"واخضرت الصحراء كما أرادها بن غوريون"
فضل كعوش *
تعد السيطرة على مصادر المياه والأراضي الزراعية الفلسطينية جوهر الفلسفة التي انتهجتها الصهيونية العالمية منذ نشوء الفكرة الأولى لتوطين اليهود في فلسطين وتابعتها إسرائيل بعد قيامها حتى الآن، ويمثل الاستيطان حجر الزاوية في الأيديولجية الصهيونية وكما قال احد كبار قادة الحركة الصهيونية بأن "لا صهيونية بدون إستيطان ولا إستيطان بدون السيطرة على مصادر المياه ولا دولة يهودية بدون إخلاء العرب ومصادرة أراضيهم".
أي ان الفكر الصهيوني قام بالأساس على رفض اي وجود للفلسطينيين في فلسطين والعمل على إقتلاعهم ورفض التعايش معهم، والمواقف المتشددة للقادة الإسرائيلين من اقصى اليمين الى اقصى اليسار تجاه عملية السلام وتجاه الحقوق الفلسطينية المشروعة، هي اكبر دليل على إثبات وكشف حقيقة النوايا الإسرائيلية في هذا الشأن.
يعود تاريخ بدء الاستيطان الزراعي الإسرائيلي في فلسطين الى عام 1878 عندما تأسست عدة مستوطنات منها "ريشون ليسيون، زخرون يعقوب، روشبين ، يود همعليه" وقد بلغ عدد المستوطنيين الصهاينة في هذه المستوطنات اكثر من 200 مستوطن، وإستمر التوسع الاستيطاني حتى بلغ 22 مستوطنة عام 1898 بلغت مساحتها حوالي 200 الف دونم، يقيم فيها اكثر من 2800 مستوطن وفي عام 1914 كان عدد المستوطنات قد وصل الى 47 مستوطنة إزداد بشكل متسارع الى 73 مستوطنة حتى العام 1921 وبلغ عدد الصهاينة المستوطنين حوالي 15 الف، وإبتدات السياسة ألأستيطانية بعد ذلك تأخذ أشكالا أخرى من خلال تشكيل العصابات الصهيونية "الهجانا" والقيام بافتعال المذابح بحق المزارعين الفلسطينيين ودفع اموال كبيرة لإغراء بعض من ملاكي الأراضي الزراعية في فلسطين من اللبنانيين خاصة في مناطق سهل الحولة ووادي ألأردن، وبدعم ومساعدة سلطة الانتدلب البريطاني، حيث بلغت مساحة الأراضي الزراعية التي إستولى عليها الصهاينة عند انتهاء فترة الأنتداب البريطاني على فلسطين عام 1947 حوالي 2.5 مليون دونم أي ما يزيد عن 7% من مساحة فلسطين ...
وبذلك نجحت الحركة الصهيونية في تنفيذ كافة الخطط الأستيطانية في فلسطين وأقامت المستعمرات وجلبت المزيد من المهاجرين اليهود تدريجيا ضمن مراحل متسارعة لتهويد الأرض الفلسطينية حيث احكمت السيطرة على مواقع إستراتيجية تشمل مصادر المياه وأراضي زراعية شاسعة ...والقدس الشرقية وجوارها وغور وادي الأردن .
كانت ولا زالت مصادر المياه والأراضي الزراعية الركيزة الأساسية للخطط الأستيطانية الصهيونية، حيث حدد قادة الحركة الصهيونية أولوياتهم بالاستيلاء على مصادر المياه وألأراضي الزراعية الخصبة، وأهمها منابع نهر الأردن وروافده وبحيرة طبريا ومصادر المياه الجوفية وسهول الحولة مع مناطق السهل الساحلي وحتى شمال النقب، وقد اولت الحركة الصهيونية اهتمامها البالغ بتخضير كل شبر من الأراضي الزراعية بما في ذلك الصحراء، حيث كما قال ديفيد بن غوريون عام 1954 وهو اول رئيس وزراء اسرائيلي مخاطبا شعبه، "إتبعوني الى الصحراء لنحيي معا البرية وألأراضي الجافة، فالصحراء تنتظركم ان تأتوها بالألوف بل بعشرات الألوف ومئات الألوف بل اريدكم ان تأتوا بالملايين، لنجعل الصحراء تخضر وتزهر"، وقد بنى بن غوريون بيتا له في الصحراء ومركزا للأبحاث الصحراوية .
لتحقيق احلام قادتهم شرع الاسرائيليون وعلى الفور في العمل على بناء ما يعرف بنظام الخط الناقل الوطني، وهو مشروع عملاق يشمل نظام للضخ أقيم في الجزء الشمالي الغربي من بحيرة طبريا وتحديدا في منطقة "الطابغة" لرفع المياه من مستوى 212 تحت سطح البحر الى 110 متر فوقه ، وبطاقة ضخ متواصلة على مدى ال 24 ساعة بمعدل 550 مليون متر مكعب في السنة يجري دفعها عبر انبوب ضخم يبلغ قطره اكثر من 140 سم ، مع برك وخزانات موازنة على إمتداد الخط عبر سهل البطوف وصولا الى مناطق السهل الساحلى وحتى جنوب بئر السبع في شمال النقب.
