ولاعات أبو حسن تعجز عن إنارة تعليم الأبناء!
عبد الباسط خلف: يُشغل عوض محمد حسن، حواسه ويده في مهمة البحث عن زبائن لما يحمله من ولاعات ولاصق للجروح وبعض المستلزمات خفيفة الوزن وشائعة الاستخدام اليومي، ويشق طريقه في شوارع جنين من شرقها إلى غربها، حتى يلفها كل يوم أكثر من ثلاث وأربع مرات.
يقول بصوت أنهكه التعب ووجه غطاه الشعر الأبيض: منذ 15 سنة وأنا أركض وراء لقمة العيش، وكنت أتخصص في بيع المحارم الناعمة، لكنني غيرّت عنها، وصرت أبيع القداحات بشكل خاص، وأنادي( قداحتين بشيكل واحد بس)، وأدوات تنظيف الأذنين والأسنان ولاصقات الجروح، وأصبحت أشعر بالتعب، فعمري اليوم 67 سنة، ووجع الرجلين يزيد.
عمل حسن الذي ولد في قرية سيريس ويسكن فيها، في الأردن نحو عشرين سنة، وكان يبيع الخضار والفاكهة، لكنه قرر العودة إلى الوطن عام 1995، ليستقر مع أسرته، ولم يجد غير بيع هذه السلع، لجمع قوت يومه، فعائلته كبيرة: سبعة أولاد وثلاث بنات، فيما حرمتهم الأوضاع الاقتصادية من إكمال تعليمهم، رغم حصول صهيب على معدل 83 في الفرع العلمي، ونجاح مصعب وأنس ومحمد نور الدين، بالفرع الأدبي وبعلامات جيدة.
يتابع وهو يحتمي من برد يوم ربيعي بكوفية حمراء: أبدأ من الساعة السابعة صباحاً، وحتى مغيب الشمس، ولا أترك دخلة أو شارعاً إلا فتشت فيه عن رزقي، وأبحث عن زبائن، وصوتي تعب من كثرة النداء على البضاعة، ولا أعرف الصيف من الشتاء، وما عندي إجازات غير يوم الجمعة، وكل ما أجمعه طوال اليوم من أرباح قليلة، أعود به إلى البيت بعد شراء الخبز والخضروات والطعام، ولا أستطيع جمع المال الكافي لتعليم أولادي، وأشعر بالتقصير تجاههم، وكنت أتمنى لو أنني أكملت تعليمي بعد الصف السادس، لتغير الحال، لكن سوء الظروف الاقتصادية لي أيضا، أوقفني عن التعليم، كما يفعل الآن بأولادي.
يٌقدر أبو حسن، المسافات التي يقطعها يومياً بقرابة 20 كيلومتراً، ولا يعرف طعم الإجازات، كما يشكو حال السوق في الكثير من الأيام، التي لا تجلب له الزبائن، ويعود بخفي حنين إلى أفراد عائلته، لكنه يحمد الله على كل حال، ويؤكد أنه سيستمر في بيع القداحات، حتى لو أنه لم يستطع أن يجمع النقود منها.
الف