ذاكرة من عطر..
جميل ضبابات
كان محمد حرب يقيم في بيت مبني في ارض تقارب مساحة المخيم الذي يعيش الآن..لكن الرجل مثله مثل ملايين اللاجئين الفلسطينيين يقول انه لم يعد يملك من قريته إلا رائحتها.
وحرب (75 عاما) عاش السنوات العشرة الأولى من عمره في قرية مسكة في الشريط الساحلي لفلسطين التاريخية غرب طولكرم.
وهي القرية التي حملت اسمها من رائحة زهر البرتقال الذي اشتهر الفلسطينيون بزراعته في المناطق الساحلية التي هجروا منها خلال العام 1948، عام النكبة.
في زقاق ضيق لا يتجاوز عرضه المتر الواحد في مخيم بلاطة الملاصق لمدينة نابلس بالضفة الغربية، يمكن أن يروي الرجل، جيدا، ما هو اللجوء.
انه محض ذكرى رائحة. رائحة وطن عمرها 64 عاما.
فالجيل الأول، من ملايين اللاجئين الفلسطيين مازال يحتفظ بتلك الصورة التي يحملونها منذ هجروا من منازلهم وقراهم. صورة القرية بكرومها وبساتينها ورائحة مزروعات حقولها.
"كانت تنتج عطور. البيارات والحقول والبقدونس" قال حرب واصفا قريته.وفي المنزل الصغير الواقع في مركز مخيم بلاطة كبرى مخيمات نابلس الأربعة يعيش الآن الجيل الرابع من العائلة التي تشتت بعد النكبة.
"كانت قطعة من الجنة. في كل موسم نزرع القمح والبطيخ والفقوس. كان عندنا بيارات البرتقال التي تفوح منها رائحة المسك. ويعيش حرب في بيت ضيق يمكن الوصول إليه عبر الزقاق الضيق من اتجاهين.
ومسكة تعرضت فقط بعد عامين من تهجير أهلها، إلى تجريف كامل، وسويت منازلها وقبور موتاها بالأرض، وظلت مدرستها قائمة حتى عام 2006 قبل ان تهدمها الجرافات الإسرائيلية.
"كان هناك وادي اختفى(....)وأيضا اختفت التلة.والشارع الذي كانت السيارات تمر منه لم يعد موجودا.غيروا كل شيء ونسفوا الأرض كلها".
وتشير البيانات الموثقة إلى أن الإسرائيليين قد سيطروا خلال مرحلة النكبة على 774 قرية ومدينة، وقاموا بتدمير 531 قرية ومدينة فلسطينية، كما اقترفت القوات الإسرائيلية أكثر من 70 مذبحة ومجزرة بحق الفلسطينيين وأدت إلى استشهاد ما يزيد عن 15 ألف فلسطيني خلال فترة النكبة.
ويحيي الفلسطينيون في الشتات والوطن يوم غد الذكرى السنوية للنكبة. وذاته حرب ينشط هذا العام ليتحدث عم قريته في النوادي والتجمعات التي تحيي النكبة.
في سوق المخيم الرئيس يمكن الالتقاء مع أجيال مختلفة ولدت وعاشت هنا بعد النكبة. سكان جاءوا من قرى وبلدات الآن لم يعد منها الا اسمها. وقد يبرز احدهم مفتاحا كبيرا لبيت لم يعد موجود.
وتضاعف عدد الفلسطينيين بعد 64 عاما على النكبة، وفق معطيات نشرها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، ثماني مرات.
وأظهرت المعطيات الإحصائية أن عدد الفلسطينيين في العالم بلغ حوالي 11.2 مليون نسمة، منهم 4.2 مليون نسمة في الأرض الفلسطينية، 1.37 مليون نسمة في أراضي عام 1948، في نهاية العام 2011.
وفيما يتعلق بعدد الفلسطينيين المقيمين حاليا في فلسطين التاريخية (ما بين النهر والبحر) فإن البيانات تشير إلى أن عددهم قد بلغ في نهاية عام 2011 حوالي 5.6 مليون نسمة، ومن المتوقع أن يبلغ عددهم نحو 7.2 مليون وذلك بحلول نهاية عام 2020، وذلك فيما لو بقيت معدلات النمو السائدة حاليا.
