هناء الشلبي: الامعاء الخاوية سلاحنا لانتزاع حريتنا
علي سمودي -دعت الاسيرة المبعدة لقطاع غزة هناء شلبي كافة القوى والفصائل وجماهير الشعب الفلسطيني واحرار العالم لدعم معركة الحرية التي يخوضها مناضلي الحرية حتى اسقاط السياسات الاسرائيلية وكسر القيود وتحرير الاسرى والخلاص من الاحتلال . ومن على سريرها في مستشفى "الشفاء "، تحدثت الشلبي عن ضرورة حماية الاسرى من مخططات ومؤامرات الاحتلال الذي ابعدها الى غزة بعد اضرابها عن الطعام ل44 يوما، مؤكدة "انه لا خيار امام الاسرى سوى معركة الامعاء الخاوية كسلاح لانتزاع حريتهم والدفاع عن كرامتهم ورفع الظلم عنهم والخلاص من السجون والمعاناة على طريق الخلاص الكامل من الاحتلال ".
الاسرى المضربين
واوضحت هناء في حديث خاص "للقدس"، ان الاطباء باشروا بعلاجها فور تحررها ولكنها تعيش القلق والخوف على مصير باقي المعتقلين المضربين ، وقالت " اناشد الجميع التحرك لحماية الاسرى المضربين وخاصة اخواني الابطال بلال ذياب وثائر حلاحلة فقد تركتهما في مستشفى سجن الرملة في حالة صحية خطيرة "، واضافت " اوجه تحية اكبار واجلال للاسرى المضربين واؤكد لكم انه لو احتملت صحتي اكثر لما توقفت ، ولكن نحن معكم وسندعم صمودكم ونامل من الجميع مساندتهم ونتوجه للاسرى الاداريين للوقوف صفا واحدا وعدم المساومة او التراجع والصمود ليبقوا شوكة في حق ادارة السجون ".
دعم وتاييد
وبين الفحوصات والوفود التي زحفت على المستشفى من كافة ارجاء غزة للاطمئنان على الاسيرة ، تابعت حديثها لمراسل في جنين عبر الهاتف ، لتوجه هناء تحية اجلال وتقدير للرئيس محمود عباس على جهوده وحرصه على القيادة الفلسطينية على متابعتها ،شاكره دوره وكذلك رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض ووزير الاسرى عيسى قراقع ورئيس نادي الاسير قدورة فارس وكافة المؤسسات والفعاليات والاطر والهيئات التي وقفت معها وساندتها في معركتها وخاصة المحامين وعلى راسهم جواد بولس وجميل الخطيب وفادي القواسمي وكل من انتصر لها .
ووجهت هناء التحية الى الاسير خضر عدنان قائد المعركة و كافة جماهير الشعب الفلسطيني وقواه وفصائله وفعالياته من جنين الى غزة وفي ارجاء العالم وفي مقدمتهم المتضامنين واحرار المجتمع الدولي الذين ازروها وساندوها في خيم الاعتصام والمسيرات وكافة الفعاليات نصرة لرسالة الحق، داعية الجميع للاستمرار معا على نفس الدرب حتى كسر القيود وتحرير الاسرى
صرخات الالم
وبينما كانت هناء تغادر سجن مستشفى "الرملة" تنفيذا لقرار الابعاد لغزة لمدة 3 سنوات ، تعالت صرخات الحزن في جنبات منزلها وسط مشاعر الالم التي انتابت عائلتها وخاصة والدتها التي استصرخت الجميع مساعدتها في رؤية كريمتها قبل ابعادها الذي تمنت كما قالت " ان لا ينفذ ، وتعود هناء لحضنها ومنزلها فهي لم تكد ترتوي منها او تشبع من رؤيتها بعدما انتزعت بعد اقل من شهرين من الافراج عنها في صفقة شاليط "."وكأن باب السماء كانت مفتوحه"، يقول الشقيق عمر " فقد تلقينا اتصالا من الصليب الاحمر بالحصول على موافقة من قبل السلطات الاسرائيلية لرؤية هناء ، ورغم انه لم يحدد لنا المكان او الوضع سارعنا لاستغلال الفرصة والتوجه الى الصليب الذي نقلنا بواسطته الى معبر الجلمة المؤدي لاسرائيل ثم الى معبر ايرز لوداع اختي "، ويضيف " عشت تجربة الاعتقال واغتالت قوات الاحتلال خلال انتفاضة الاقصى اخي سامر ولكن لم اعيش موقف اصعب من هذا ، بلمح البصر اعتقلوا اختي وعذبوها وتعذيب خلال الاضراب وصمدت واليوم تبعد قسرا الى غزة ولن تعود الى منزلنا انه ظلم كبير ".
