فاروق دراغمة: سائق وقارئ منذ 36 عامًا!
عبد الباسط خلف: يجمع فاروق دراغمة بين مهنة السياقة وهواية المطالعة منذ العام 1976، فيجلس خلف مقود مركبته، فيما يمضي وقتاً طويلاً كل يوم في قراءة الكتب، حين ينتظر اكتمال نصاب الركاب.
يقول: بدأت بالقراءة وأنا في المدرسة، وحصلت على الثانوية العامة منتصف السبعينيات، ولم أحصل على فرصة لإكمال تعليمي الجامعي، ثم أصبحت لا أفارق الكتب في البيت، كما لا تفارق سيارتي، وأنوع اهتماماتي بين الشعر والأدب والثقافة العامة، وأشتري الصحف والمجلات، وأتبادل الكتب من المعارف.
ووفق دراغمة، الذي أبصر النور في مدينة طوباس عام 1957، فإن أول كتاب طالعه كان بعنوان" يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر" لأبي منصور الثعالبي، خلال دراسته الإعدادية، ثم صار يتنقل بين حقول الأدب والسياسة والثقافة، وأصبح رصيده من المطالعة يكبر يومًا بعد آخر، وحينما يعود من عمله، يمضي وقتاً في مكتبة المنزل.
يتابع، وهو يلف رأسه بكوفية حمراء في يوم ربيعي بارد: الناس لا تقرأ لأن لديها الكثير من هموم الحياة، ولا تساعدها الظروف الاقتصادية على ذلك، كما أنها لم تتشرب ثقافة القراءة في الصغر، وهي عادة غريبة عن مجتمعنا.
ويمسك دراغمة بثقافة عامة، تجمع بين السياسة والاقتصاد، والشعر والأدب والتاريخ والجغرافيا، ويصحح ما يسمعه من هفوات الركاب الثقافية في مناسبات نادرة، مثلما لا يقلده أولاده الأربعة في عادته اليومية، ويصر رغم الإرهاق ومشقة الجلوس خلف المقود، أن يواصل حبه بعالم الكتب، والترحال بين بطونها، ورغم كل هذا يتواضع، ويرفض التقاط الصور له، كما أنه بالكاد سمح لـ(ألف) إيصال قصته إلى الناس.
يقول أحد رفاقه السائقين: لا نمتلك وقتاً لحك شعر رؤوسنا، وبالرغم من انتظارنا للدور في الكراجات وقتاً طويلاً، لا نفس لنا في أن نقرأ، فالتأمين والترخيص والصيانة وارتفاع أسعار المحروقات، تُسمم بدننا كل يوم.