اجراءات اسرائيلية جديدة تستهدف تهجير بدو خربة "بزيق" في الاغوار
علي سمودي - فشلت قوات الاحتلال والمستوطنين في إرغام العائلات البدوية الفلسطينية التي تقيم في خربة "بزيق" الواقعة في الأغوار شمالي طوباس، على إخلاء المنطقة وإزالة مضاربهم وخيامهم رغم كل أساليب الترهيب والضغط التي مارستها بحق المواطنين الذين يعتمدون على تربية المواشي كمصدر معيشتهم الوحيد، فبدأت باستخدام أسلوب جديد للضغط عليهم وفرض مخطط التهجير القسري للسكان وتعزيز السيطرة الإسرائيلية على أراضي سلة فلسطين الغذائية.
وأفاد ممثل الأهالي عماد نصر الله الحروب (35 عاما)، أن الاحتلال عجز طوال السنوات الماضية على إرغامهم على إخلاء الأراضي التي يقيمون فيها منذ عشرات السنوات بموجب عقود واتفاقيات رسمية مع أصحاب الأرض الشرعيين رغم استخدام كل السبل لتضييق الخناق عليهم.
حكم بالإعدام
وفي ظل الصمود والثبات الفلسطيني تعددت ممارسات الاحتلال، وأضاف الحروب " لم تبقى وسيلة إلا ومورست بحقنا وفق مخطط إسرائيلي مبرمج، فتارة حظر علينا التنقل واحتجزنا في ظروف صعبة لإدراكه أهمية تنقلنا لرعاية الماشية، وتارة أخرى أغلق المراعي أمامنا وحدد مناطق تحركنا حتى يرغمنا على ترك المنطقة التي تقع ضمن دائرة الاستهداف الإسرائيلي "، مؤكدا أن حصارهم وإغلاق أراضي المراعي أمامهم يعني الحكم بالإعدام على ماشيتهم وحرب ضد لقمة عيشهم.
إجراءات تعسفية
وتضم أراضي الأغوار مساحات واسعة من الاراضي تصلح لرعاية الماشية، وذكر محافظ طوباس والاغوار الشمالية الدكتور مروان الطوباسي، أن "مراعي الاغوار تتميز بانها صالحة للاستخدام والاستفادة منها بشكل دائم لمتدادها على مساحات واسعةو ورغم المستوطنات والمعسكرات التي اقيمت فان المراعي تشكل بيئة خصبة ومناسبة للبدو والرعاة للاستفادة منها"، مشيرا الى ان المئات من العائلات البدوية تقطن في الاغوار وهي تمارس هذه المهنة للعيش والكسب والتجارة .
ووفق احصائيات وبيانات القسم القانوني في محافظة طوباس، فان الاحتلال واستمرار مخططاته لتهويد اراضي الاغواروالاستيلاءعليها، استهدف المراعي وفرض اجراءات صارمة وسياسات تعسفية ضيقت الخناق على الرعاة والبدو رغم ان غالبيتهم يقيم في المنطقة بشكل دائم مع عائلاتهم، وذكرت انه بين فترة واخرى تتعرض الخرب ومضارب البدو لهجمات متلاحقة هدفها تشريدهم .
خربة البزيق
خربة "البزيق " التي تقيم فيها 35 عائلة في مضارب وخيام وبركسات، تقع على رأس المناطق المستهدفة، ويقول الحروب " جميع العائلات المقيمة في الخربة هي من اللاجئين، وبعد نكبة عام 1948 استقر الاجداد ثم الآباء الذين يعيشون من رعاية الماشية بين جنين والأغوار، وأقمنا تجمع البزيق نسبة للمنطقة الذي أصبح خربة، بسبب اجراءات الاحتلال وسياساته حرمنا من كل التطور وتوفير الخدمات لذلك نقيم في بيوت الشعر وخيام ".
ورغم أن المستوطنات ومعسكرات الجيش التي أقيمت بعد سنوات من تأسيس التجمعات الفلسطينية في الأغوار تنعم بكافة الخدمات، فان الاحتلال رفض طوال العقود الماضية السماح للأهالي بالحصول على المياه والكهرباء والخدمات الرئيسية ، وأضاف الحروب "رغم أننا نقيم في المنطقة منذ عشرات السنوات فان الاحتلال منعنا من تشييد المباني أو الحصول على الخدمات الرئيسية في وقت أقيمت مستوطنات ومعسكرات وجرى تزويدها بكل مقومات الحياة "،وتابع يقول " ما زلنا نشتري المياه بالصهاريج ولا تتوفر كهرباء أو شوارع ،ورغم ذلك ما زلنا نصر على الحياة للحفاظ على مهنتنا التي تشكل مصدر عيشنا الوحيد وسنبقى متمسكين بالأرض وبرعاية الماشية".
