هدية من لوز وزعتر: أن "تعود"سائحا إلى فلسطين
الصحافي أيهم السهلي من مخيم اليرموك في سوريا الذي دخل فلسطين على نبض القلب، كما زهرة محمد الـ"عائدة" من مخيم الرشيدية من لبنان، إستشعر العبور إلى فلسطين من على حاجز التفتيش، أشبه بتمرير سكين على جلد الحلم الذي عاشه وهو يكابد معنى أن تكون لاجئا.
الفلسطيني "السهلي" من قرية الشيخ قضاء حيفا وزهره من قرية "مغار الخيط" قضاء صفد، تجرعا مرارة العودة إلى فلسطين كسائحين إلى جانب نحو 100 آخرين من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وسوريا والأردن، بغرض المشاركة في "الملتقى التربوي الثقافي الفلسطيني الخامس" الذي نظمته اللجنة الوطنية للعلوم والتربية والثقافة خلال الفترة ما بين 8 و 18 نيسان الجاري، حيث تنسق اللجنة زيارات سنوية لعدد من فلسطينيي الشتات.
البحث عن الوطن في الوطن
وقال السهلي الصحافي في مجلة "الحرية" أنه جاء يبحث عن الوطن في الوطن، بالرغم من خوفه من أن الشعب الفلسطيني "لم يعد واحدا"؛ لكنه اكتشف أن الشعب الفلسطيني، هنا وفي الشتات لا يزال قادرا على التماسك والمحافظة على روحه الجماعية كشعب مسكون بالحرية وهدف تقرير المصير، مشيرا إلى أن فلسطينيي اليرموك يواظبون على تحمل المعاناة وعلى لهجاتهم وعاداتهم الفلسطينية (و إن كانت بتصنع في بعض الأحيان )، كوسيلة لمواصلة القبض على أحلامهم بالعودة إلى بلادهم، غير أن المفارقة الجارحة التي تجرعها وهم يخضع للتفتيش على "جسر الشيخ حسين" كسائح مشتبها به، أشعرته بالقهر وأججت لديه الحنين إلى عودة "ككل العائدين إلى أوطان أرواحهم".
عائدة الى فلسطين
زهرة محمد التي إستهلت حديثها بالدموع وهي تتحدث عن عودتها كـ"زائرة" إلى فلسطين للمرة الاولى، قالت أن حلما صغيرا تحقق حينما قبلت ترابها، مشيرة إلى أنها بالرغم من عدم دخول فلسطين منذ ولدت "هناك"، تورثت الإنتماء إليها و ستورثه كما كل الفلسطينيين.
بوجع تحدثت زهرة عن طفلة من أقربائها طلبت منها أن تقبل التراب "هنا" وتهديها، عند العودة إلى "هناك"، ما تستطيع حمله من تراب، موضحة في الوقت ذاته أن ظروف حياة الفلسطينيين في لبنان "شديدة السوء وكارثية؛ فأكثر من 72 وظيفة محرمة على الفلسطينيين، وكل مخيم له مدخل واحد مزود بالحراسة لمدة 24 ساعة ويغلق بحسب مزاج القائمين عليه".
وقالت زهرة التي بكت عند وصولها فلسطين كما بكت ذات مرة عند وصولها مكة: "نحن نتعذب هناك يوميا ومن المستحيل نسيان الوطن". في ما قال ناصر التلاوي المقيم وعائلته في مخيم الوحدات وانتظر 44 عاماً ليرى وطنه للمرة الأولى "كان حلمي أن احتفل بعيد ميلادي هنا في فلسطين، وقد تحقق ذلك"، لافتا إلى أن من يعود إلى فلسطين (ولو زائرا) دون أن تغلبه الدموع "فهو بلا شعور".
هدية من لوز وزعتر
ناصر، لاجىء من قرية التل في نابلس، أشار إلى أن طفليه سارة ونشأت أوصياه بهدايا من لوز وزعتر، بينما صارت الطفلة فاطمة العيسى من قرية الخالصة قضاء صفد ( 15 عاما )، وهي واحدة من تحسسوا تراب فلسطين كواقع - صارت أكثر حنقا على حياة اللجوء.