تم ربط هذا الخط بشبكة من الآبار العميقة التي تم حفرها مبكرا على إمتداد الخط الأخضر يصل عددها الى اكثر من 600 بئر حفرت لسحب المياه الجوفية من الحوضين الغربي والشمالي الشرقي بكامل طاقتهما السنوية المتجددة والمقدرة بحوالي 570 مليون متر مكعب في السنة، بالاضافة الى شبكة أخرى من ألآبار العميقة والسطحية تم حفرها في مناطق الحوض الساحلي يزيد عددها على 1700 بئرا تضخ ما يزيد على 480 مليون متر مكعب في السنة ، وتشكل مجموعتي هذه ألآبار مع مياه نهر الأردن المشروع المتكامل لنظام الخط الناقل القطري الذي يتم من خلاله تزويد مدينة تل ابيب وجوارها بمياه الشرب والصناعة بمعدل 350 مليون متر مكعب في السنة ويتم ري ألأراضي الزراعية على أمتداد السهل الساحل وصولا الى مناطق بئر السبع وصحراء النقب الداخلية التي اصبحت تضم مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية المختلفة .
يتم سنويا تحويل حوالي 550 مليون متر مكعب من مياه نهر ألأردن عبر بحيرة طبريا وحوالي 560 مليون متر مكعب من الأحوض الجوفية الجبلية ( الحوضين الغربي والشمالي الشرقي) وحوالي 480 مليون متر مكعب من الحوض الساحلي، اي ما مجموعه 1600 مليون متر مكعب تشكل اكثر من68 % من مجموع مصادر المياه المستخدمة في اسرائيل التقليدية ( وهي المياه الطبيعية العذبة) وغير التقليدية (وهي مياه المجاري المعالجة والمعاد إستخدامها في الزراعة ومياه البحر المحلاة ) والمقدر مجموعها بحوالي 2352 مليون متر مكعب في السنة .
بالإضافة الى ذلك يجري سحب حوالي 160 مليون متر مكعب من القسم العلوي لنهر الأردن في منطقة سهل الحولة لري مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية هناك، ومن المخارج الجنوبية لبحيرة طبريا يجري ايضا سحب حوالي 90 مليون متر مكعب الى سهل بيسان جنوبا، لري مساحات كبيرة اخرى من الأراضي الزراعية .
اجمالي ما يتم سحبه من نهر الأردن يصل الى 800 مليون متر مكعب في السنة، تشكل معظم موارد نهر الأردن العلوي مع مياه الأودية الموسمية الجانبية، وقد تم إغلاق منافذ الجزء السفلي من النهر على الشاطيء الجنوبي لبحيرة طبريا منذ العام 1967 ، ولهذا لم تعد تصل المياه الى هذا الجزء من النهر المحاذي للضفة الغربية، ونتيجة لهذا الإجراء تحول النهر الى جدول صغير ملوث لم تعد تجري فيه المياه كالسابق، ولم تعد تصل المياه الى البحر الميت نهائيا ما ادى الى تراجع كبير في مساحته المائية من 1200 كيلومتر مربع قبل العام 1970 الى اقل من 500 كيلو متر مربع حاليا وبهبوط في مستوى سطح المياه اكثر من 40 مترا ، وهناك تهديدا حقيقيا بزوال هذا البحر من الوجود خلال ال 40 سنة القادمة على الأكثر، وهو ما دعا إسرائيل والأردن الى طرح مشروع قناة البحرين في محاولة يائسة لإنقاذ البحر الميت، وهو حسب اعتقادنا سيكون مشروعا فاشلا بل ومدمرا لكامل بيئة البحر الميت في حالة تنفيذه، وبأن الحل الوحيد لإنقاذ البحر الميت هو وقف عمليات الضخ من بحيرة طبريا وفتح منافذ النهر لتعود المياه الى مجراها السابق وتتدفق باتجاه البحر الميت .
ما يجري سحبه من ألأحواض الجوفية بشكل متواصل يشكل عمليات إستنزاف قصوي لأحواض المياه الجوفية، فمياه الحوض الساحلي أصبحت ملوثة بالملوحة العالية والمواد العضوية من المركبات الزراعة ومن مياه المجاري التي يجري حقنها الى باطن الأرض بكميات ضخمة من خلال شبكة من أبار التشريب الصناعي، وإستنادا الى مصادر علمية إسرائيلية فإن الجزء ألأكبر من الحوض الساحلي قد دمر بيئيا بنسبة تزيد على 70% ، اما الحوضين الغربي والشمالي الشرقي فقد سجلت مؤشرات تقدم مناطق الملوحة بداخلهما وإرتفاع ملحوظ وخطير في معدل تركيز الكلوريد ( مؤشر معدل الملوحة) وهذا بسبب عمليات الضخ المتواصلة وتعريض النظام الهيدروجيولوجي في هذين الحوضين للدمار التدريجي .
