جنود الاحتلال طلبوا منه ان يهتف لحرس الحدود وحينما رفض كسروا اطرافه
نجيب فراج- شكلت الحادثة التي تعرض لها عامل فلسطيني من سكان مخيم العروب للاجئين الى الشمال من مدينة الخليل نقطة تحول في حياته وذلك اثناء محاولته التسلل الى مدينة القدس المحتلة للعمل هناك بدون تصريح محاولا تخطي جدار الفصل العنصري من جهة منطقة الزعيم في بلدة العيزرية.
تفاصيل الحادثة
وفي تفاصيل هذه الحادثة انه في مساء الثاني عشر من اكتوبر الماضي توجه الشاب اياد محمود علي الطيطي البالغ من العمر 33 سنة من منزله الكائن في مخيم العروب الى منطقة العيزرية كي يذهب الى مكان عمله داخل احدى الورش الاسرائيلية في مدينة القدس المحتلة كما تعود خلال السنوات العديدة الماضية حيث يتسلل الى هناك ليعمل لاسبوعين او ثلاثة ليل نهارا ثم يعود للاجازة بين اكناف عائلته ليوم او يومين ثم يستأنف عمله كالمعتاد، وذلك عن طريق الجدار في العيزرية كما يفعل المئات من اقرانه العمال الممنوعين من الحصول على تصاريح الدخول فيقومون بتسلق هذا الجدار البالغ طوله تسعة امتار عن طريق حبل مشدود في اعلاه وحينما تمكن اياد من الوصول الى اعلى الجدار قام برمي الحبل من الجهة الثانية لينزل عبره ويذهب الى عمله ولكن الحظ عانده بطريقة خطيرة حيث كان يرابط سبعة جنود اسرائيليون في اسفل الجدار الذين حجزوا الحبل ومنعوا اياد من سحبه كي يعود الى ادراجه فاصبح هو في خيار صعب اما ان يعود الى اراضي السلطة قفزا عن الجدار وهذا بحد ذاته سيشكل خطرا على حياته نظرا لارتفاع الجدار الشاهق، اما الحل الثاني هو ان ينزل عبر الحبل ليكون بين قبضة الجنود الذي قام احدهم وهو الضابط بمحاورته بالعربية وطلب منه النزول فرد اياد بانه يخاف ان يتعرض للضرب من قبل الجنود ولكن الضابط وعده بان لا يفعل جنوده ذلك وسوف يتم محاورته ومن ثم اعادته الى عائلته، ولكن اياد لم يكن ليقتنع بهذا الوعد الا انه ليس امامه الا اختيار الرضوخ لذلك لانه الحل الوحيد له، بالفعل نزل عبر الحبل ليكون في قبضة الجنود الذين جميعهم من حرس الحدود، واول ما نزل ساله الضابط "ان كان فتح او حماس"، ثم طلبوا منه ان يقول" حمص وفول انا بحب المشمار كفول" اي حرس الحدود وحينما رفض ذلك انهال عليه اربعة من افراد القوة بالضرب المبرح مستخدمين العصي واعقاب البنادق وطرحوه ارضا واستمرت عملية الضرب نحو اكثر من 15 دقيقة وحينها تدخل جندي اخر وربما ذو ملامح روسية كما يقول اياد ووقف في وجه الجنود رافعا يديه وصارخا في وجههم قائلا لهم بانه قد مات ويكفي ضربا بهذه الطريقة، وحينها تم حمله الى الجيب العسكري ونقلوه الى بوابة جدار حديدية وهناك قذفوه في منطقة خاوية وكانت الساعة قد تعدت السادسة والنصف مساءا وبدأ الظلام يسدل خيوطه ويتعمق وشعر انه لوحده وتبين انه لا يستطيع ان يقف على رجليه وهو بحاجة ماسة الى المساعدة ولايمكن ان يجدها في تلك المكان المعزول الا باستخدام الهاتف الخلوي الخالي من بطاقة شحن وبالتالي لا يستطيع ان يقوم بالاتصال الا بخدمة طلب رقم والدته لتكون المكالمة على حسابها ولكنها لم ترد حيث لم تكن بجانب الهاتف وكرر المحاولة مع شقيقه وكذلك مع صديقه وكل هذه المحاولات بائت بالفشل، ولم يكن امامه الا الاتصال على مكتب خدمات جوال(111) ليرد عليه موظف الخدمة بعد خمس دقائق