اصعب طريق
توتر وقلق وخوف ودموع ، صورة وواقع حال العائلة في طريقها الى "ايرز"،وكل يدعوا ويتمنى ويتبادلون عبارات الصبر خاصة للوالدة الستينية بديعة الشلبي التي اصيبت بالاغماء فور مشاهدتها هناء بعد عبورها من ايرز واحتجازهما في غرفة خاصة لرؤيتها ،ويقول عمر " كانت اصعب طريق لنا جميلا ، تجرعنا فيها كل معاني الالم والحسرة من خوفنا وقلقنا خاصة وان الاحتلال لم يبلغنا باي شيء وعلمنا اننا سنرى هناء لاخر مرة قبل دخولها غزة، والاشد قساوة انهم احتجزونا وفتشونا بشكل دقيق ثم احتجزونا لفترة وسط اجراءت امنية مشددة".
صورة مؤلمة
ومر الوقت بطيئا في انتظار اللحظة،ووعندما فتح الجنود الباب وقف الجميع مذهولا ليس من فرحة الشوق والحنين للقاء الابنه البطلة التي خاضت اطول معركة تخوضها اسيرة في العالم ،وانما من وضعها ، ويقول عمر "احضروا اختي على حمالة مقيدة اليدين والقدمين وجه اصفر شاحب ، وحالتها بدت كالانسان في لحظات حياته الاخيرة النزاع ما قبل الموت بنفس الصورة التي ابلغنا بها من المحامي جواد بولس رئيس الوحدة القانونية في نادي الاسير ان اختي تعرضت لضغوط وانهيار صحي ودخلت ازمه بعد النزيف الحاد وفقدت القدرة على النوم ولذلك استغلت سلطات الاحتلال وضعها وارغمتها على الابعاد" .
بين الحزن والالم
استجمع عمر كل قواه للتخفيف عن عائلته ، فقد انهار الجميع ، والده يحيى يبكي ويتالم ويصرخ غير مصدقا وضع ابنته بعد 44 يوما من الاضراب ، ووالدته اغمي عليها ووقعت ارضا والباقي بين الدموع والبكاء خاصة وان الجنود احضروها مقيدة ، ويقول عمر " شعرت ان هناء في لحظات النزاع الاخيرة لم تكن قادرة على الحركة والاشد ماساوية انهم قيدوها ، فطلبنا منهم فكها وبعد جدل ازيلت القيود وبكينا جميعا ونحن نجبر على وداعها ". وامسكت الحاجة بديعة بيدي هناء تقبلها وتضمها لصدرها في الساعة الاخيرة من اول لقاء بعد 45 يوما من الاعتقال امضتها الام بكاء ودعاء ، صيام واضراب ، اعتصام واحتجاج ونصرة لابنتها ، وقالت " لم يراعوا وضعها واحضروها مقيدة ومنعونا من السير معها خطوة واحدة ، رغم خطورة وضعها كان السجانين يراقبوننا ويحاصروننا وكانها ما زالت في السجن ، لقد ودعت قبل سنوات ابني سامر شهيدا ولكن لم اشعر بالحسرة والالم الذي انتابني عندما التقيت بابنتي وودعتها ، لقد قتلوني مرتين ، وابعاد ابنتي عني عملية اعدام فمن يضمن انها ستعود؟، عندما افرجوا عنها في صفقة شاليط وعدونا انها لن تعتقل ولكن قبل ان نفرح بها اعتقلوها وعذبوها وابعدوها ، فاين هي الحرية ؟، واين هي الضمانات ؟واين هو الراعي المصري ؟.