منذ البدء في تشغيل الخط الناقل الوطني عام 1964 اي على مدى حوالي 58 سنة ، تم ضخ وإستغلال حوالي36 بليون متر مكعب من ميا نهر ألأردن و26 بليون متر مكعب من مياه الحوضين الجوفيين الغربي والشمالي الشرقي و حوالي 22 بليون من الحوض الساحلي اي ما مجموعه حوالي 106 بليون مترمكعب إستخدمت لأغراض الري في أسرائيل خلال الفترة اعلاه ، حصة مناطق الصحراء من هذه الكميات تقدر بحوالي 40 بليون متر مكعب خلال فترة ال 48 سنة اي ما يقارب 38 % من مجموع الضخ .
وفق المعايير ألأقتصادية للقيمة الحقيقية للعائد من للمتر المكعب من المياه في القطاع الزراعي والذي يقدر بحوالي 12 شيكل اي حوالي 3.5 دولار في الحد ألأدنى ، فأن قيمة العائد ألأجمالي من المياه المستغلة في الزراعة تصل الى اكثر من 380 مليار دولار خلال ال 48 سنة اي ما يقارب 10 الى 13 مليار سنويا ، وهذه هي غنائم إسرائيل من المياه العربية والفلسطينية المنهوبة . وهي نفسها المكاسب ومقومات القوة ألأقتصادية الهائلة التي إستخدمها الصهاينة لتوسيع وتدعيم الأستيطان ، وهذا ما عناه بالفعل ليفي أشكول عندما قال : لا صهيونية بدون إستيطان ولا إستيطان بدون السيطرة على مصادر المياه المياه ولا دولة يهودية بدون إخلاء العرب ومصادرة أراضيهم .
وهو ما حصل بالفعل فقد تم تخضير وتعمير الصحراء كما ارادها بن غوريون بل وأكثر مما اراده وحلم به ، فقد وصل عدد السكان المقيمين في مناطق صحراء النقب الى نسبة 12 % من مجموع سكان إسرائيل الذي قارب على السبعة ملايين نسمة وأصبحت تضم منطقة النقب مدينة بئر السبع عاصمة النقب ومدن وتجمعات أخرى مثل أراد ، ديمونا ، إيلات وغيرها من التجمعات السكانية الصغيرة الحجم ، وتقدر مساحة صحراء النقب بحوالي 12200 كيلو متر مربع اي ما يعادل 12.2 مليون دونم ، منها حوالي 1.6 مليون دونم اراضي زراعية مروية ، تنتج الخضروات والحبوب وألأعلاف بأنواعها والقطن والتمور وبعض انواع الزراعات ألأستوائية والزهور وأشجارالزيتون المروية والتمور بأنواعها والزراعات العضوية ، وألأحواض الكبيرة لتربية ألأسماك والمزارع الضخمة للثروة الحيوانية بمختلف انواعها ،
وهناك مناطق للصناعات الثقيلة الهامة جدا في مناطق مختلفة من النقب بألأضافة الى وجود المفاعل النووي في منطقة ديمونا ، كما اقيمت مراكز للأبحاث الكيماوية ومعاهد للدراسات وألأبحاث الزراعية ، ويجري حاليا توسيع المناطق العمرانية بالقرب من بئر السبع لأستيعاب المزيد من المهاجرين الجدد في هذه المنطقة .
يأمل ألأسرائيليون ان يجد مشروع قناة البحرين طريقه الى التنفيذ ليصبح واقعا ، لأن لهذا المشروع اهمية كبيرة لدى الأسرائيليين، سيساعدهم في تطوير مناطق النقب وخاصة المناطق الواقعة على إمتداد وادي عربة حيث أطلق شمعون بيريز على هذه المنطقة وادي ألأحلام، وستقام فيها مشاريع صناعية ضخمة ومطار وسكة حديد وفنادق سياحية وغير ذلك .
تقدر المساحة الزراعية المروية في إسرائيل بحوالي 2.75 مليون دونم تستهلك حوالي 1375 مليون متر مكعب من المياه في السنة ، وهو ما يزيد بكثير عن نسبة 75 % من اجمالي الموارد المائية المتاحة المبينة اعلاه ، وتغطي محاصيل القطن وعباد الشمس والحبوب بأنواعها مناطق السهل الساحلي وشمال صحراء النقب .