نظرا لاكتظاظ الخطوط وحينها بدأ اياد يصرخ ويقول "انقذوني انني هنا في خطر واحتاج الى مساعدة بعدما تعرضت لضرب الجنود" فرد عليه موظف الخدمة بالقول "اعتذر لم استطع مساعدتك ليس لدي هذا الشكل من المساعدة"، ولما انتهت المكالمة بدأت الاوهام والافكار تقفز الى ذهنه حيث ان طوق النجاة الوحيد فشل وبالتالي اصبح الان في مواجهة المصير الاصعب والدماء تنزف من كافة انحاء جسده ولا احد يمر في المكان وخاف حتى من الحيوانات المتوحشه ان تهاجمه وفي حوالي الساعة الثامنة والنصف جائه الفرج حينما عاد اليه صديقه حمزة المتواجد في تل ابيب وهو عامل متهرب وكان في انتظاره ليسال عن تاخره من الوصول فابلغه بالحادثة وما كان من صديقه الا ان يدله بالاتصال على الشرطة الفلسطينية على الرقم (100) فرد عليه المناوب الذي حوله الى ضابط في شرطة ضواحي القدس ويدعى احمد الذي رفع من معنوياته مؤكدا له انه سوف يرسل له الاسعاف وتابعه عبر اكثر من ثلاث ساعات من دون ان يترك الهاتف ليستدل منه عن مكانه حيث ضل اسعاف الهلال الاحمر الطريق في باديء الامر نظرا لبعد المكان وعزلته وبالفعل تمكن اخيرا من الوصول اليه وكانت الساعة حينها قد تعدت الثانية عشر بعد منتصف الليل ولما وصل طاقم الاسعاف الى مكان اياد كان قد دخل في غيبوبة ليصحو في اليوم التالي وهو في غرفة العناية المكثفة بمستشفى رام الله الحكومي واتضح انه قد اصيب بكسور في الكوع الايمن والرسغ وكسر في الحوض اضافة الى نزيف دموي من انفه وكدمات في كافة انحاء جسد، وقد تمت معالجته وتضميد الكسور والجراح وبقي في المستشفى لمدة ثمانية ايام، حيث لم تنتهي الاحداث الماسوية لهذا الشاب عند هذا الحد ولكن وحينما شاهدته خطيبته بهذا الشكل ومادة الجبس تحيط في كل انحاء جسده قامت بفسخ الخطوبة.
متابعة القضية
اياد وحينما جاء الى مراسل ليسرد له هذه القصة الماسوية لم يتوقف عن البكاء لانه ببساطة شعر بذلك وبمس في الكرامة كما يقول ليس لان خطيبته فسخت الشراكة واياه وحسب وانما لانه عانى كل هذه المعاناة حتى يتمكن من الوصول الى بر الامان مشيرا الى انه ورغم كبر الحادثة وخطورتها لم يتم تغطيتها اعلاميا على الاطلاق سوى في التقرير للشرطة الفلسطينية عن الانتهاكات فكان الذكر مقتضب وهذا ربما ما جعل مركز بيتسيلم الاسرائيلي ان يتصل به ويستمع منه عن تفاصيل الحادثة، وحوله اولا الى مؤسسة اطباء بلاحدود التي اخضعته ايضا لمتابعة نفسية للعلاج من اثار الحادثه، اضافة الى تحويل الشكوى للجهات الاسرائيلية الرسمية التي استدعته الى القدس واستمع احد الضباط منه عما حدث حيث مثل في المكان الذي شهد الاعتداء وهذا حصل قبل نحو الاسبوعين وقد وعده الضابط متابعة القضية والتحقيق فيها وامتثال المعتدين امام المحاكم حيث اكد اياد انه يستطيع ان يتعرف على الجنود الذين اعتدوا عليه بهذه الطريقة المتوحشه وكل ذنبه انه يبحث عن لقمة عيش كريمة له ولافراد عائلته وهذا هو طريق الام لالاف وعشرات الاف العمال الفلسطينيين، وقال "ان هذه الجريمة قد وضعته على مفترق طرق فاصلة، حيث فقد عمله واصبح يعاني من عجز في كوعه الذي لم يعد ليحركه كما كان، اضافة الى ما حصل مع خطيبته والاثار النفسية التي نجمت عن الحادث، انه ظلم كبير لا يتعرض له العمال الفلسطينيين وحسب بل مجمل ابناء شعبنا الفلسطيني".