وبين العناق والاغماء ، كان الوالد يعانق كريمته دون ان يتوقف عن حثها على الاهتمام بنفسها وضرورة الشفاء الصحيح لتعود لصحتها وتستعد للعودة للوطن ، وقال " لن يهدا لنا جفن حتى تعود هناء ، اردوا اعدامها والله حماها ونصلي لكي تعود لصحتها وتتعافى ، ان ابنتي تعرضت لما لم يواجهه احد ضغوط وعذاب وموت بطيء وحاصروها بعدما انهارت جسديا وارغموها على الابعاد .
اخر كلمات هناء
ورغم وضعها الصحي الخطير ، قال عمر" كانت هناء في اسوا حالة صحية رايتها لانسان في حياتي، لكن قلبها ما زال ينبض ومعنوياتها عالية وفي اللحظات التي تمكنت فيها من مقاومة الاوجاع والحديث ، قالت لنا " انها ارغمت على الابعاد ، فقد اصيبت بنزيف واغماء وفقدت الوعي وهددوها بالحكم المؤبد لذلك وبعدما نجت في مواصلىة معركة الاسير خضر عدنان وانضمام عدد من الاسرى للمعركة لم يكن خيار اخر امامها لتواصل مسيرتها سوى افشال مخططهم "، واكدت هناء " انها لم ولن تتخلى عن قرارها بالنضال حتى تحرير اخر اسير، وعندما استعيد صحتي ساكون في مقدمة المعتصمين والمناضلين من غزة حتى جنين لنعيد الاسرى ونحررهم ".
وداع الدموع
لم يغادر السجانون غرفة اللقاء ، وعندما انتهى الوقت المحدد ، تشابكت الايدي وتساقطت الدموع ، فقال والدها في وداعها " لن يفصلونا عنك ، غدا ساسافر والحق بك الى غزة لنكون معك حتى تتشافين وتنتصرين بالعودة "، اما والدتها الاكثر حزنا فلم تتوقف عن الدعاء لها وهي تقول " ستعودين اننا ننتظرك يا بطلة ، الله يرضى عليك ، انني سابقى ابكي ولن انام حتى تعود لمنزلنا ، انهم ارغموها على الابعاد لم يكن بيدها حيله ".اما شقيقها عمر ، فعانقها وقال لها " رفعت راس الشعب الفلسطيني لتكوني اميرة الحرية كما اسماك الوزير عيسى قراقع وباذن الله ستكوني عنوان العودة لكافة المبعدين "واضاف "اختى رغم وضعها الصعب والتي تصدت للاحتلال وزنازينه تتمتع بمعنويات عالية ، وقالت لي " انها مصدومة وحزينه لانها لن تعود معنا ، ولكنها فخورة لما حققته من تحدي للاحتلال الذي لم ولن يهزمها فالابعاد لم يكن خياري هم ارادوا موتي ولكن عدت لاواصل مشوار الحرية نحو وطني ولاسرانا ".
ابعاد اجباري
في هذا الوقت ، نقلت هناء بواسطة سيارة اسعاف باتجاه الجانب الفلسطيني من الحاجز ، وهناك اكدت انها صدمت لدى رؤية عائلتها ، واكدت ان فرحتها الممزوجة بالألم بسبب إبعادها عن أسرتها وعدم سماح الاحتلال لها بدخول اهلها معها قبل ، وأكدت أن قرار الإبعاد كان إجباريا لم يكن لها مجال للاختيار. ونقلت الأسيرة الشلبي على الفور بسيارة إسعاف إلى مستشفى دار الشفاء بمدينة غزة للاطمئنان على صحتها، كونها تعاني وضع صحي صعب بسبب الإضراب المستمر الذي خاضته عن الطعام لمدة 44 يوماً قبل أن تفك الاضراب بإنهاء اعتقالها الاداري التي أضربت من أجله، ولكن بإبعاد الى غزة.
رسالة هناء الاخيرة
وقبيل ابعادها ، زار مدير الوحدة القانونية في نادي الأسير المحامي جواد بولس هناء في مستشفى "الرملة"، وحملته رساله الى الشعب الفلسطيني ، اكدت فيها ان موافقتها على الابعاد لا يعني التنازل او التفريط او التراجع عن مطالبها ومواقفها والمعركة التي خاضتها على درب الاسير خضر عدنان ، داعية الجماهير والقوى لدعم الاسرى المستمرين في الاضراب . الرسالة التي نشرها نادي الأسير وجهت فيه التحية لكل المتضامنين معها مؤكدة ان فك اضرابها لم يكن ضعفا ".