كما ان سهول الحولة وغور بيسان تضم اكبر المساحات الزراعية للقمح والخضروات وبعض انواع الفواكه، وفي غور وادي ألأردن توجد مساحات شاسعة من ألأراضي الزراعية تقدر بحوالي 70 اف دونم مزروعة بالتمور والعنب والخضروات وغيرها ، ويسيطر الأسرائيليون على معظم منطقة الغور والتي تقدر مساحتها بحوالي 106 مليون دونم تشكل 28 % من مساحة الضفة الغربية كاملة ، نسبة 22% فقط من هذه المنطقة تخضع للسيطرة الفلسطينية .
علما بأن القطاع الزراعي في إسرائيل يشكل نسبة لا تزيد ألأن عن 2% من مجموع الناتج المحلي ، وتشكل المنتوجات الزراعية نسبة 5% من صادرات اسرائيل ، بينما تشكل اليد العاملة في القطاع الزراعي نسبة 4% من مجموع اليد العاملة ، ويوجد كما هومعروف نوعان من التجمعات والتعاونيات الزراعية في إسرائيل ، الكيبوتس (وهو نظام تعاوني يوزع انتاجه بالتساوي على الجميع ) والموشاف ( وهو نظام منفصل لكل فرد او عائلة انتاجه ) ، وجميع التجمعات الزراعية تخضع لمؤسسة الهيستدروت الصهيوني ، وهذه المؤسسة هي التي تدير أملاك وأراضي الدولة في اسرائيل .
كما يتضح مما ورد اعلاه فأن القطاع الزراعي او ما يمكن تسميته بقطاع ألأستيطان الزراعي في اسرائيل هو الذي يستهلك النسبة العالية جدا من مصادر المياه العذبة السطحية والجوفية من مياه نهر ألأردن ومن مياه ألأحواض الجوفية ، ولتحقيق احلام الحركة الصهيونية ومخططاتها الأستيطانية تم وما اسلفنا تدمير نهر ألأردن وتحويل جزئه الجنوبي الى جدول صغير ملوث ، كما تم تجفيف البحر الميت وتهديد زواله ، وتم ايضا إستنزاف احواض المياه الجوفية الرئيسية ، وكل ذلك من اجل تخضير الصحراء وتوسيع الأستيطان الزراعي في كل مكان من اراضي فلسطين الطبيعية ، في الوقت الذي لا يشكل هذا القطاع إلا نسبة ضئيلة جدا من إجمالي الناتج المحلي لا تتعدى حاليا كما اشرنا اعلاه 2% ، ويفتخر ألأسرائليون بانهم قدوة عالمية في الزراعة ، وهو إدعاء سخيف امام الخسائر التي الحقتها برامج ألتوسع وألأستيطان الزراعي من دمار للبيئة الطبيعية وألأيكولوجية وخاصة للأحواض المائية الجوفية والسطحية ونهر الأردن والبحرالميت ، وكما قال احد الخبراء ألأجانب في تقييمه للقطاع الزراعي في إسرائيل، "بأن السؤال المهم هو هل ان استخدام المياه بكفاءة عالية في الزراعة الأسرائيلية هو ألهدف المطلوب ام ان ألأهم هو هل القطاع الزراعي في إسرائيل هو وسيلة مثالية لأستخدام المياه في اسرائيل"، بمعنى هل الزراعة في اسرائيل اهم من تدمير مجرى حوض نهر الأردن وتحويله الى مكب للمخلفات السائلة والصلبة وهل هو اهم من إستنزاف مصادر المياه وتدمير كامل للنظام الهيدروجيلوجي للأحواض الجوفية الرئيسية وتدمير البيئة المائية وهل تخضير وتزهير الصحراء اهم من البحر الميت وبقائه وعدم زواله كما هو حاصل وكما اوضحناه اعلاه ....ام ان السيطرة على مصادر المياه وإستغلالها لدواعي سياسية وعقائدية هو ألأهم لدى ألقادة ألأسرائيليين وهو ما قال ليفي أشكول رئيس وزراء سابق في إسرائيل وهو الذي قاد حرب عام 1967 وهي حرب المياه قال : بأنه بدون السيطرة على مصادر المياه لا يمكن للحلم ألأسرائيلي ان يتحقق ، ويقصد الأستيطان الزراعي ، وها هو قد تحقق كما اراده أشكول وكما اراده بن غوريون وقبلهم زعيمهم هيرتزل ، لقد إخضرت الصحراء ولبى ألأسرائيليون نداء رئيسهم بن غوريون وتبعوه الى الصحراء العامرة اليوم ، ولكن إخضرارها وتعميرها كلف الكثير من الدمار الذي يشكل جرائم أنسانية وبيئية ، وهي مخالفات وتجاوزات كبيرة للقانون الدولي وللقانون الإنساني .
