مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

نورا الهشلمون ...تجربة أم رهن الاعتقال الإداري


 أمل حرب
ما زالت صرخات ابنتي الصغيرة عالقة في ذهني حين اعتقلني جيش الاحتلال بطريقة وحشية أفزعت أطفالي الستة، كم آلمني تفتيشي أمامهم والاعتداء علي بالضرب وبالعبارات النابية في جنح الليل البهيم.. بهذه الكلمات وصفت الأسيرة المحررة نورا الهشلمون (41 عاما) من مدينة الخليل تجربة اعتقالها الإداري.
وتضيف الهشلمون، "تعلقت بي ابنتي الصغيرة سرايا التي لم تبلغ من العمر سنتين، وتمسكت بي بشدة.. ولا أعرف كيف تماسكت وجمعت قواي..خاصة عندما قال لي ضابط الاحتلال "إذا كنت أخت زلمي .. وزوجة زلمي.. بتتركيها.. يا حرام بتتركي ابنتك"، وحينها انتزعتها بقوة وأعطيتها إلى جدتها، وأنا أتمزق من داخلي، وقلت لها هذا هو الاحتلال يا أمي يريد أن يحرمك والديك".
وتقول الهشلمون ظلت صرخات "سرايا" ترافقني في طريقي إلى الأسر، وفي منامي وفي كل أيامي.
واعتقلت الهشلمون وهي زوجة أسير، وشقيقة أسير محكوم بالمؤبد بتاريخ 19-6-2006، وكان عمرها وقتها (36 عاما) وبقيت مدة عامين وشهرين في الاعتقال الإداري دون أن توجه إليها أي تهمة.
وبمرارة كبيرة تروي الهشلمون، تجربة الأم الأسيرة، بالقول "الأم المعتقلة مختلفة عن أي أسيرة أخرى، فعذابها عذابان، عذاب الأسر وظلمته.. وعذاب آخر أشد إيلاما وهو فراق الأبناء والتفكير الدائم بهم".
وتضيف خلال أسري انصب تفكيري في أطفالي.. من يرعاهم.. هل أكلوا؟، هل ذهبوا إلى مدارسهم؟ من يغطيهم في مناهم؟ ماذا يعملون الآن؟.
وتتابع، "كنت أحلم يوميا بأبنائي بصورة غير طبيعية، حيث إن كل ما أحلم به اكتشف لاحقا أنه حدث حقيقة، فكنت كأني أعيش معهم لحظة بلحظة.
وأردفت، "كنت أشعر بالحزن على ابنتي فداء (15 عاما) التي تحملت مسؤولية تربية إخوتها والاهتمام بهم، فهي ما زالت طفلة تحتاج الى من يرعاها ويهتم بها".
وتستذكر الهشلمون الزيارة الأولى لأبنائها فداء (13 عاما) وتحرير(12 عاما) ومحمد (8 سنوات) لها بالقول "لم أنم طوال تلك الليلة، في الصباح جهزت نفسي للزيارة وخفق قلبي شوقا عندما نادوا اسمي للزيارة، خرجت فرحة وبعجلة من أمري لأراهم، وصلت قبل وصولهم وقفت على الزجاج الحاجز، وبدأت بطرق الزجاج كي ينتبهوا لي وعندما لمحوني خلف الزجاج، ركضوا إلي وبدأت التحدث إليهم عبر الهاتف، لم أذرف الدموع، دمعتي تجمدت.. وهم تماسكوا وتشجعوا لتماسكي".
وتقول مع كل الشوق والحنين اللذين كانا في داخلي لهم لم أستطع لمسهم، كنت أضع يدي على الزجاج مقابل أياديهم الصغيرة، حدثتهم عن أوضاعهم، وشجعتهم على الصمود والتماسك على أمل الإفراج ولقاء قريب".
وتتابع، "في أول زيارة لم تأت ابنتي الصغيرة سرايا، وبعد 10 شهور من اعتقالي جاءت لزيارتي بعد إصراري على ذلك، كنت خائفة أن تنسى ملامحي وألا تتذكرني.. وعندما رأيتها سألتها أنا مين؟ فعرفت أني أمها، ولم تبك سرايا أثناء اللقاء ولكن بعد أن انتهت الزيارة سمعت صراخها يهز سجن الاحتلال.. هذه الزيارة التي لم تتجاوز 45 دقيقة شعرت أنها دقيقة.