فقد عبرت أحداث نكبة فلسطين وما تلاها من تهجير حتى احتلال ما تبقى من أراضي فلسطين في عام 1967 عن مأساة كبرى للشعب الفلسطيني، وتشريد نحو 800 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة، فضلا عن تهجير الآلاف من الفلسطينيين عن ديارهم رغم بقائهم داخل نطاق الأراضي التي أخضعت لسيطرة إسرائيل، وذلك من أصل 1.4 مليون فلسطيني كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية عام 1948 في 1,300 قرية ومدينة فلسطينية.
حرب ذاته الذي كان في العاشرة عندما هجرت عائلته، يمكن ان يروى تماما كم كان طول سنبلة القمح في الأيام التي سبقت يوم التهجير." كان القمح غزيرا. كنا نمشي في الحقول ونغرق في السبل".
وبيت حرب كان قائما وسط بيارات وحقول خضراء على طول السنة"يمكن ان تسكن فيه عشرين عائلة. كان بيتنا جميلا وله سقف قرميد".
وتظهر المعطيات الإحصائية أن نسبة اللاجئين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية تشكل ما نسبته 44.1% من مجمل السكان الفلسطينيين المقيمين في الأرض الفلسطينية نهاية العام 2011، كما بلغ عدد اللاجئين المسجلين لدى وكالة الغوث نهاية عام 2011، حوالي 5.1 مليون لاجئ فلسطيني، يشكلون ما نسبته 45.6% من مجمل السكان الفلسطينيين في العالم، يتوزعون بواقع 59.1% في كل من الأردن وسوريا ولبنان، و17.1% في الضفة الغربية، و23.8% في قطاع غزة.
ويعيش حوالي 29.0% من اللاجئين الفلسطينيين في 58 مخيما تتوزع بواقع 10 مخيمات في الأردن، و9 مخيمات في سوريا، و12 مخيماً في لبنان، و19 مخيماً في الضفة الغربية، و8 مخيمات في قطاع غزة.
وفي مخيم بلاطة مثل حرب كثيرين يمكنهم ان يختصروا رواية اللجوء باحساس عميق" رائحة فلسطين تسري في عروقي. تسري في دمي. هناك قبر جدي".
كان محمد حرب يقيم في بيت مبني في ارض تقارب مساحة المخيم الذي يعيش الآن..لكن الرجل مثله مثل ملايين اللاجئين الفلسطينيين يقول انه لم يعد يملك من قريته إلا رائحتها.
وحرب (75 عاما) عاش السنوات العشرة الأولى من عمره في قرية مسكة في الشريط الساحلي لفلسطين التاريخية غرب طولكرم.
وهي القرية التي حملت اسمها من رائحة زهر البرتقال الذي اشتهر الفلسطينيون بزراعته في المناطق الساحلية التي هجروا منها خلال العام 1948، عام النكبة.
في زقاق ضيق لا يتجاوز عرضه المتر الواحد في مخيم بلاطة الملاصق لمدينة نابلس بالضفة الغربية، يمكن أن يروي الرجل، جيدا، ما هو اللجوء.
انه محض ذكرى رائحة. رائحة وطن عمرها 64 عاما.
فالجيل الأول، من ملايين اللاجئين الفلسطيين مازال يحتفظ بتلك الصورة التي يحملونها منذ هجروا من منازلهم وقراهم. صورة القرية بكرومها وبساتينها ورائحة مزروعات حقولها.
"كانت تنتج عطور. البيارات والحقول والبقدونس" قال حرب واصفا قريته.وفي المنزل الصغير الواقع في مركز مخيم بلاطة كبرى مخيمات نابلس الأربعة يعيش الآن الجيل الرابع من العائلة التي تشتت بعد النكبة.
"كانت قطعة من الجنة. في كل موسم نزرع القمح والبطيخ والفقوس. كان عندنا بيارات البرتقال التي تفوح منها رائحة المسك. ويعيش حرب في بيت ضيق يمكن الوصول إليه عبر الزقاق الضيق من اتجاهين.
ومسكة تعرضت فقط بعد عامين من تهجير أهلها، إلى تجريف كامل، وسويت منازلها وقبور موتاها بالأرض، وظلت مدرستها قائمة حتى عام 2006 قبل ان تهدمها الجرافات الإسرائيلية.
