أنا والمها في حضرة المرضى ومصيرهم المحتوم إلى ثلاجة الموتى!!- نسرين موسى
دوما كنت اسمع ومنذ طفولتي أن للمرضى في المستشفيات حرمة ويجب أن نعمل على راحتهم وعدم إزعاجهم حتى لو كان ذاك الإزعاج بعيادتنا لهم.
ساقتني قدماي إلى المستشفى لعيادة برعمة عزيزة على قلبي لأنني لم أتصور أن أغفو ليلتي دون زيارتها ورؤيتها بأم عيني قبل إسدال الليل لستائره وإغلاق نافذة غرفتي لأنظر إلى سريرها بجواري لأرى وسادتها خالية إلا من مصحفها الذي تتلو به أقصر الآيات التي تجنب حلول الشيطان وتنغيصه لأحلامها.
وما أن حطت قدماي واجتزت باب المستشفى وصولا إلى الغرفة التي أنارتها بوجهها الطفولى البريء إلا وشيئا ما دعاني للإلتفات بجوارها لأرى الستينية الشاحبة بلونها ومن سمات وجهها أيقنت أنها تئن وبفظاعة من ذاك الألم الذي أصابها جراء نزع مرارتها
لم آبه بعيون المها وهى تراقب تصرفاتي وأنا أجول بنظري بأجواء الغرفة وكأنها تسالنى دون سؤال هل أتيت مراقبة على المرضى أم لزيارتها ؟
لم أعط لتساؤلاتها الحائرة اى اعتبار وأخذت بالتصنت لأسمع هل من أنين لتلك الستينية؟؟
فعلا سمعت أنينها ولكن بصعوبة بالغة لتفوق صوت تلك المواتير والمولدات الكهربائية في ثورتها على صوتها !!
تعجبت ووقفت أفكر مليا مما جعل من بالغرفة يمنحوني جزءا من نظراتهم وبادرتنى آلاف التساؤلات؟؟
أين راحة المرضى تلك و التي لطالما بروزت جدران المسشفيات للحث على توفيرها؟؟
وأين الآداب التي قالوا عنها إسلامية ولقنوننا إياها منذ طفولتنا للحفاظ على مشاعر مرضانا..؟؟؟ وأين وأين ؟؟
أصوات مواتير تصيب الإنسان السليم بالصرع فكيف حالة السقيم؟؟
وفجأة يجذبني عرض الخط المكتوب والذي كأنه يوحى لي بنهاية المعضلة حيث كانت ثلاجة الموتى!!
وهربت من معمعة أفكاري لأجد نفسي محاطة بواقع مؤلم عنوانه مريض سيقتل بفعل دوى مواتير الموت لثلاجة عنونت باسم ثلاجة الموتى وكانت مجهزة بكل شيء ولم تخل إلا من كلمة بفعل فاعل لأنها فعلا وبجدارة تستحق أن تسمى بـــ ثلاجة الموتى بفعل فاعل لأنهم حقا يتم قتلهم بفعل تخاذل المسئولين وتقعقسهم عن تقديم الخدمات حتى للمرضى
ولم أكن سانتهى عن عتبي على المسئولين لو لم يفاجئني صوت المها وهى تقول الزيارة انتهت ويجب أن تكون قصيرة حفاظا على راحة المرضى لينتابنا الضحك سويا وطبعا قد عرفتم السبب لذلك لا عجب !!