وديع حدّاد: "وراء العدو في كل مكان"!
تحل في 28 آذار السنوية الرابعة والثلاثين لرحيل وديع حداد. يسترد(ألف) الذكرى بتتبع ابرز مسارات حياته، في جولة خاطفة.
وفق أدبيات الجبهة الشعبية، فقد ولد وديع حداد في صفد عام 1927، وكان والده يعمل مدرساً للغة العربية في إحدى مدارس حيفا، التي تلقي فيها الابن تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي ، وأثناء وجوده على مقاعد الدراسة تميّز وديع بذكائه وتفوقه في مادة الرياضيات، وكان شابا رياضياً يمارس رياضة الجري وأنشطة رياضية أخري .ونتيجة للمأساة التي حلت بالشعب الفلسطيني نتيجة النكبة عام 48 ، اضطر حداد للهجرة من وطنه مع عائلته إلي بيروت، والتحق وديع بمقاعد الجامعة الأميركية لدراسة الطب.
تضيف الأدبيات: "ولّدت النكبة داخل الشهيد وديع شعوراً عالياً بالمسؤولية تجاه شعبه وقضيته التي ازدادت مأساوية علي ضوء النكبة، الأمر الذي عكس نفسه علي اهتماماته وتوجهاته المستقبلية، ودفعت به باتجاه الانخراط الفعلي في الفعل الوطني الكفاحي، وتجلّت بواكير هذه التوجهات خلال انخراطه وهو ما يزال علي مقاعد الدراسة في إغاثة أبناء شعبه المشردين جراء النكبة، ولاحقاً عبر انخراطه في جمعية "العروة الوثقي" التي بدأت بلعب دور سياسي بعد انخراط الشباب القومي المتحمس للعمل السياسي بها، وتولي الشهيد وديع موقعاً في الجمعية.
وتتابع: وما أن أعلن عن تشكيل "هيئة مقاومة الصلح مع إسرائيل" والتي تم تشكيلها من قبل "الشباب العربي القومي" تصدّر الشهيد وديع الأنشطة السياسية التي كانت تقوم بها هذه الهيئة كعضو قيادي فيها ، وكانت هذه الهيئة تقوم بأنشطة عديدة لمناهضة الصلح تمثلت بالمظاهرات والمنشورات ، إلى جانب دورية "الثأر" ، ويمكن القول أن الشهيد وديع بدأ عمله السياسي كمحترف وقائد سياسي وجماهيري بعد تخرجه كطبيب من الجامعة الأمريكية وانتقاله إلى ساحة الأردن والتحاقه برفيق دربه الدكتور جورج حبش الذي كان قد سبقه إلي هناك ، ليشكلا معاً العيادة المجانية إلي جانب عيادتيهما ، معتبرين نشاطهما والرئيس، النشاط الوطني والقومي وليس الطبي وفي سبيل تعميق التوجه الذي اختطّاه في العيادة الطبية، قاما بإنشاء صفوف تدريس لمحو الأمية لكبار السن ، كما استطاعا وعبر رفاق أردنيين أعضاء في الحركة النفاذ إلي نادي "المنتدى العربي" واعتباره أحد المنابر التي أنطلق نشاط الحركة من خلاله.
وقد تتوجت تلك التوجهات ببلورة نواة كحركة القوميين العرب في الأردن، استطاعت وبزمن قياسي أن تساهم بشكل أساسي في المواجهات التي خاضتها الحركة الوطنية الأردنية في مواجهة "تمبلر" ومشروع حلف بغداد وإسقاط حكومة هزاع المجالي وتالياً تدريب قيادة الجيش بعد رحيل كلوب باشا.
واعتقل في نيسان عام 1957، وأودع في المعتقل الصحراوي "سجن الجفر". ومكث فيه ثلاث سنوات ، وبعد جهود، قام وخلال سجنه بإغاثة وعلاج أبناء العشائر البدوية المقيمين في المنطقة بشكل طوعي. ولاحقاً أسندت له الحركة مسؤولية العمل الفلسطيني والذي كان حتى ذلك الوقت ممثلاً برأس قيادي في إطار الحركة ولم يكن فرعاً متكاملاً، وكان من أكثر المتحمسين لبدء العمل المسلح ضد الاحتلال.
وجاءت هزيمة حزيران 1967 لتزيد اندفاعته وحماسه في ممارسة الكفاح المسلح ، وكان الشهيد وديع مشدوداً لإنشاء جبهة فلسطينية كاملة تضم كل القوى المسلحة على الساحة الفلسطينية علي شاكلة الجبهة التي تشكلت في الجزائر، لكنه فشل. وأثبت حداد بعد انطلاقة الجبهة الشعبية قدرات قيادية وعملية، وجسد شعار "وراء العدو في كل مكان" بطريقة فاعلة.
رحل في 28 آذار عام 1978 في ألمانيا الشرقية، وأشيع انه توفي بمرض سرطان الدم. ولكنها بعد 28 عاما اعترفت إسرائيل، وعن طريق أحد ضباط مخابراتها الذي كتب جزءا من حياته الاستخبارية بأنها اغتالته بدس السم له في الشيكولاتة عن طريق عميل عراقي كان يشغل منصبا كبيرا. ونقلت "يديعوت أحرونوت" عن المؤلف ان إسرائيل قررت تصفية حداد بداعي تدبيره اختطاف طائرة "اير فرانس"، كانت في طريقها من باريس إلى تل أبيب، إلى عنتيبي بأوغندا عام 1976، وانه كان مسؤولاً عن سلسلة من العمليات الإرهابية الخطيرة.
وأضاف: أن الموساد علم بشغف حداد بالشوكولاته البلجيكية التي كان من الصعب الحصول عليها آنذاك في بغداد مقر إقامته. فقام خبراء الموساد بإدخال مادة سامة بيولوجية تعمل ببطء إلى كمية من الشوكولاته البلجيكية، أرسلوها إلى حداد بواسطة عميل عراقي كبير. ولقبت إسرائيل حداد "الإرهابي المتمرس ومتعدد المواهب"، لأنه كان أول من خطف طائرة تابعة شركة الطيران الإسرائيلية عام 1968.
الف