*الرئيس السابق لسلطة المياه، الرئيس السابق للجنة المفاوضات حول المياه
تعد السيطرة على مصادر المياه والأراضي الزراعية الفلسطينية جوهر الفلسفة التي انتهجتها الصهيونية العالمية منذ نشوء الفكرة الأولى لتوطين اليهود في فلسطين وتابعتها إسرائيل بعد قيامها حتى الآن، ويمثل الاستيطان حجر الزاوية في الأيديولجية الصهيونية وكما قال احد كبار قادة الحركة الصهيونية بأن "لا صهيونية بدون إستيطان ولا إستيطان بدون السيطرة على مصادر المياه ولا دولة يهودية بدون إخلاء العرب ومصادرة أراضيهم".
أي ان الفكر الصهيوني قام بالأساس على رفض اي وجود للفلسطينيين في فلسطين والعمل على إقتلاعهم ورفض التعايش معهم، والمواقف المتشددة للقادة الإسرائيلين من اقصى اليمين الى اقصى اليسار تجاه عملية السلام وتجاه الحقوق الفلسطينية المشروعة، هي اكبر دليل على إثبات وكشف حقيقة النوايا الإسرائيلية في هذا الشأن.
يعود تاريخ بدء الاستيطان الزراعي الإسرائيلي في فلسطين الى عام 1878 عندما تأسست عدة مستوطنات منها "ريشون ليسيون، زخرون يعقوب، روشبين ، يود همعليه" وقد بلغ عدد المستوطنيين الصهاينة في هذه المستوطنات اكثر من 200 مستوطن، وإستمر التوسع الاستيطاني حتى بلغ 22 مستوطنة عام 1898 بلغت مساحتها حوالي 200 الف دونم، يقيم فيها اكثر من 2800 مستوطن وفي عام 1914 كان عدد المستوطنات قد وصل الى 47 مستوطنة إزداد بشكل متسارع الى 73 مستوطنة حتى العام 1921 وبلغ عدد الصهاينة المستوطنين حوالي 15 الف، وإبتدات السياسة ألأستيطانية بعد ذلك تأخذ أشكالا أخرى من خلال تشكيل العصابات الصهيونية "الهجانا" والقيام بافتعال المذابح بحق المزارعين الفلسطينيين ودفع اموال كبيرة لإغراء بعض من ملاكي الأراضي الزراعية في فلسطين من اللبنانيين خاصة في مناطق سهل الحولة ووادي ألأردن، وبدعم ومساعدة سلطة الانتدلب البريطاني، حيث بلغت مساحة الأراضي الزراعية التي إستولى عليها الصهاينة عند انتهاء فترة الأنتداب البريطاني على فلسطين عام 1947 حوالي 2.5 مليون دونم أي ما يزيد عن 7% من مساحة فلسطين ...
وبذلك نجحت الحركة الصهيونية في تنفيذ كافة الخطط الأستيطانية في فلسطين وأقامت المستعمرات وجلبت المزيد من المهاجرين اليهود تدريجيا ضمن مراحل متسارعة لتهويد الأرض الفلسطينية حيث احكمت السيطرة على مواقع إستراتيجية تشمل مصادر المياه وأراضي زراعية شاسعة ...والقدس الشرقية وجوارها وغور وادي الأردن .
كانت ولا زالت مصادر المياه والأراضي الزراعية الركيزة الأساسية للخطط الأستيطانية الصهيونية، حيث حدد قادة الحركة الصهيونية أولوياتهم بالاستيلاء على مصادر المياه وألأراضي الزراعية الخصبة، وأهمها منابع نهر الأردن وروافده وبحيرة طبريا ومصادر المياه الجوفية وسهول الحولة مع مناطق السهل الساحلي وحتى شمال النقب، وقد اولت الحركة الصهيونية اهتمامها البالغ بتخضير كل شبر من الأراضي الزراعية بما في ذلك الصحراء، حيث كما قال ديفيد بن غوريون عام 1954 وهو اول رئيس وزراء اسرائيلي مخاطبا شعبه، "إتبعوني الى الصحراء لنحيي معا البرية وألأراضي الجافة، فالصحراء تنتظركم ان تأتوها بالألوف بل بعشرات الألوف ومئات الألوف بل اريدكم ان تأتوا بالملايين، لنجعل الصحراء تخضر وتزهر"، وقد بنى بن غوريون بيتا له في الصحراء ومركزا للأبحاث الصحراوية .
لتحقيق احلام قادتهم شرع الاسرائيليون وعلى الفور في العمل على بناء ما يعرف بنظام الخط الناقل الوطني، وهو مشروع عملاق يشمل نظام للضخ أقيم في الجزء الشمالي الغربي من بحيرة طبريا وتحديدا في منطقة "الطابغة" لرفع المياه من مستوى 212 تحت سطح البحر الى 110 متر فوقه ، وبطاقة ضخ متواصلة على مدى ال 24 ساعة بمعدل 550 مليون متر مكعب في السنة يجري دفعها عبر انبوب ضخم يبلغ قطره اكثر من 140 سم ، مع برك وخزانات موازنة على إمتداد الخط عبر سهل البطوف وصولا الى مناطق السهل الساحلى وحتى جنوب بئر السبع في شمال النقب.
