللعاب والعرق وإفرازات الأسنان والسائل المنوي".
وأكد الأشهب أن هناك أهمية لوجود هذا الفحص في الأرض الفلسطينية، كونه بيّنة من البينات التي لاتحتمل الخطأ مطلقاً، فلا نكتفي فقط بالكشف عن حالات الوفاة التي يصعب التعرف عليها كما حدث في جبع، إنما ايضا يساعدنا في إثبات البنوة، في حالات الحمل غير المشروع، كذلك في حالات الاعتداء الجنسي، بالإضافة إلى الكشف عن الجرائم التي لا يترك فيها الجاني أثر له، ناهيك عن أنه يسّهل عمل الضابطة القضائية.
وقال إن هناك معيقات كثيرة تحول دون توفر فحص "DNA" في فلسطين، ومنها نقص الكادر الطبي المختص في هذا المجال، بالإضافة إلى نقص الأجهزة، حيث لا يوجد معمل جنائي يختص بهذا الفحص، كذلك فإن توفر مثل هذا الفحص يحتاج إلى تكلفة مادية كبيرة ومصاريف تشغيلية عالية، حيث تزيد  تكلفته على 2 مليون دولار.
وبيّن الأشهب، "أن ما معدله 20 حالة سنوياً، تتطلب فحص الـ"DNA"، لذلك ولعدم توفر هذا الفحص لدينا، فإننا نضطر لأخذ العينات إلى الأردن، وأحيانا تتعرض هذه العينات للتلف لعوامل عدة، ما يضطرنا إلى أخذ أكثر من عينة لضمان عدم حصول خطأ، ونحصل على نتيجة هذا الفحص بعد أسبوع تقريباً، وتقدر التكلفة المالية لكل فحص 300 دينار، حيث لا يتم التعامل في هذه الحالة مع الجانب الإسرائيلي، باستثناء بعض الحالات في حادث جبع كونهم من حملة الهوية المقدسية".
وأكد أن، "عدم توفر هذا الفحص يعيق عملنا وعمل الضابطة القضائية، كون إرسال العينات إلى الأردن يحتاج لوقت لحين إثبات البنوة، ومن الممكن أن يفلت الجاني من يد العدالة ويفر إلى خارج البلاد، بينما في حال توفر هذا الفحص فإننا نحصل على النتيجة في اليوم ذاته".
ولفت إلى أن الطب العدلي أنجز العديد من المسائل في هذا المجال، حيث استطاع إثبات بنوة الأطفال غير الشرعيين، وإثبات الجريمة على الجاني، والتعرف على جثث متفحمة كما حصل في جبع.
وقال الأشهب،" نواجه عقبة في هذا المجال تتمثل في عدم توفر الكادر الطبي النسوي، وذلك بسبب الضغط الذي يقع على الطبيب الشرعي، من حيث العدوى من الأمراض، وضغوطات من المجتمع كون الحقيقة لا ترضي جميع الأطراف، بالإضافة إلى عدم وجود حوافز للطب الشرعي حتى يقبل الناس عليها".
الجريمة تتطور وتزيد كما أكد الأشهب وهي بحاجة إلى أساليب متطورة ليتم الكشف عنها، ليكون مردوده على المجتمع الفلسطيني من ناحية أمنية وإجتماعية وحتى أخلاقية.
وأوضح أخصائي الطب الشرعي في المركز الوطني للطب العدلي في وزارة العدل أشرف القاضي، أن تجربة حادث جبع كانت قاسية، بقينا طوال الليل نعمل في محاولة للكشف عن الجثث المتفحمة، كان وضع العائلات محزن، خاصة أولئك الذين ينتظرون نتيجة فحص الـ"DNA"، ولو توفر لدينا هذا الفحص لاستطعنا تجنيب هذه العائلات عناء الانتظار.
وقال،" إن أي حكومة يجب أن يكون لديها تجهيزات خاصة في هذا المجال، بالإضافة إلى خطة طوارىء، وبالرغم من هول الفاجعة التي وقعت في حادث جبع، إلا أن المشكله تكمن في تكرار ماحدث لاقدر الله، سواء من ناحية حوادث السير أو الكوارث الطبيعية وغيرها، لذلك يتطلب منا أن نكون على استعداد تام لمواجهة هكذا حوادث، وتحسباً لأي طارئ".
وزير الصحة فتحي أبو مغلي قال إن "إنشاء مختبر لفحص الـ "DNA"، ليس من أولوياتنا، ولا يجب الوقوف عند هذه التفاصيل "الصغيرة" التي تهدف إلى التشكيك في وزارة الصحة وسير عملها!!
وأشار أبو مغلي إلى "هناك جاهزية لدى الوزارات خاصة الصحة والعدل لاستقبال أي حالة تشريح، بدأنا مشروع معهد وطني للصحة العامة الذي سيساعد على إنتاج البيانات الصحية المختلفة، ونحن الآن في طور بناء مؤسسات الدولة التي لا يمكن أن تبنى "في يوم وليله".

 

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025