الأسير خضر عدنان
في هذا الوقت ،دعا القياديي في حركة "الجهاد الاسلامي" الأسير الشيخ خضرعدنان من مستشفى سجن "الرملة" الى دعم الاسرى المضربين عن الطعام ومواصلة المعركة التي خاضها وتابعتها الاسيره هناء الشلبي،مؤكدا انها انتصرت حينما اختارت حرة أن تفتح إضرابها عن الطعام وانتصرت عندما حولت يوم المرأة ويوم الأم العالميين إلى مسيرات نسويه تضامنا معها ومع كافة الأسرى وحرية فلسطين وشعبها . جاءت تصريحات خضر الذي خاض اضرابا عن الطعام لمدة 66 يوما ، خلال زيارة مدير الوحدة القانونية في نادي الأسير المحامي جواد بولس له ، امس ،في مستشفى سجن "الرملة "، عشية فك الاسيرة الشلبي اضرابها وابعادها الى غزة بعد اضرابها عن الطعام ل44 يوما . وقال خضر :" هناء انتصرت عندما صوبت البوصلة،وقالت سنواجه الاعتقال الإداري مما حدا بالكثيرين من السجون اللحاق فيها ، وانتصرت عندما شاركت المرأة بإضرابها وشاركت كل المناضلين الأسرى بإضرابهم وشاركت الأسرى كذلك، وانتصرت بكل المعايير ولأننا احترمنا إضرابها وتضامنا معها،واليوم علينا أن نحترم قرارها بالحرية إلى أرضنا في غزة المحتلة"، واضاف " فإن ينتهي إضراب بالحرية كفتاة إلى غزة خير من أن ينتهي بعد تدهور صحتها دون حرية".خضر (33 عاما ) من بلدة عرابة قضاء جنين والذي ينتمي لحركة "الجهاد " التي اتهمت هناء بالعضوية فيها ، اضاف لمحامي النادي من مستشفى الرملة " هناء ، انتصرت عندما تحررت أماني الخندقجي بعد 10 أيام من إضرابها لخشية الاحتلال من أن ينكسر ويكون انكساره أكبر إذا ما استمرت لفترة طويلة ".ودعا الشيخ خضر لوقفه الحملة الاعلامية ومحاولات اسرائيل النيل منها من خلال وسائل الاعلام المشبوهة،معبراعن قناعته ان "اللغط الحاصل حول قضيتها عائد لعقدة لدى الشعب الفلسطيني الذي هُجر ولأننا لم نرحم بعضنا البعض، فقضية إبعاد المناضلين من كنيسة المهد وصفقة التبادل وإبعاد الأسرى للخارج ما زالت تلقي بظلالها علينا"، وتابع يقول "فقرار هناء كان في الوقت المناسب وكفا أن يجلدنا أحد فقد علّمت على ظهورنا سياط السجان، وإن كان لهذا الاتفاق جانب مشرق بالحرية والعزة، فذالك عائد لله ولهناء، وإن كان هناك وما يؤلم في الإبعاد فهذا عائد لردحنا ولتقصيرنا،كفا بالله عليكم كفا". ووجه خضر التحية لمن يحملون راية هناء في معركة الامعاء الخاوية وكل الأسرى المضربين داعيا لاسنادهم بالعمل المستمر .
وتنحدر هناء (30 عاما ) من بلدة برقين قضاء جنين ، وقد اعتقلت في المرة الاولى خلال انتفاضة الاقصى اداريا لمدة 25 شهر اداريا بتهمة النشاط في حركة "الجهاد الاسلامي "، واثر تحررها في صفقة "وفاء الاحرار " حاولت الالتحاق بالجامعة ولكن سلطات الاحتلال اعادت اعتقالها في 16-2-2012 ، وفي اليوم الثاني اعلنت اضرابا عن الطعام احتجاجا على اعتقالها وتحويلها للاعتقال الاداري .