عرب الرواعين والرواشدة.. باقون على ارضنا حتى لو ذبحونا!!
رشا حرزالله
تدق الساعة السادسة صباحاً في وادي الغار، (الحد الفاصل بين حدود محافظة بيت لحم من الجهة الجنوبية، ومحافظة الخليل من الجهة الشمالية).. صفاء الجو وتوقف هطول الأمطار يسمح للطفل محمد عراعرة (11عاما)، بركوب حمارة والذهاب للمدرسة.
يلوح محمد بيده واصفا الطريق التي يسلكها يومياً، "السيل يجرف الشاحنات في الأمطار الشديدة، نفضل البقاء في المنزل نساعد والدنا في بناء ألواح الصفيح لمنزلنا، الحياة هنا قاسية وتحتاج لتكاتف الجميع"، يقول محمد التلميذ في الصف الخامس.
ويستغرق وصوله للمدرسة التي هي عبارة عن "كرفانات" متجاورة، ساعة ونصف، فالطريق مفروشة بالحجارة والغبار والصخور تعيق الحركة، وقساوة عيش يتقن محمد أبجدياتها.
في الوجهة المقابلة، يعيش عرب الرواعين. تتوسط عالية عراعرة (30عاما)، خمسة من أطفالها تحت صفائح "الزينكو".
"هذه هي حياتنا..، بدائية وقاسية ومليئة بالشقاء، وهذه ارضنا ولن نتركها ولو ذبحونا!!" تقول عالية في اشارة الى ممارسات جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي حول آلاف الدونمات من اراضي المنطقة الى غابة صيد.. وميدان لتدريباته العسكرية.
وفي عرب الرواعين لا كهرباء ولا ماء.. ولا مشاريع تنمية ايضا، انها بدائية قاحلة!
في الشتاء يصفر الريح ويشتد داخل "المساكن"، ويسهر الرجال على تثبيت اوتاد خيامهم او منع الواح الصفيح من التطاير..وحماية حظائر مواشيهم، فيما تجهد النسوة في وضع أوعية اسفل "مزاريب" المياه المتدفقة عبر الشقوق، وتجيف اجساد الاطفال المرتجفة. وفي الصيف القائظ، يسخن الصفيح ويلتهب كما الجمر ويصبح العيش داخله جحيم لا يطاق.
"لا يوجد عيادة طبيه، لا مواصلات، لا حد أدنى للخدمات الأساسية.. ولا يأتي أحد من المسؤولين للإطلاع على اوضاعنا، وبعيدون عن الحضارة التي تتحدث عنها وسائل الاعلام ونشعر أننا نعيش في منفى.." يقول اهالي عرب الرواعين.
ويضيف عايد عراعرة، مختار عرب الرواعين، إن عدد سكان "القرية" يبلغ 400 نسمة، والمنطقة نائية جدا، وهذا يجعل إهتمام المؤسسات بها هش ومعدوم، رحلنا من وادي الغار عام 1986، بسبب الاجراءات الإسرائيلية، الناس هنا يعانون الأمرين ولا أحد يمد لهم يد العون.
وفي عرب الرشايدة المجاورة غربا تبدو الحياة هناك منهكة في كل التفاصيل. على ضوء قنديل الكاز تتحدى عفاف الرشايدة (22عاما) الطالبة بجامعة القدس المفتوحة، قسم التربية الإبتدائية.. تتحدى قسوة الطبيعة التي فرضت عليها.
"رغم معرفتي التامة، بعدم استطاعتي الحصول على وظيفة، إلا أنني تحديت واقعي وكسرت العادات والتقاليد القاسية، وانهيت الثانوية العامة والتحقت بالجامعة، الكثيرات منا تعلمن ولكنهم لم يفلحن في الوظيفة، ولغاية الآن لم تستطع إحداهن الفوز بذلك رغم تفوقهن في امتحانات القبول في التربية والتعليم "ى تقول عفاف، وتضيف:"أوجه سؤالي للحكومة لماذا لا يتم قبولنا في الوظائف؟"
عفاف لم تسجل هذا الفصل في الجامعة لمساعدة والدها في العمل، فهي تحمل تصريحاً للعمل داخل إسرائيل، وتذهب مع والدها لمساعدته في قطف الزيتون في بيسان وطبريا، كذلك في قطف الخيار والخضروات المختلفة وبيعها.
شقيقتها شامة، في الصف التاسع، حصلت على معدل 95،5، في الفرع العلمي، غير ان ذهابها للمدرسة محفوف بالمخاطر، ذلك ان المستوطنين وجيش الاحتلال هناك مسلحون بانياب العنصرية!!