في يوم الأرض.. علم فلسطين فقط ولا رايات حزبية
فايز عباس
هذا العنوان يطبق في يوم الأرض ويمنع نشطاء الأحزاب والفعاليات السياسية من رفع راياتهم في هذا اليوم من أجل إرسال رسالة واحدة، وهي أن هذه المناسبة ليست لحزب أو فئة، وإنما هي من صنع الجماهير التي ضحت بدمائها وحريتها من أجل الأرض ومنع الاستيلاء عليها من قبل حكومات إسرائيل المتعاقبة.
يوم الأرض تحول من يوم وطني أعلن عنه فلسطينيو أراضي 48 احتجاجا على قرار حكومة إسرائيل مصادرة آلاف الدونمات في سخنين وعرابة وكفر كنا وأماكن أخرى، إلى يوم عالمي يحتفل به في العالمين العربي والإسلامي وحتى في أوروبا والولايات المتحدة، لأن هذا اليوم كان بمثابة الشرارة الأولى التي انطلقت من الجليل ووصل صداها إلى إرجاء العالم، أن هناك أقلية فلسطينية بقيت على أرضها واليوم تريد إسرائيل نهب ما تبقى منها، لن يسمحوا بذلك، والأهم أن فلسطينيي أراضي عام 48 تخطوا حاجز الخوف من بطش حكام إسرائيل، وكان الشعار آنذاك الأرض أو الموت، ولم تخفهم آليات البطش العسكرية الإسرائيلية وإنما قاموا بمقاومة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بالحجر والتظاهر والمقاومة، التي لم تكن معروفة حتى تلك الفترة الزمنية، لأن الرعب والخوف كان المسيطر بسبب الإرهاب الرسمي الذي مورس ضدهم.
يوم الأرض كان نقطة تحول لدى الفلسطينيين في الداخل الذين وصلوا إلى قناعة أنه لا يمكن أن يواصلوا العيش تحت وطأة الخوف من المؤسسة الإسرائيلية، والتي كانت تعاقب كل من يتحدث بالسياسة أو يجرؤ على القول إنه فلسطيني أو يذكر كلمة فلسطين، لكن المظاهرات التي عمت البلدات العربية واستشهاد ستة شبان برصاص الجيش الإسرائيلي، وإصابة العشرات بجروح واعتقال الآلاف كانت الإشارة الأولى إلى أن زمن الخوف قد ولى وإلى الأبد.
بعد يوم الأرض تراجعت حكومة إسرائيل آنذاك عن مصادرة أراضي في سخنين وغيرها من البلدات، وأصبح الفلسطيني يقول وبصوت عال إنه فلسطيني ويغني لفلسطين وللثورة ويردد الشعارات التي كانت تبث من صوت فلسطين. بعد يوم الأرض لا يجرؤ أحد على القول إنه إسرائيلي وإنما يشعر بالإهانة إذا ما قيل للفلسطيني "أنت عربي إسرائيلي".
اليوم معظم الشبان والصبايا يلبسون قمصان عليها خارطة فلسطين، والكوفية الفلسطينية التي أصبحت رمزا للانتماء والمقاومة، و"لإغاظة" الإسرائيليين الذي رؤوا بالكوفية رمزا للراحل ياسر عرفات.
"يوم الأرض، كان معركة الكرامة التي شكلت حدثا مفصليا في الاعتماد على الذات الفلسطينية"، قال المحامي أيمن عودة، مؤكدا على عمق الإصرار على التحدّي وانتزاع الحقوق بعد هزيمة الأنظمة العربية عام 1967، كما أن "الكرامة" كانت من أبرز مقوّمات انبعاث وبلورة الهوية الفلسطينية وسطوع نجم منظمة التحرير، الأمر الذي أثّر كثيرا على بلورة الهوية الفلسطينية لدى الفلسطينيين الذين بقوا في وطنهم رغم النكبة وسياسات التهجير.
في الذكرى السادسة والثلاثين ليوم الأرض، يسمح فقط برفع علم فلسطين، لأنه علم من بقوا في أرضهم ووطنهم ويقارعون الحركة الصهيونية التي فشلت في إخلاء فلسطين من سكانها الأصليين، وهم اليوم بمثابة الشوكة في حلق قادة الحركة الصهيونية.