"كان هناك وادي اختفى(....)وأيضا اختفت التلة.والشارع الذي كانت السيارات تمر منه لم يعد موجودا.غيروا كل شيء ونسفوا الأرض كلها".
وتشير البيانات الموثقة إلى أن الإسرائيليين قد سيطروا خلال مرحلة النكبة على 774 قرية ومدينة، وقاموا بتدمير 531 قرية ومدينة فلسطينية، كما اقترفت القوات الإسرائيلية أكثر من 70 مذبحة ومجزرة بحق الفلسطينيين وأدت إلى استشهاد ما يزيد عن 15 ألف فلسطيني خلال فترة النكبة.
ويحيي الفلسطينيون في الشتات والوطن يوم غد الذكرى السنوية للنكبة. وذاته حرب ينشط هذا العام ليتحدث عم قريته في النوادي والتجمعات التي تحيي النكبة.
في سوق المخيم الرئيس يمكن الالتقاء مع أجيال مختلفة ولدت وعاشت هنا بعد النكبة. سكان جاءوا من قرى وبلدات الآن لم يعد منها الا اسمها. وقد يبرز احدهم مفتاحا كبيرا لبيت لم يعد موجود.
وتضاعف عدد الفلسطينيين بعد 64 عاما على النكبة، وفق معطيات نشرها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، ثماني مرات.
وأظهرت المعطيات الإحصائية أن عدد الفلسطينيين في العالم بلغ حوالي 11.2 مليون نسمة، منهم 4.2 مليون نسمة في الأرض الفلسطينية، 1.37 مليون نسمة في أراضي عام 1948، في نهاية العام 2011.
وفيما يتعلق بعدد الفلسطينيين المقيمين حاليا في فلسطين التاريخية (ما بين النهر والبحر) فإن البيانات تشير إلى أن عددهم قد بلغ في نهاية عام 2011 حوالي 5.6 مليون نسمة، ومن المتوقع أن يبلغ عددهم نحو 7.2 مليون وذلك بحلول نهاية عام 2020، وذلك فيما لو بقيت معدلات النمو السائدة حاليا.
فقد عبرت أحداث نكبة فلسطين وما تلاها من تهجير حتى احتلال ما تبقى من أراضي فلسطين في عام 1967 عن مأساة كبرى للشعب الفلسطيني، وتشريد نحو 800 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة، فضلا عن تهجير الآلاف من الفلسطينيين عن ديارهم رغم بقائهم داخل نطاق الأراضي التي أخضعت لسيطرة إسرائيل، وذلك من أصل 1.4 مليون فلسطيني كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية عام 1948 في 1,300 قرية ومدينة فلسطينية.
حرب ذاته الذي كان في العاشرة عندما هجرت عائلته، يمكن ان يروى تماما كم كان طول سنبلة القمح في الأيام التي سبقت يوم التهجير." كان القمح غزيرا. كنا نمشي في الحقول ونغرق في السبل".
وبيت حرب كان قائما وسط بيارات وحقول خضراء على طول السنة"يمكن ان تسكن فيه عشرين عائلة. كان بيتنا جميلا وله سقف قرميد".
وتظهر المعطيات الإحصائية أن نسبة اللاجئين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية تشكل ما نسبته 44.1% من مجمل السكان الفلسطينيين المقيمين في الأرض الفلسطينية نهاية العام 2011، كما بلغ عدد اللاجئين المسجلين لدى وكالة الغوث نهاية عام 2011، حوالي 5.1 مليون لاجئ فلسطيني، يشكلون ما نسبته 45.6% من مجمل السكان الفلسطينيين في العالم، يتوزعون بواقع 59.1% في كل من الأردن وسوريا ولبنان، و17.1% في الضفة الغربية، و23.8% في قطاع غزة.
ويعيش حوالي 29.0% من اللاجئين الفلسطينيين في 58 مخيما تتوزع بواقع 10 مخيمات في الأردن، و9 مخيمات في سوريا، و12 مخيماً في لبنان، و19 مخيماً في الضفة الغربية، و8 مخيمات في قطاع غزة.
وفي مخيم بلاطة مثل حرب كثيرين يمكنهم ان يختصروا رواية اللجوء باحساس عميق" رائحة فلسطين تسري في عروقي. تسري في دمي. هناك قبر جدي".