غزة: أكرم يموت والدواء مُؤجل!
غزة(المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان): يقطن أكرم مؤنس أبو سعيفان في مخيم النصيرات للاجئين في قطاع غزة مع زوجته ميرفت، 26 عاماً، وطفليه عبد، 5 أعوام، وأحمد، 3 أعوام. ويعمل أكرم مدرسا للرسم في مدرسة الذكور الإعدادية في مخيم البريج. في عام 2009، وبعد الخضوع لسلسلة من الفحوصات الطبية في مصر، تبين أن أكرم مصاب بمرض ابيضاض الدم النقوي المزمن (لوكيميا)، وهو سرطاني خطير يصيب خلايا الدم.
ومنذ عام 2010، يتناول عقار جليفيك، الذي يساعد على زيادة معدل فترة بقاء مرضى السرطان على قيد الحياة.
ومنذ أن بدأ أكرم في تناول عقار جليفيك، توقف انتشار المرض إلى أجزاء أخرى من جسده وتحسن وضعه إلى حد كبير.
يقول أكرم: " غير هذا الدواء حياتي. منذ أن بدأت العلاج باستخدام عقار جليفيك، تراجعت أعراض اللوكيميا وبدأت أشعر بالصحة مرة أخرى." ولكن منذ شهر يناير 2012، أصبح عقار جليفيك غير متوفر في مستودع الأدوية المركزي التابع لوزارة الصحة في غزة.
وعلى الرغم من وصول كمية محدودة من عقار جليفيك بتاريخ 15 مارس تغطي احتياجات 69% من مرضى اللوكيميا، إلا أن هذه الكمية تكفي فقط لمدة 25 يوماً.
ويجبر الحصار الشامل الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة منذ عام 2007 السلطات في قطاع غزة على إتباع إجراءات تنسيق صارمة من أجل الحصول على العقارات المطلوبة لخدمات الرعاية الصحية. وبموجب هذه الإجراءات، تطلب وزارة الصحة في غزة الأدوية من وزارة الصحة في رام الله، والتي بدورها تقوم بالتنسيق مع الحكومة الإسرائيلية من أجل إدخال الأدوية إلى قطاع غزة.
وخلال السنوات الأخيرة، أثرت الخلافات بين السلطات في الضفة الغربية وقطاع غزة والإخفاق في إجراء التنسيق اللازم، ومشاكل مالية واجهتها وزارة الصحة في رام الله على توفر أدوية ضرورية في غزة.
وتعبر ميرفت، زوجة أكرم، عن قلقها قائلة: "يعاني زوجي من صداع شديد في رأسه ومن آلام في ساقيه. أحاول جاهدة أن أطهو طعاماً يمكنه من التغلب على المشكلات التي يسببها المرض الذي يعاني منه في الدم."
وكان طبيب أكرم قد أخبره بأن انقطاع العلاج ستكون له عواقب خطيرة على صحته، حيث أن نقص خلايا الدم قد يتسبب في شعور أكرم بالإعياء وفي توقف التنفس والفشل الكلوي. ومع ذلك، يحاول أكرم أن يحرف الانتباه عن حالته: "هناك العديد من المرضى وضعهم مثل وضعي. حالتي ليست الوحيدة في قطاع غزة."
ويعتمد 32 مريضاً بالسرطان حالياً على على" جليفيك" الذي يساعدهم على البقاء. وفي هذا السياق، يقول أكرم: "يمكن للفلسطينيين أن يجدوا بدائل للكهرباء والوقود والطعام، ولكن ليس لدينا بديل للأدوية.
إنها مسألة حياة أو موت." في الواقع، ليست هذه هي المرة الأولى التي لا يتوفر فيها عقار جليفيك في غزة، ففي العام الماضي اضطر أكرم إلى إيقاف علاجه لمدة شهر ونصف. من جانب آخر، تحول التكلفة العالية لهذا العقار – 3700 دولار أمريكي شهرياً لكل مريض – دون حصول المرضى على هذا العقار من مصادر غير حكومية.
"إن منع دخول الأدوية إلى قطاع غزة هو قرار سياسي. وتسعى إسرائيل من خلال إبقاء عقولنا مشغولة بنقص الكهرباء والوقود والدواء إلى تعزيز الفردية في داخلنا كوسيلة لتقويض بناء دولتنا. إنهم [الإسرائيليين] لا يقتلون المرضى فقط، بل إنهم يدمرون حياة الفلسطينيين بأكملها،" يقول أكرم.
ووفق نائل شيح، مدير مستودع الأدوية في مستشفى الشفاء بمدينة غزة، فإن 80% من الأدوية التي يحتاجها المرضى غير متوفرة. "نحن نموت هنا. لقد وصل عدد أصناف الأدوية التي نفذت من مستودع الأدوية المركزي التابع لوزارة الصحة في غزة إلى 186 صنفاً، وسينفذ ما تبقى من أدوية في المخزن في غضون شهرين أو ثلاثة.
وقد نفذت التطعيمات ضد فيروس الكبد الوبائي الذي يتم إعطاؤه للمواليد الجدد منذ شهرين،" يقول شيح. وبسبب العجز المالي، يؤثر نقص الأدوية على نحو خاص على العلاجات الباهظة الثمن التي يحتاجها مرضى السرطان والفشل الكلوي والمرضى ممن هم بحاجة إلى زراعة أعضاء ومرضى الكبد. "على الرغم من أن هذه الأدوية تستخدم لإنقاذ حياة المرضى، إلا أن المستشفى غير قادر على ضمان توريدها،" يضيف شيح.