التدريبات العسكرية
وإمعانا في سياساتها، لجأت سلطات الاحتلال لاستخدام أسلوب التدريبات العسكرية التي في إطارها جرى إغلاق المنطقة وإعلانها عسكرية، وقال المحافظ طوباسي : " تتعمد قوات الاحتلال تنفيذ المناورات والتدريبات العسكرية بالذخيرة الحية بشكل مستمر ومتواصل بمحاذاة التجمعات الفلسطينية وخرب الاغوار في اطار محاولاتها للتضيق على الاهالي وفرض الترحيل القسري، فالتدريبات تستمر لايام ولها تأثير خطير على رعاية الماشية "، واضاف الحروب : " في كثير من الايام كنا نعيش حظر تجول غير معلن، لان القوات الاسرائيلية تنتشر في كل مكان حولنا وتحظر علينا الحركة، واصلا لا يمكننا التنقل من الخوف والقلق من اثار التدريبات ومخلفات الجيش الذي يتعمد تنفيذ التدريبات باراضينا وحولها، وهذه السياسة تعتبر الاخطر لاننا بحاجة لرعاية الماشية بشكل دائم ".
الاجراء الجديد
ولان التدريبات لم تؤثر على الاهالي الذين قرروا الصمود وتحمل كل الصعاب والظروف القاسية، اتبعت سلطات الاحتلال اسلوبا جديدا، وذكر الحروب، ان قوات اسرائيلية معززة داهمت قبل ايام المنطقة وسلمت عدد من المواطنين اخطارات طالبتهم فيها اثبات ملكية الارض بالقواشين والاوراق الرسمية، مهددين بترحيلهم خلال ايام اذا لم يثبتوا ذلك، واضاف : " سلطات الاحتلال مارست قبل عام الاسلوب نفسه وسلمتنا اخطارات للترحيل خلال 72 ساعة وكسبنا المعركة بعدما تولت الدائرة القانونية في محافظة طوباس القضية وفشل الاحتلال".
الحروب الذي حصل على اخطار، قال: "فوجئنا بتكرار المحاولة رغم ان الاحتلال يدرك جيدا انها اراضي فلسطينية وهي مملوكة لعائلات من طوباس بموجب مستندات ووثائق رسمية لذلك توجهنا فورا لمحافظ طوباس لمتابعة القضية".
وشملت الاخطارات كل من موسى احمد الحروب، نائل خليل حروب عماد نصر الله الحروب واخوانه عادل وعبد الكريم وعلي، وقعدان محمود سالم ابوزهو وشقيقه طاهر، وهايل محمود حسين تركمان وشقيقه تركي، ومحمد علي محمود نصر الله، وامجد محمد اسعد الحروب، واحمد سالم الغبية، وخليل محمد عوض الحروب، ومحمد فايز احمد نغنغية واخوانه زاهي ونزيه واحمد. وبحسب الحروب، حولت سلطات الاحتلال المواطنين المذكورين لمحكمة (بيت ايل) لعقد جلسة عاجلة للنظر في كافة الاثباتات والقواشين واصدار القرار النهائي.
وشرعت الدائرة القانونية في محافظة طوباس في الاجراءات القانونية للتصدي لهذا المخطط الجديد، واعتبر المحافظ طوباسي أن "كل البينات والوثائق تدحض المزاعم الاسرائيلية وتؤكد ان اراضي الخربة فلسطينية ويملك اصحابها قواشين واوراق رسمية"، واضاف: "سنستخدم كل السبل لتثبيت حقنا في هذه الارض وحمايتها وافشال المخطط الاسرائيلي".
واضافة للمعركة القانونية، قدم المواطنون شكوى ضد اسرائيل ازاء ما تمارسه من جرائم وممارسات خطيرة في اراضي الاغوار، وشرعت محافظة طوباس باتصالات واسعة النطاق لحث المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الانسان على التحرك والوقوف لجانب الاهالي في هذه المعركة، مؤكدين انهم لن يسمحوا بمصادرة المزيد من الاراضي مهما كان الثمن.
واكد عماد الحروب ممثل خربة البزيق، ان "الاهالي مصممون على الصمود والثبات بأرضهم والتصدي لسياسات الاحتلال، وختم حدثه: "هذه الارض حياتنا ومصدر عزتنا وكرامتنا ولقمة عيشنا وسندافع عنها حتى بأرواحنا ولن نتخلى عنها حتى لو حاصرونا للابد".