تم ربط هذا الخط بشبكة من الآبار العميقة التي تم حفرها مبكرا على إمتداد الخط الأخضر يصل عددها الى اكثر من 600 بئر حفرت لسحب المياه الجوفية من الحوضين الغربي والشمالي الشرقي بكامل طاقتهما السنوية المتجددة والمقدرة بحوالي 570 مليون متر مكعب في السنة، بالاضافة الى شبكة أخرى من ألآبار العميقة والسطحية تم حفرها في مناطق الحوض الساحلي يزيد عددها على 1700 بئرا تضخ ما يزيد على 480 مليون متر مكعب في السنة ، وتشكل مجموعتي هذه ألآبار مع مياه نهر الأردن المشروع المتكامل لنظام الخط الناقل القطري الذي يتم من خلاله تزويد مدينة تل ابيب وجوارها بمياه الشرب والصناعة بمعدل 350 مليون متر مكعب في السنة ويتم ري ألأراضي الزراعية على أمتداد السهل الساحل وصولا الى مناطق بئر السبع وصحراء النقب الداخلية التي اصبحت تضم مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية المختلفة .
يتم سنويا تحويل حوالي 550 مليون متر مكعب من مياه نهر ألأردن عبر بحيرة طبريا وحوالي 560 مليون متر مكعب من الأحوض الجوفية الجبلية ( الحوضين الغربي والشمالي الشرقي) وحوالي 480 مليون متر مكعب من الحوض الساحلي، اي ما مجموعه 1600 مليون متر مكعب تشكل اكثر من68 % من مجموع مصادر المياه المستخدمة في اسرائيل التقليدية ( وهي المياه الطبيعية العذبة) وغير التقليدية (وهي مياه المجاري المعالجة والمعاد إستخدامها في الزراعة ومياه البحر المحلاة ) والمقدر مجموعها بحوالي 2352 مليون متر مكعب في السنة .
بالإضافة الى ذلك يجري سحب حوالي 160 مليون متر مكعب من القسم العلوي لنهر الأردن في منطقة سهل الحولة لري مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية هناك، ومن المخارج الجنوبية لبحيرة طبريا يجري ايضا سحب حوالي 90 مليون متر مكعب الى سهل بيسان جنوبا، لري مساحات كبيرة اخرى من الأراضي الزراعية .
اجمالي ما يتم سحبه من نهر الأردن يصل الى 800 مليون متر مكعب في السنة، تشكل معظم موارد نهر الأردن العلوي مع مياه الأودية الموسمية الجانبية، وقد تم إغلاق منافذ الجزء السفلي من النهر على الشاطيء الجنوبي لبحيرة طبريا منذ العام 1967 ، ولهذا لم تعد تصل المياه الى هذا الجزء من النهر المحاذي للضفة الغربية، ونتيجة لهذا الإجراء تحول النهر الى جدول صغير ملوث لم تعد تجري فيه المياه كالسابق، ولم تعد تصل المياه الى البحر الميت نهائيا ما ادى الى تراجع كبير في مساحته المائية من 1200 كيلومتر مربع قبل العام 1970 الى اقل من 500 كيلو متر مربع حاليا وبهبوط في مستوى سطح المياه اكثر من 40 مترا ، وهناك تهديدا حقيقيا بزوال هذا البحر من الوجود خلال ال 40 سنة القادمة على الأكثر، وهو ما دعا إسرائيل والأردن الى طرح مشروع قناة البحرين في محاولة يائسة لإنقاذ البحر الميت، وهو حسب اعتقادنا سيكون مشروعا فاشلا بل ومدمرا لكامل بيئة البحر الميت في حالة تنفيذه، وبأن الحل الوحيد لإنقاذ البحر الميت هو وقف عمليات الضخ من بحيرة طبريا وفتح منافذ النهر لتعود المياه الى مجراها السابق وتتدفق باتجاه البحر الميت .
ما يجري سحبه من ألأحواض الجوفية بشكل متواصل يشكل عمليات إستنزاف قصوي لأحواض المياه الجوفية، فمياه الحوض الساحلي أصبحت ملوثة بالملوحة العالية والمواد العضوية من المركبات الزراعة ومن مياه المجاري التي يجري حقنها الى باطن الأرض بكميات ضخمة من خلال شبكة من أبار التشريب الصناعي، وإستنادا الى مصادر علمية إسرائيلية فإن الجزء ألأكبر من الحوض الساحلي قد دمر بيئيا بنسبة تزيد على 70% ، اما الحوضين الغربي والشمالي الشرقي فقد سجلت مؤشرات تقدم مناطق الملوحة بداخلهما وإرتفاع ملحوظ وخطير في معدل تركيز الكلوريد ( مؤشر معدل الملوحة) وهذا بسبب عمليات الضخ المتواصلة وتعريض النظام الهيدروجيولوجي في هذين الحوضين للدمار التدريجي .
