جنين.. في عين الحملة الأمنية
جميل ضبابات
ليس سهلا الوصول إلى ضباط أمن في جنين والاتصال بهم.. فالمدينة التي شهدت مؤخرا أحداثا أمنية متلاحقة حركت السلطة الوطنية بمستوياتها السياسية والأمنية.
ليس هناك، إطلاق نار، وليس ثمة ما يشير إلى عمليات ملاحقة، لكن قائد قوات الأمن راضي عصيدة المنشغل غالبا، يقول: "إن الحملة مستمرة.. نحن اتخذنا قرارا هذه المرة باجتثاث الفلتان وليس معاجلته.. لقد زادت الأمور عن حدها".
ورغم، أن السلطة الوطنية بدأت عمليا بمعالجة الوضع الأمني في الضفة الغربية، خلال حملات مكثفة نفذتها في السنوات الماضية في أكثر من مكان.. إلا أن نابلس وجنين كانتا دائما رأس حربة.
وشهدت المدينتان حالات انفلات واسعة في السنوات التي سبقت قيام السلطة بحملة أمنية لإعادة سيطرتها على الأوضاع.
كانت جنين، شهدت خلال الأيام الفائتة حملة اعتقالات تقول السلطة الوطنية إنها تستهدف خارجين عن القانون، مطلوبين لقوات الأمن.
جنين، المدينة التي تقع في شمال الضفة الغربية، وتمتد حدودها مع الخط الأخضر، شهدت خلال سنين الانتفاضة أحداثا دموية، فالإسرائيليون أعادوا احتلالها وقتلوا فيها وفي المخيم الذي يقع في قلبها عشرات الشبان خلال معارك هي الأعنف في الانتفاضة الثانية.
لكن مسألة الأمن الآن تشغل المنطقة برمتها.
واقفا أمام محل لبيع الدمى في شارع طلال التجاري، قال أحمد تركمان، "نريد أمنا، نعم نريد أمنا، لكن نريده مقترنا باستمرارية وعدل".
ويقول سكان من المدينة، إنه لا جدوى من أي عملية أمنية تشنها قوات الأمن، من دون استمرارية. "لا نريد أن يعمل الأمن أسبوعا أو أسبوعين ويتوقف (...) نريد أن يعمل دائما. نريد شيئا على أرض الواقع"، قال تركمان.
وأضاف، "أنا أريد أن أعرف الحقائق، من يطلق النار؟ كنت جالسا أمام بيتي وسمعت إطلاق نار. هذا لا يطاق".
وعمليا، بدأت العملية الأمنية في جنين، بعد إطلاق النار على منزل المحافظ السابق قدورة موسى الذي توفي الأسبوع الماضي نتيجة جلطة قلبية أصيب بها بعد إطلاق النار على منزله من جبل مقابل".
وقال محافظ جنين الجديد اللواء طلال دويكات لوكالة "وفا": "لدينا قرار من أعلى مستوى سياسي لفرض الأمن والقانون. هذه قضية لا يمكن القفز عنها".
وتبدو قضية إطلاق النار على منزل المحافظ موسى، المحفز الذي دفع المستوى السياسي والأمني للتشدد في تنفيذ الحملة الأمنية.
وتظهر في شوارع المدينة سيارات عسكرية تتجول كالمعتاد. لكن ليس الكل راضيا عن الحملات الأمنية. فهناك من قال إنه غير راض.
وقال اللواء دويكات، "متوقع أن تكون هناك احتجاجات، لكن نحن سنمضي بإجراءاتنا، وسنلقي القبض على أي خارج عن القانون. هناك قرار سياسي بهذا".
وقال سكان من المدينة، إن هناك نسوة تظاهرن احتجاجا عن احتجاز الآمن لأبنائهن وأزواجهن، لكن العميد عصيدة قال، إن النسوة تظاهرن على خلفية "توقيفنا لأفراد يعملون في الأجهزة الأمنية متورطين في قضايا فلتان".
وردا على سؤال إذا ما كانت السلطة فقدت جزءا من هيبتها في جنين قال اللواء دويكات، "لا. لم تفقد السلطة هيبتها. معالجة هذه الظواهر مستمرة منذ سنوات. نحن نستكمل إجراءات سابقة".
لكن يبدو أن العملية الأمنية التي يجري خلالها اعتقال وتوقيف مطلوبين تركز أيضا على حائزي الأسلحة. قال العميد عصيدة، "إن بعض المناطق في جنين أصبحت ممرا لتجار الأسلحة".
"هناك أسلحة لا بأس بها وهذا مؤشر خطير. ونحن ذاهبون باتجاه تثبيت الأمن". وتساءل: "أريد أن أعرف ما هو مشروع "الطخيخة". ما هو هذا المشروع؟ جنين كانت نموذجا أمنيا جيدا".
وشهدت جنين خلال السنتين الماضيتين انتعاشا في الحركة الاقتصادية. وهناك خشية من أن أي تضعضع في الحالة الأمنية يمكن أن يؤثر على دوران عجلة الاقتصاد.
وقال المحافظ دويكات، "نريدها محافظة جاذبة للاستثمار". وشهدت المدينة خلال السنتين الماضيتين تشغيل عدد من المصالح التجارية.
وقال تركمان الذي يسكن في المخيم، "وصلنا إلى نقطة جيدة تحسن فيها الاقتصاد. نريد الاستمرار وتوفير الأمن والعدل أيضا".
وقال متسوق رفض الكشف عن اسمه، "نريد من الأمن أن يعالج ويكشف عن كل القضايا. هناك قضايا سابقة لم نعرف ماذا حل بها".
وقال حاتم جرار وهو رئيس بلدية سابق، "هناك عدم رضى عن إطلاق النار على منزل المحافظ. إذا خسرنا الأمن سنخسر كل شيء. نحن بحاجة إلى الأمان".
وليس معروفا تحديدا عدد الأشخاص الذين أوقفتهم الأجهزة الأمنية، لكن المحافظ رفض إعطاء تفاصيل حول الأعداد.
وقال طارق الحاج محمود من مؤسسة الحق، "نحن مع تطبيق القانون. لكن نحن نطالب بأن يكون هناك احترام للكرامة الإنسانية خلال الحملات الأمنية".
وأضاف، "نحن نرصد ونتابع. هناك بعض الملاحظات حول عدم إبراز مذكرات التفتيش والاحتجاز أحيانا. لكن لم تسجل أي حالة استخدم فيها الأمن القوة أو العنف خلال العملية".