يوم الأرض وفضاء المصالحة
ضحى سعيد
أضيفت أمنية إنهاء الانقسام إلى أماني شعبنا بالحرية واسترجاع أرضه خلال إحياء الذكرى السادسة والثلاثين ليوم الأرض التي تصادف في الثلاثين من آذار.
فمنذ أن خيم الانقسام نرى أن لا المصالحة مصالحة، ولا الاحتلال يقف عن توسعه وسرقته للأرض والحجر والشجر، وقتله للبشر وسط تعالي لازمة الثقة التي نعيش فالشعور الايجابي ينتهي مع اللحظة والوعود تبقى وعود الفضاء.
المحلل السياسي خليل شاهين يؤكد أن "يوم الأرض في معناه ودلالاته مرتبط بوحدة الشعب وبعلاقته بأرضه الموحدة، وبالتالي فان معنى اليوم يتناقض وحالة الانقسام الداخلي التي تتفاقم بين شقي الوطن والتي تترسخ على شكل كيانين منفصلين، الأمر الذي يشير إلى تراجع دور الحركة الوطنية بمجملها أمام مواجهة الاحتلال الماضي في استهداف الأرض، ويحاول تشتيت الفلسطينيين وفق مقاس مشروعه الصهيوني الاحتلالي".
ويعتبر شاهين أن المعنى الأهم ليوم الأرض في المرحلة الحالية هو "بلورة إستراتيجية شاملة وطنية تتصدى لأهداف الاحتلال ومصلحته بالانقسام وتدفع باتجاه تعزيز وحدة الداخل والخارج لإنهائه وتعزيز الوحدة وإنشاء كيان سياسي موحد على مستوى السلطة ومنظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا".
ويرى أن "فترة الانقسام الطويلة أدت إلى تنامي مصالح مرتبطة بالانقسام وهي أكثر وضوحا في المعنى الاقتصادي والسياسي والأمني والاجتماعي في غزة في ظل الحصار وغياب إرادة سياسية لإنهائه حيث غلبت هذه المصالح على الرغبة الوطنية فشهدنا توقيع اتفاقات مصالحة متتالية دون ترجمة لها على ارض الواقع بطريقة تفقد الشعب الثقة بإمكانية تحقيقها".
وحول أزمة الثقة لدى المواطن الفلسطيني قال شاهين، "المواطن هو الأكثر دراية بخطورة استمرار واقع الانقسام الذي يلامس كل تفاصيل ومناخ الحياة اليومية له، ويؤدي إلى إضعاف قدرته على مواجهة المشروع الاحتلالي الذي يتطلب إستراتيجية قادرة على التوحد بالمعنى الكفاحي الجغرافي".
ويشدد شاهين على أن اللعب على الوقت لا يصب في مصلحة الوطن والمواطن فهناك حالة من الانتظار لدى حركة "حماس" في غزة رهانا على تطورات إقليمية تعتقد انها في صالحها، ورهانات حركة "فتح" كذلك ما عمق ووسع فجوة الانقسام وعزز فرص الاحتلال في القضاء على فرصة تحقيق هدف الوحدة وإقامة الدولة.
ويعتبر شاهين أن عدم الاكتفاء بالوضع الحالي السلبي وانتظار توقيع اتفاقات مصالحة واحد تلو الآخر ولعب الفصائل الوطنية وقواعدها والشعب بأجمعه دوره، وبلورة ضغط شعبي كافي للدفع باتجاه المصالحة وتغليب المصالح الوطنية على المصالح المستفيدة والمعنية باستمرار الانقسام من شانها تحقيق الوحدة الشرط الأول لمبادرة إعطاء يوم الأرض بعده الحقيقي.
بدوره يتفق المحلل السياسي طلال عوكل مع شاهين حول "إجماع شعبنا على تشكيل هذه الذكرى بعدا رمزيا للوحدة والتمسك بالأرض والأهداف التي لم يخدمها الانقسام الحاصل الذي أصبح يشوب جميع مناسباتنا ومدى تأثيره على آرائنا ونشاطاتنا وتشتيت رسائلنا حيث لم يأخذ يوم الأرض أبعاده الحقيقية، مع حقيقة الانقسام الحاصل الذي أصبح أولوية تفوقت على أولوية الانشغال بالأرض".
ويؤكد عوكل "أن إسرائيل استفادت كثيرا من الانقسام واستمراره حيث اعتبرته انجازا تاريخيا، وهنا يأتي دور شعبنا وقيادته بادراك ضرورة انهاء هذا الواقع من قبل الأطراف والفصائل الوطنية بحيث تتخلى عن البرامج الخاصة الفئوية وتعود إلى البرنامج الوطني، فلا يمكن بناء المصالحة بواقع منتصر أو مهزوم".
وزاد "الانقسام بدد الحماس الوطني وأدخلنا في أزمات تؤثر على الحياة اليومية للمواطن الذي بات يدفع الثمن، لصالح الفصائلية وليس الوطن."
ويرى عوكل أن "المواطن وضع ثقته بالفصائل التي لا نستطيع تجاهل دورها لكنها اليوم هي المسؤولة عن الانقسام واستمرار تداعياته فالانشغال بالانقسام بعثر الجهود التي كان أولى توجيهها نحو تعزيز الانتماء، في حين تبلورت أزمة ثقة باتت واضحة في تعاطي المواطن بجدية بتطبيق المصالحة لكثرة اتفاقاتها المتتالية غير المطبقة، وفي مناحي الحياة اليومية الأمر الذي تستغله إسرائيل أفضل استغلال عبر التسويق لعدم وجود ممثل موحد لشعبنا لخدمة أغراضها ولخلق مناخات للمتهربين من المسؤولية لضرب فكرة الدولة .