منذ البدء في تشغيل الخط الناقل الوطني عام 1964 اي على مدى حوالي 58 سنة ، تم ضخ وإستغلال حوالي36 بليون متر مكعب من ميا نهر ألأردن و26 بليون متر مكعب من مياه الحوضين الجوفيين الغربي والشمالي الشرقي و حوالي 22 بليون من الحوض الساحلي اي ما مجموعه حوالي 106 بليون مترمكعب إستخدمت لأغراض الري في أسرائيل خلال الفترة اعلاه ، حصة مناطق الصحراء من هذه الكميات تقدر بحوالي 40 بليون متر مكعب خلال فترة ال 48 سنة اي ما يقارب 38 % من مجموع الضخ .
وفق المعايير ألأقتصادية للقيمة الحقيقية للعائد من للمتر المكعب من المياه في القطاع الزراعي والذي يقدر بحوالي 12 شيكل اي حوالي 3.5 دولار في الحد ألأدنى ، فأن قيمة العائد ألأجمالي من المياه المستغلة في الزراعة تصل الى اكثر من 380 مليار دولار خلال ال 48 سنة اي ما يقارب 10 الى 13 مليار سنويا ، وهذه هي غنائم إسرائيل من المياه العربية والفلسطينية المنهوبة . وهي نفسها المكاسب ومقومات القوة ألأقتصادية الهائلة التي إستخدمها الصهاينة لتوسيع وتدعيم الأستيطان ، وهذا ما عناه بالفعل ليفي أشكول عندما قال : لا صهيونية بدون إستيطان ولا إستيطان بدون السيطرة على مصادر المياه المياه ولا دولة يهودية بدون إخلاء العرب ومصادرة أراضيهم .
وهو ما حصل بالفعل فقد تم تخضير وتعمير الصحراء كما ارادها بن غوريون بل وأكثر مما اراده وحلم به ، فقد وصل عدد السكان المقيمين في مناطق صحراء النقب الى نسبة 12 % من مجموع سكان إسرائيل الذي قارب على السبعة ملايين نسمة وأصبحت تضم منطقة النقب مدينة بئر السبع عاصمة النقب ومدن وتجمعات أخرى مثل أراد ، ديمونا ، إيلات وغيرها من التجمعات السكانية الصغيرة الحجم ، وتقدر مساحة صحراء النقب بحوالي 12200 كيلو متر مربع اي ما يعادل 12.2 مليون دونم ، منها حوالي 1.6 مليون دونم اراضي زراعية مروية ، تنتج الخضروات والحبوب وألأعلاف بأنواعها والقطن والتمور وبعض انواع الزراعات ألأستوائية والزهور وأشجارالزيتون المروية والتمور بأنواعها والزراعات العضوية ، وألأحواض الكبيرة لتربية ألأسماك والمزارع الضخمة للثروة الحيوانية بمختلف انواعها ،
وهناك مناطق للصناعات الثقيلة الهامة جدا في مناطق مختلفة من النقب بألأضافة الى وجود المفاعل النووي في منطقة ديمونا ، كما اقيمت مراكز للأبحاث الكيماوية ومعاهد للدراسات وألأبحاث الزراعية ، ويجري حاليا توسيع المناطق العمرانية بالقرب من بئر السبع لأستيعاب المزيد من المهاجرين الجدد في هذه المنطقة .
يأمل ألأسرائيليون ان يجد مشروع قناة البحرين طريقه الى التنفيذ ليصبح واقعا ، لأن لهذا المشروع اهمية كبيرة لدى الأسرائيليين، سيساعدهم في تطوير مناطق النقب وخاصة المناطق الواقعة على إمتداد وادي عربة حيث أطلق شمعون بيريز على هذه المنطقة وادي ألأحلام، وستقام فيها مشاريع صناعية ضخمة ومطار وسكة حديد وفنادق سياحية وغير ذلك .
تقدر المساحة الزراعية المروية في إسرائيل بحوالي 2.75 مليون دونم تستهلك حوالي 1375 مليون متر مكعب من المياه في السنة ، وهو ما يزيد بكثير عن نسبة 75 % من اجمالي الموارد المائية المتاحة المبينة اعلاه ، وتغطي محاصيل القطن وعباد الشمس والحبوب بأنواعها مناطق السهل الساحلي وشمال صحراء النقب .