وتعتبر الهشلمون ثاني أسيرة فلسطينية تفتح معركة الاعتقال الإداري، حيث سبق للأسيرة عطاف عليان، أن خاضت إضرابا عن الطعام استمر أكثر من 30 يوما عام 1998 احتجاجا على اعتقالها الإداري.
وتشير الهشلمون إلى أساليب الضغط التي مارسها الاحتلال لكسر إضرابها، وتقول إن كل محاولاتهم باءت بالفشل، وأنه في اليوم 28 من إضرابها جاء مدير السجن، وقال لها "إنه تبين لنا أنك مظلومة، وأنه لا تهمة عليك وسنفرج عنك في 12/3/2008".
وتضيف، "بناء على هذا الوعد بإطلاق سراحي قررت فك الإضراب، ولكن الوعد لم يتحقق.. وكانت كذبة ولعبة من مدير السجن، وبالطبع لم يخرجوني في هذا اليوم، رغم أنني جهزت نفسي قبل يوم ولم أنم ليلتها، واستيقظت على مناداة الأسيرات لي أن أولادي على التلفاز يبكون لأن الاحتلال حكمني بستة أشهر أخرى.
وتقول الهشلمون، "بعد سماعي الخبر أعلنت على الفور إضرابي عن الطعام ثانية لمدة 24 يوما، ومرة أخرى تم نقلي للعزل ووصل وزني إلى 37 كم داخل السجن، قررت المحكمة بعدها إبعادي للأردن أنا وأولادي، لكنني لم أقبل بذلك، واعتبرته رضوخا لإرادتهم، وبهذا سأهدم إنجازات الأسرى خلال سنين بلحظة، وقلت لهم "إنكم في يوم من الأيام ستفتحون السجن وتقولون لي اذهبي".
وتتذكر الهشلمون لحظة الإفراج عنها بالقول: كان يوم أحد، لم أكن أتوقع الخروج حينها، وخاصة أنه قبلها بيوم كان هناك تدريب على اقتحام السجن، وعملت عصيانا عليهم ولم أخرج إلى الساحة، فظننت أنهم سيعاقبونني على ذلك، وعندما علمت بأمر إخراجي من السجن لم أصدق، وسجدت لربي وصليت ركعتين.. كانت ليلة طويلة لم أنم أبدا.
وتضيف، "أهلي وأولادي لم يعلموا أبدا بأمر تحريري، وصلت للحاجز وفكوا قيودي، شعرت أول ما وضعت قدمي على الأرض أني أملك الدنيا كلها، وأني أخيرا عدت للحياة، حمدت ربي كثيرا وطول الطريق دعوت لباقي الأسرى أن يذوقوا طعم الحرية.
وتصف الهشلمون لحظة لقائها بأبنائها بعد الإفراج عنها بالقول: "عندما قابلتهم عانقت سرايا، بقوة كبيرة، وبقيت في حضني طول الطريق، تعلقت بي الصغيرة.. وكأنها تخاف أن تفقدني مرة أخرى، تقبلني صباحا ومساء، وتريد أن تأخذني معها إلى المدرسة، وتبحث عني في كل ركن عندما تعود إلى البيت، لتتأكد أنني لم أعد ثانية إلى الأسر، وأيقنت حينها أن رسالة الأمومة رسالة وطنية وهي من أسمى الرسالات.
وتؤكد فداء الابنة الكبرى للأسيرة المحررة الهشلمون، بأن لا أحد يستطيع أن يملأ الفراغ الذي تتركه الأم، وتقول، "صحيح أنه يمكننا القيام ببعض الأمور التي تقوم بها الأم، ولكن وجودها هو الاستقرار والأمان للكبار والصغار".
وتستذكر فداء أن إخوتها الذكور رفضوا الذهاب إلى المدرسة في غياب أمهم، وأنها لم تستطع حينها ضبطهم...ولكن بعد الإفراج عن والدتي أصبح للحياة معنى ورجعت الحياة إلى وضعها الطبيعي، مبتهلة إلى الله بالدعاء بأن يفرج عن جميع الأسرى والأسيرات.

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024