كما ان سهول الحولة وغور بيسان تضم اكبر المساحات الزراعية للقمح والخضروات وبعض انواع الفواكه، وفي غور وادي ألأردن توجد مساحات شاسعة من ألأراضي الزراعية تقدر بحوالي 70 اف دونم مزروعة بالتمور والعنب والخضروات وغيرها ، ويسيطر الأسرائيليون على معظم منطقة الغور والتي تقدر مساحتها بحوالي 106 مليون دونم تشكل 28 % من مساحة الضفة الغربية كاملة ، نسبة 22% فقط من هذه المنطقة تخضع للسيطرة الفلسطينية .
علما بأن القطاع الزراعي في إسرائيل يشكل نسبة لا تزيد ألأن عن 2% من مجموع الناتج المحلي ، وتشكل المنتوجات الزراعية نسبة 5% من صادرات اسرائيل ، بينما تشكل اليد العاملة في القطاع الزراعي نسبة 4% من مجموع اليد العاملة ، ويوجد كما هومعروف نوعان من التجمعات والتعاونيات الزراعية في إسرائيل ، الكيبوتس (وهو نظام تعاوني يوزع انتاجه بالتساوي على الجميع ) والموشاف ( وهو نظام منفصل لكل فرد او عائلة انتاجه ) ، وجميع التجمعات الزراعية تخضع لمؤسسة الهيستدروت الصهيوني ، وهذه المؤسسة هي التي تدير أملاك وأراضي الدولة في اسرائيل .
كما يتضح مما ورد اعلاه فأن القطاع الزراعي او ما يمكن تسميته بقطاع ألأستيطان الزراعي في اسرائيل هو الذي يستهلك النسبة العالية جدا من مصادر المياه العذبة السطحية والجوفية من مياه نهر ألأردن ومن مياه ألأحواض الجوفية ، ولتحقيق احلام الحركة الصهيونية ومخططاتها الأستيطانية تم وما اسلفنا تدمير نهر ألأردن وتحويل جزئه الجنوبي الى جدول صغير ملوث ، كما تم تجفيف البحر الميت وتهديد زواله ، وتم ايضا إستنزاف احواض المياه الجوفية الرئيسية ، وكل ذلك من اجل تخضير الصحراء وتوسيع الأستيطان الزراعي في كل مكان من اراضي فلسطين الطبيعية ، في الوقت الذي لا يشكل هذا القطاع إلا نسبة ضئيلة جدا من إجمالي الناتج المحلي لا تتعدى حاليا كما اشرنا اعلاه 2% ، ويفتخر ألأسرائليون بانهم قدوة عالمية في الزراعة ، وهو إدعاء سخيف امام الخسائر التي الحقتها برامج ألتوسع وألأستيطان الزراعي من دمار للبيئة الطبيعية وألأيكولوجية وخاصة للأحواض المائية الجوفية والسطحية ونهر الأردن والبحرالميت ، وكما قال احد الخبراء ألأجانب في تقييمه للقطاع الزراعي في إسرائيل، "بأن السؤال المهم هو هل ان استخدام المياه بكفاءة عالية في الزراعة الأسرائيلية هو ألهدف المطلوب ام ان ألأهم هو هل القطاع الزراعي في إسرائيل هو وسيلة مثالية لأستخدام المياه في اسرائيل"، بمعنى هل الزراعة في اسرائيل اهم من تدمير مجرى حوض نهر الأردن وتحويله الى مكب للمخلفات السائلة والصلبة وهل هو اهم من إستنزاف مصادر المياه وتدمير كامل للنظام الهيدروجيلوجي للأحواض الجوفية الرئيسية وتدمير البيئة المائية وهل تخضير وتزهير الصحراء اهم من البحر الميت وبقائه وعدم زواله كما هو حاصل وكما اوضحناه اعلاه ....ام ان السيطرة على مصادر المياه وإستغلالها لدواعي سياسية وعقائدية هو ألأهم لدى ألقادة ألأسرائيليين وهو ما قال ليفي أشكول رئيس وزراء سابق في إسرائيل وهو الذي قاد حرب عام 1967 وهي حرب المياه قال : بأنه بدون السيطرة على مصادر المياه لا يمكن للحلم ألأسرائيلي ان يتحقق ، ويقصد الأستيطان الزراعي ، وها هو قد تحقق كما اراده أشكول وكما اراده بن غوريون وقبلهم زعيمهم هيرتزل ، لقد إخضرت الصحراء ولبى ألأسرائيليون نداء رئيسهم بن غوريون وتبعوه الى الصحراء العامرة اليوم ، ولكن إخضرارها وتعميرها كلف الكثير من الدمار الذي يشكل جرائم أنسانية وبيئية ، وهي مخالفات وتجاوزات كبيرة للقانون الدولي وللقانون الإنساني .
*الرئيس السابق لسلطة المياه، الرئيس السابق للجنة المفاوضات حول المياه